إن التطورات المتسارعة في سوريا كثيرة، ونشطة جداً خاصة في الشرق السوري، لا يبدو أن الأمور تتجه نحو الحل أيضاً، خاصة لجهة نشاط متزايد من الجانب الأمريكي بعد إدخال شركات نفط أمريكية تعاقدت مع قوات سوريا الديمقراطية – قسد لبيع النفط السوري، وسط مظاهرات يومية غاضبة من عرب الجزيرة السورية خاصة لجهة التمييز والحرمان اللتين يعانيان بسببهما.
الحلم المستحيل
علم موقع المونيتور الأمريكي، أن الولايات المتحدة الأمريكية عادت لتلعب على وتر تشجيع الإنفصال لإقليم كردستان عن الدولة العراقية، وذكرت مصادر أهلية في جبل قنديل عن وجود أجانب يعاينون المناطق خاصة تلك التي تعرضت للقصف من قبل التحالف الدولي، حيث أن واشنطن رسمت لهم الحلم وربطته بأجزاء من الشرق السوري، ما يبرر تصرفات قسد الأخيرة، التي تعيث فساداً وخراباً في شرق الفرات.
فلقد قامت قوات قسد مؤخراً، بسرقة محتويات مبنى الشركة العامة للكهرباء بمحافظة الحسكة، بما فيها الأثاث وأخذتها إلى جهة مجهولة، يأتي ذلك بعد أن إستولت على بناء صوامع الحبوب بقوة السلاح وطرد الموظفين منه بالقوة.
فلقد أصبح الوجود الأمريكي في الشرق السوري، ودعمه لقسد، عاملاً ضاغطاً لأي حل مرتقب، لا بل نسف أي مستقبل لإمكانية صياغة حوار بين أطراف النزاع، بعد أن شجعت الحلم المستحيل لقسد ومن هذا الباب بدأت تستغل الظروف لصالح إفشال أي حلول مستقبلية.
مظاهرات غير مسبوقة
تتواصل الإنتفاضة الشعبية في منطقة شرق الفرات على خلفية إغتيال شيوخ عشائر سورية في منطقة الجزيرة، إضافة إلى إطباق الحصار على قراهم وبلداتهم من جانب قسد المدعومة من القوات الأمريكية، فقد نصبت قسد حواجز لها داخل تلك القرى والبلدات إضافة إلى إعتقال العشرات من السكان المدنيين.
لم يكن الإغتيال وحده هو سبب الإنتفاضة الشعبية، فلقد ثار الشعب أيضاً بسبب توقيع اتفاق بين قسد وشركة أمريكية لسرقة النفط السوري، فلقد بدأت التظاهرات بقرى وبلدات بريف دير الزور، وتطورت الى اشتباكات بعد محاولة التنظيم قمعها بالرصاص الحي، إلا أن الاشتباكات أسفرت عن سيطرة الأهالي على عدد من المواقع التي تتخذها جماعة قسد مقرات لها وقتل وأسر عدد من عناصرها.
وأكدت مصادر محلية أن قرى وبلدات عديدة تشهد حالة من الغضب الشعبي ضد قسد التي قامت بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، في حين تمكن الأهالي المنتفضون من السيطرة على أسلحة وسيارات لها، وأسر عدد من عناصرها، وذلك قبل أن تستقدم تعزيزات من مدينة الشدادي وبلدات السوسة والباغوز وحقل العمر الذي يعد المقر الرئيسي للقوات الأمريكية.
مقاومة شعبية
تتصدر الأخبار القادمة من الشرق السوري مشهد الأحداث، التي تطلبت تدخل طيران التحالف الدولي لتهدئتها، بعد أن ثارت الجموع الغاضبة ضد قسد ومطالبة بخروج الاحتلال الأجنبي على حد تعبيرها من مناطقهم، وفي التفاصيل، أن أجج هذه المظاهرة هم أعضاء قبيلة العكيدات بعد أن تمت محاصرة مناطقهم من قبل قسد شرقي محافظة دير الزور، فلم تستطع القوات الأمريكية أو التنظيم ضبطها لتخرج بشكل واسع عن سيطرتهم، الأمر الذي ألزم القوات الأمريكية للإستعانة بقوات التحالف الدولي وفرض حصاراً شاملاً على مداخل ومخارج بلداتهم بعد أكثر من 24 ساعة من مواجهتهم.
هذا ما أكده شيخ مشايخ عشائر طي الشيخ محمد الفارس الطائي، الذي قال إن القوات الأمريكية وقسد لن تستطيعان إعادة عقارب الساعة وإعادة ضبط الأمور كما كانت عليها في السابق، منوهاً إن كانت هذه المظاهرات الآن سليمة، فقد تكون لاحقاً مسلحة والسيناريوهات مفتوحة على كل الإحتمالات، خاصة بعد أن تمتد رقعة الإنتفاضة من دير الزور إلى كل من الحسكة والرقة، وهذا ما تعمل عليه العشائر السورية حالياً، فلقد دعا الشيخ الطائي العشائر جميعاً إلى التحرك ضد الأمريكيين وقسد، مبيناً أنه ليس من حق الأخيرة أن تقوم ببيع النفط السوري الذي هو ملك لسوريا وشعبها وليس ملكا لهم، مبيناً أنهم يحلمون بالإنفصال وهذا لن يتحقق في أرض عربية ليست أرضهم.
الشمال السوري
يستعد الجيش السوري لمعركة تحرير ادلب، التي تنتظر فقط ساعة الصفر لإطلاقها، خاصة في ضوء الخروقات الأخيرة للتنظيمات الإرهابية المسلحة على مواقعهم مؤخراً، ما يعني أن هذه المحاولات تهدف بالدرجة الأولى إلى نسف إتفاق موسكو بين روسيا وتركيا، القاضي بهدنة غير مفعلة، ويأتي ذلك أيضاً، بعد توقف الدوريات الروسية التي طلبت من أنقرة تأمين الطرق الدولية على إعتبارها الضامن للجماعات الإرهابية.
فلقد قامت تركيا مؤخراً بإستبدال عناصر حراس الدين بجبهة النصرة لتلميع صورتهم أمام الرأي العام العالمي، لإشراكهم ضمن ما تسميه المعارضة المسلحة، في وقت تستمر فيه بنقل الإرهابيين من ادلب إلى ليبيا، وهذا الأمر ما إن تتم معركة تحرير ادلب وريفها، من شأنه أن يكون عاملاً مساعداً للجيش السوري في معركته المرتقبة.
أخيراً، إن معركة الشمال السوري، ستكون تمهيداً لإنطلاق معركة تحرير الشرق السوري، خاصة وأن التعزيزات تستقدم إلى مناطق سيطرة القوات السورية في الشرق بالتوازي مع الشمال، خاصة إلى منطقة عين عيسى في ريف الرقة، في وقت تكافح فيه سوريا بسبب الظروف الاقتصادية الضاغطة عليها جراء العقوبات الأمريكية والأوروبية، وتضرر قطاعات كصيرة بما فيها القطاع الصحي، إلا أن العين على الشرق ومن المتوقع أن تخرق المقاومة الشعبية جدار صمت عمره عشر سنوات وتحدث فرقاً خاصة لجهة نسف أحلام قسد التي عولت عليها من أوهام أشبعها بها الأمريكي.
فريق عمل “رياليست”.