في أسبوعٍ كان جلّه مخصصاً للرئيس السوري بشار الأسد في مقابلات خاصة مع الإعلام الروسي، شرح فيها تطورات المرحلة والتطورات اللاحقة من الناحيتين السياسية والإقتصادية.
من المسؤول عن إحياء تنظيم داعش مجدداً؟
تكررت في الآونة الأخيرة هجمات تنظيم داعش في منطقة البادية المتاخمة لمنطقة التنف التي توجد فيها قاعدة عسكرية أمريكية، ما يفسر طبيعة الهجمات المنطلقة من المثلث الحدود السوري – العراقي – الأردني بإتجاه مواقع الجيش السوري، ولكن على الرغم من عدم تحقيق أي هدف للتنظيم كإحداث خرق ميداني ما، بسبب صد القوات السورية المسلحة لتلك الهجمات، هذا يدفع للإعتقاد بأن الولايات المتحدة تحاول خلط الأوراق مجدداً، رداً على العملية العسكرية الروسية الأخيرة والتي كان هدفها تنظيف جيوب البادية والمنطقة المحيطة من فلول داعش.
فلقد نفذ التنظيم هجوماً باتجاه مواقع الجيش السوري على محاور بلدات تقع بأقصى ريف حماة الشرقي، وشهدت المنطقة هجوماً عنيفاً ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من المسلحين، وانسحاب من تبقى منهم باتجاه عمق بادية حماة المتصلة جغرافياً مع باديتي الرقة وحمص، وما ساعد على إنهاء الهجوم وحسمه لصالح الجيش السوري هو تنفيذ الطيران الحربي السوري عدة غارات باتجاه خطوط إمداد المسلحين وآلياتهم المنسحبة باتجاه منطقة التنف ببادية حمص الشرقية.
الجديد في هذه الهجمات، أن عناصر داعش تعمل على إحياء مبدأ المفخخات وإحراق المنازل وقتل المدنيين وسرقة المحاصيل، والرابط في الهجمات الأخيرة جميعها أن نقطة إنطلاقها من منطقة التنف الواقعة تحت سيطرة القوات الأمريكية.
هل تخلت واشنطن عن قسد؟
كثرت الإستهدافات في الآونة الأخيرة على قوات سوريا الديمقراطية – قسد المدعومة من القوات الأمريكية، فلقد قتل من عناصر التنظيم مؤخراً 11 عنصراً مؤخراً، إضافة إلى جرح العشرات، جراء إستهدافات متفرقة في الجزيرة السورية، شمال شرق سوريا، على الرغم من الدور الوظيفي الذي تقوم به قسد بحق المدنيين من اعتقالات تعسفية وتجنيد إجباري، ولعل الأخطر إقتياد شبان من الرقة ودير الزور إلى جهات مجهولة، الأمر الذي زاد من تنظيم صفوف المقاومة الشعبية التي لم تبصر النور حتى اللحظة بشكل فعلي، لكنها لم تتوقف عن مواجهتهم وإعطاب آلياتهم وقتل عناصرهم، إضافة إلى كتابات على الجدران في مناطق سيطرة قسد ومما جاء فيها: “سوريا موحدة.. الجيش العربي السوري قادم… اخرج من بلادنا يا أميركي ويا أكراد”، في إشارة إلى أن الأكراد هنا هم قسد تحديداً والمنضوين تحت إمرتهم.
اللافت في هذه الهجمات وإن تدخلت القوات الأمريكية إلى جانب قسد، يقوم التحالف الدولي بالطيران وعلى علو منخفض كنوع من التلويح بقصف أهداف مدنية، لكن لم تحصل بعد، فهذا التصعيد ليس بصالح القوات الأمريكية عن بدأت المقاومة بإصطياد الأمريكيين إلى جانب قسد، فرغم جبروت القوات الأمريكية لكنهم لن يقوموا بأي دور تصعيدي يجعلهم في مرمى النار، خاصة وأن تنفيذ مثل هذه العمليات لا يمكن لأعتى جيوش العالم التعامل معه وصده، لإعتماده على مبدأ حرب الشوارع والتخفي، كما في صد أي إستعمار حول العالم والذي ولد ثوريين إنتهجوا هذا الأسلوب.
لماذا خصص الرئيس السوري مقابلاته للإعلام الروسي؟
تعددت وسائل الإعلام الروسية التي أجرت مقابلات مع الرئيس السوري بشار الأسد مؤخراً، في رسالة واضحة تريد سوريا منها، أن يسمع الغرب طبيعة مجريات الأحداث الحاصلة، ودور الولايات المتحدة الأمريكية وممارساتها التي تشبه قطاع الطرق بحسب وصف الرئيس الأسد، عقب تبجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مسألة إغتيال الأسد، من دولة لا تحترم نفسها كفوة عظمى تطلق تصريحاً يتنافى وكل الشرائع الدولية المتفق عليها حول العالم.
المقابلات أيضاً ركزت على الجانب الروسي والإيراني ودوريهما في المساعدة بالحرب على الإرهاب، حيث أكد الرئيس الأسد أن دور روسيا فاعلاً ومؤثراً في تغيير الواقع الميداني لصالح الدولة السورية، فضلاً عن دورها في العملية السياسية، ومنوهاً إلى أنه لا يوجد قوات إيرانية على الأرض إلا خبراء عسكريين لا يشاركون ولم يشاركوا في أية معارك حصلت.
ولفت الرئيس الأسد أن عملية إعادة الإعمار تحتاج إلى أرضية خالية من الإرهاب، وطالما هناك محتلين وجيوباً إرهابية، فالحرب السورية لم تنتهِ بعد، خاصة وأنه أشار إلى أنه إذ لم تخرج القوات الأمريكية والتركية من البلاد، فمسألة المقاومة الشعبية هي التي ستتكفل بذلك، وهذا بحد ذاته تلويح لطبيعة المرحلة القادمة خاصة لمنطقة الشرق السوري، في ضوء التشديد الأمريكي في مسألة العقوبات الاقتصادية.
من هنا، إن كلام الرئيس الأسد واضح بأن الشريكين الرئيسيين سيكونان شركاء في الوضع الاقتصادي إلى جانب الأوضاع السياسية والميدانية، ومسألة إعادة الإعمار مرتبطة بقدرة الحلفاء مع القيادة السورية التنسيق بما يحقق مرحلة لاحقة تتسم بالأمن وبدء قطاف دوران العجلة الاقتصادية بشراكة حقيقية إستراتيجية، تكون أرباح سوريا والحلفاء دائمة، على عكس القوى المحتلة التي تعتمد الربح الآني، الذي لن يحقق لها أية مكاسب على المدى الطويل كما تعتقد رغم القوة التي تتمتع بها.
فريق عمل “رياليست”.