يعاني العراق من أزمة معقدة ذات مستويات متراكمة ومتداخلة، في حين يتكرر المشهد اليومي من مظاهرات وإحتجاجات شعبية، ومواجهة إيرانية – أمريكية على أرضه، مع مهل وضعها المحتجين للإستجابة لمطالبهم تتصاعد وتيرة إندلاع المواجهات بين قوات الأمن العراقية والمحتجين طبقاً لقناة فرانس 24.
لم يتوقف الأمر عن إستمرار الإحتجاجات الغاضبة في العراق والتي إتخذت منحى دموياً في الفترة الأخيرة، بعد هدوء حذر عقب حادثة إغتيال نائب قائد الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، والجنرال الإيراني قاسم سليماني، ما لبثت أن عادت وبقوة كبيرة، حيث حذر فصيل من حزب الله العراقي الرئيس العراقي برهم صالح من لقاءه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال أعمال منتدى دافوس الإقتصادي 2020، في سويسرا، مهددينه بالطرد من العراق، إضافة إلى مطالبات المحتجين بتنفيذ مطالبهم والإسراع بتشكيل الحكومة ومحاكمة الفاسدين ورحيل كافة السياسيين السابقين الذين لم يحققوا شيئاً لمصلحة العراق والشعب العراقي.
على المقلب الآخر، يعمد الشعب العراقي أن يكون قراره مستقلاً وأن ينسحب طرفا الصراع من تصفية حساباتهم في العراق أي إيران والولايات المتحدة الأمريكية، فالتحالفات القائمة مع كلا الجانبين لم تجلب للعراق إلا الإقتتال والتوتر والتصعيد في المنطقة، في إشارة رفض كامل للإنتهاك الأمريكي إبان عملة يالإغتيال مستخدمين الفضاء العراقي، والرد الإيراني ودون موافقة العراق.
يريد الشعب العراقي أن يستقل بقراره ويعود لدوره المحوري الفاعل في المنطقة، وأن يتم كل شيء عبر الحوار والمفاوضات، إلا أن التأخر في تشكيل الحكومة يراه العراقيين أنه لا مبالاة بما يريدون بل ما تريده النخب السياسية الحاكمة في البلاد، وان التلويح بوجود تنظيم داعش وأن الحرب على الإرهاب لم تنته بعد فهذا شأن عراقي داخلي وهي المسؤولة عن إنهاء هذه الظاهرة خاصة وأن داعش لم ينته كما تدعي واشنطن فهو موجود بكثرة شرقي الفرات وعلى الحدود العراقية – السورية.
إذ يبدو أن العراق مصمم على إستمرار الإحتجاجات ومقاومة القوى الأمنية ولن يتوقف حتى تتحقق جميع مطالبه، وأن يتنعم أكبر بلد يتمتع بمخزون نفطي كبير براحة إقتصادية عقب عقود من الحرمان، فهذا حق مشروع ولا يجب إهماله، مع الأخذ بعين الإعتبار أن تبقى التحالفات متينة سواء مع الولايات المتحدة أو إيران أو غيرهما، لكن ضمن إطار أي تحالفات بين أي دولة وأخرى، وعدم التدخل في شؤون العراق الداخلية بشكل حازم، وهذا الأمر يبدأ مع حفظ كرامة العراق وعدم لقاء برهم صالح بترامب بعد إستهداف مواطنين عراقيين في الإعتداء الأخير، الأمر الذي لن يقبل به العراق الحالي.
من هنا، لم يعهد الساسة في المنطقة العربية على تمدد الفوضى والهيستيريا الشعبية إلى ها الحد، فلقد تعودوا وخلال عقود على التحكم بمصائر شعوبهم وتقرير مصيرهم، إلا أن التدخلات الخارجية في شؤون البلاد العربية، فتحت أعين الشعوب العربية خاصة في الدول الغنية بالموارد والفقيرة في الحياة المعيشية، فاليوم سيتغير المشهد العراقي كما السوري كما اللبناني وسيفرض الشعب كلمته ويحقق لأولاده ما حرم هو منه، فعلى البلاد العربية التنبه جيداً من المد الشعبي، وخاصة في العراق الذي عانى في زمن الرئيس الأسبق صدام حسين، ثم الغزو الأمريكي للعراق وبعدها مرحلة داعش كله صاحبه سوء معيشة وأوضاع إقتصادية خانقة، فهل يحقق الشعب العراقي ما يريد أم ستبقى الفوضى سيدة الوضع في العراق.
فريق عمل “رياليست”