يرى الخبير السياسي الهنغاري ميكلوش كيفيخازي، أن مشروع حزام واحد – طريق واحد، الهدف منه، توحيد خط النقل والشرايين التجارية بين أوروبا وآسيا، ومعه تبدأ الحقبة العالمية الجديدة “الحقبة الأوروبية – الآسيوية”، الأمر الذي سيغير تدريجياً النظام العالمي مع مبادئ جديدة تختلف عن سابقتها التي اعتمدت سابقا فقط على القوى البحرية .
تحالف متين
يقول كيفيخازي: “في الفترة الممتدة من 29 إلى 31 تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام، استضافت العاصمة المجرية – بودابست لأول مرة دورة تمهيدية لمنتدى بودابست الأوراسي، حيث ناقش فيه الخبراء الدوليين والهنغاريين كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والإنسانية لهذا التحالف.
بدأت المجر التخطيط لإستضافة هذا المنتدى مع حلول العام عام 2020 سنويا في 30 أكتوبر / تشرين الأول، أثناء وجود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المجر، الذي أولى اهتماما كبيرا لهذا المؤتمر، ولقد اجتمع مع العديد من المشاركين في المنتدى من رجال الدين وأساقفة مسيحيين من الشرق الأوسط.
عصر جديد
افتتح جورجي ماتولسي، رئيس البنك الوطني المجري، الجلسة بقوله: “لقد بدأ عصر القارة الأوراسية، حيث أعطى رؤساء بلدان هذه الوحدة الجغرافية الضخمة دوراً متزايد الأهمية في حياة كوكبنا، وقد أصبح تعاونهم حاسما. بعد “عصر القوى الأطلسية، ويجب علينا أن نركز على مشروع حزام واحد – طريق واحد، لبناء جسر تواصل بين الشرق والغرب، والذي سيعكس بدون أدنى شك إنتعاش إقتصادي كبير للمنطقة والعالم”، وإختتم كلمته بالقول: “إن هذا المشروع سيؤدي إلى تقوية الإتحاد الأوروبي وزيادة قدرته التنافسية”.
أما بيتر سيارتو، وزير خارجية المجر، فلقد صرّح أن بودابست وموسكو تلعبان دورا كبيرا في الحفاظ على مسيحيي الشرق الأوسط وبالأخص روسيا، فلقد كانت دائما الحامية لهذه المجتمعات التي ساعدتهم في بناء الكنائس وحماية الحجاج والمحافظة على التراث المسيحي، وأيضا المجر الذي يأتي إليه مئات اللاجئين من الشرق، إذ يقوم المجر بمساعدتهم وتأمين حياتهم في أوروبا.
وقال رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، في كلمة ألقاها في المنتدى: إن من واجب بودابست وموسكو تقديم المساعدة باستمرار للمسيحيين الذين يجدون أنفسهم في ظروف معيشية صعبة، ومن بعض هذه المساعدات مثلا، تتشارك المجر مع روسيا في ترميم المعابد والمستشفيات.
وأشار العديد من خبراء المنتدى إلى أن فكرة توفير مساحة اقتصادية وسياسية من لشبونة إلى فلاديفوستوك، والتي طرحها الرئيس بوتين في وقت سابق، بدأت تبدو أكثر واقعية في السنوات الأخيرة على خلفية صعود روسيا والصين. إذ أصبح التعاون بين البلدين قاطرة التنمية والانتعاش الاقتصادي للفضاء الأوراسي بأكمله.
نظرية قلب العالم
يقول عالم الجغرافيا الإنكليزي هالفورد جون ماكندر الذي زار روسيا في بداية القرن في العام 1904 ونشر انطباعاته في مقال بعنوان “المحور الجغرافي التاريخي” وقام بصياغة أطروحة حول دور أوراسيا، وفي تلخيص لأطروحته التي كتب فيها أن الدولة تتمتع بموقع جغرافي ملائم، أي ان المنطقة الأوراسية هي قلب العالم وأنها من أهم المناطق من أجل السيطرة على العالم.
ومع بداية العولمة وظهور الصين كقوة اقتصادية كبيرة، بدأ العالم يعطي اهتماما كبيرا لنظرية قلب العالم، بعد أن بدأت الاستثمارات والعلاقات التجارية لدول المنطقة تلعب أدوارا خاصة. كما أن القوى المحددة روسيا وتركيا والصين تنسق الآن فيما بينها وتتعاون اقتصاديا.
ربط القارات
لدى موسكو شركاء موثوقين كالصين وفيتنام وسنغافورة وإندونيسيا وتركيا وصربيا وإيران والمجر والعديد من الدول المشاركة في مشروع حزام واحد – طريق واحد خصوصا بعد موافقة الصين عام 2013 على البرنامج الذي يربط آسيا بأوروبا. يشمل “حزام واحد – طريق واحد” التطوير المشترك للبنية التحتية، والتنمية الاقتصادية الموحدة للمنطقة بأكملها، والعلاقات التجارية لدول أوراسيا، واستراتيجية التنمية المشتركة لـ “التقنيات الخضراء”، والتقنيات الرقمية، والعلوم، والتكنولوجيا، فضلاً عن التعليم والثقافة.
فلقد أصبحت أوراسيا اليوم، تدريجياً من دُعاة التجارة الحرة، على عكس السياسات الأمريكية، يضاف إلى ذلك أن البلدان والمجموعة الأوروبية لديها فرصة تاريخية للإنضمام للمشروع الأوراسي والتحسين من إقتصادها.
ميكلوش كيفيخازي- مستشار سياسي(المجر)، خاص لمركز خبراء “رياليست”