تحذيرات عراقية وخشية من اندلاع حرب أهلية، في العراق الذي مزقته الحروب لسنوات طوال، استهدافات مستمرة للمنطقة الخضراء، والبعثات الدبلوماسية تعيش وسط خطرٍ داهم، ودول إقليمية ودولية تتحكم بالقرار العراقي، الأمر الذي شكّل انقسامات كبيرة في النسيج العراقي، وأصبح الولاء لأجندات خارجية على حساب المصلحة العراقية الوطنية.
فما هي الأسباب الحقيقية جراء التنبؤ بمثل هذا السيناريو؟ وهل المخاوف حقيقية بشأن ذلك؟ وهل القادة السياسيين وانقساماتهم سبباً في ذلك؟
لمصلحة مَن جر العراق إلى فوضى الحرب الأهلية؟
لم يعد يخفى على أحد أن الانقسامات الحاصلة في العراق جراء تأثيرات خارجية إقليمية ودوليةـ فهناك قسم متمسك بخروج القوات الأمريكية من العراق، في حين أن القم الآخر لا يرغب بذلك، ويرى باستمرار وجود قوات التحالف الدولي ضرورياً لاستتباب الأمن في الداخل العراقي، فضلاً عن الحضور الإيراني القوي في العراق، ووجود موالين لها من الأحزاب والتيارات التي تشكل نسبة واسعة وكبيرة تستطيع تغيير قواعد الأرض ما إن تأتيها الأوامر.
إن الفوضى العراقية اليوم، من المؤكد أنها لا تخدم هذا البلد، فكلما زاد التناحر، كلما بسطت الدول المسيطرة نفوذها أكثر وأكثر، وبالتالي، ورغم دعوات سحب السلاح المتفلت الذي دعت إليه بعض الأوساط السياسية وبخاصة حكومة مصطفى الكاظمي وحصرها بيد الدولة، إلا أن شيئاً من ذلك لم يتحقق، ما يعني أن كل التيارات الموالية لإيران رفضت تلقائياً هذه الدعوات ولن تسمح بأن يتم تجريدها من سلاحها، كونهم يعتبرون أن الولايات المتحدة هي العدو الرئيس، رغم نفيهم حول أن لا صلة لهم بتلك الاستهدافات التي تطال المنطقة الخضراء، ومحيط السفارة الأمريكية فيها، إلا أن مؤشرات كثيرة تتحدث عن مسؤوليتهم في الهجوم المتكرر وأن لا مصلحة لأحد غيرهم في هذا العمل، وبالتالي العراق اليوم عبارة عن ساحة صراع وإرسال رسائل إيرانية – أمريكية في الداخل العراقي.
تحديات المرحلة
مع عودة تنظيم داعش، وتهديدات محتملة من أكثر من جهة تهدد لاستقرار العراقي غير المستقر أساساً، وتقويض السيادة العراقية جراء الانقسامات كما أشرنا أعلاه، يبدو أن الوجودين الإيراني والأمريكي هما سبب احتدام الفوضى وإن حدثت حرباً أهلية فإنهما المسؤولان عنها بطريقة أو بأخرى، فإيران تحاول البقاء قدر الإمكان في العراق لتأمين مصادر الدخل البديل لتحسين اقتصادها جراء العقوبات الأمريكية والغربية الشديدة عليها، من خلال سيطرتها على كثير من المنافذ التي تؤمن لها مداخيل قوية، كما أنها مسيطرة على جزء واسع من الإعلام العراقي، وتعي واشنطن هذه الأمور، وتعمل على ضربها، لكن العراق كدولة كبيرة جغرافياً ومتنوعة دينياً وعرقياً، من الصعب السيطرة على أي قرار فيها، لكن الحقيقة المؤكدة أن أمريكا ستعمل على الحد من النفوذ الإيراني قدر المستطاع، لكن إلى الآن لم تنجح، وبالتالي، ما لم يتوحد القرار العراقي لن يحقق أمنه أو استقراره المنشود، وسيبقى ساحة صراع دائمة، على خلفيات اقتصادية ومذهبية، فهناك اليوم تهديدات حقيقية تتعرض لها الحكومة العراقية وارتفاع في حدة الخطاب بين حكومة الكاظمي وقادة بعض التيارات الموالية لطهران الذين وصل بهم الأمر حد تهديد الكاظمي بالاعتداء عليه علنا، وقالت له: “لا تختبر صبرنا”، طبقاً للمعلومات.
أخيراً، إن المنطقة تقبع على صفيح ساخن، قد تشتعل في أية لحظة، لكن هذا لا ينفي أنها الآن مشتعلة لكن ليس بالقدر الموسع، وبالتالي، احتمال اندلاع حرب لا يزال قائماً، فضبط النفس مطلوب في الوقت الحاضر، والتهدئة مطلوبة وهذا الأمر مرتبط بتهيئة الأجواء لتحقيق ذلك من خلال وقف التدخل الإيراني عربياً، فما إن يتحقق هذا الأمر حتى تتوقف واشنطن هي الأخرى، فلا أحد مستفيد والخسارة الكبرى لن تطال إلا الدول العربية، التي لا تزال تعاني من ظروف لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، فإن لم يكن سيناريو الحرب من بين الخيارات المتاحة، فحتماً شرارة الحرب الأهلية باتت أرضيتها جاهزة ولا تحتاج لساعة صفر لإطلاقها، لأنها علمياً بدأت لكن الخوف من توسعها ما قد يسبب شللاً للبلاد.
فريق عمل “رياليست”.