باريس – (رياليست عربي): بين الحين والآخر يخرج على مليونيرات هذا الزمن، من أصحاب رؤوس الأموال والأعمال، وعلى رأسهم ايلون ماسك، وبيل غيتس، ومنذ تفرغ الأخير لإدارة شؤون مؤسساته الخيرية، وتأليف عدد من الكتب، وكتابة الأبحاث وإلقاء المحاضرات، والمشاركة في المؤتمرات والندوات ودوائر الحوار والنقاشات العالمية، خاصةً التي تتعلق بقضايا المناخ والأمراض والفيروسات، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
![](https://arabic.realtribune.ru/img/uploads/2022/09/بيل-غيتس-1024x576.jpg)
ومؤخراً تناول غيتس تقرير صادر عن مؤسسة بحثية في المحاصيل الزراعية، تحت عنوان: “حراس المرمى” والذي يستعرض أسباب مشكلة الغذاء والجوع التي تتعرض لها كثير من دول العالم، خاصة في القارة الأفريقية، وبعض الدول الآسيوية، وقد تناول التقرير ما يلي:
تُظهر الحرب في أوكرانيا أنه لا يمكن حل مشكلة الجوع بالمساعدات الإنسانية وحدها، المطلوب استثمارات في مجال البحث والتطوير الزراعي.
ففي فبراير الماضي، أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى توقف تدفق الحبوب من أوروبا إلى إفريقيا، مما تسبب في أزمة إنسانية أخرى لمرة أخرى في القارة، حيث اعتمدت أربع عشرة دولة أفريقية منذ عقود على أوكرانيا وروسيا للحصول على نصف قمحها.
والآن، تم إلغاء كثير من هذه الشحنات، وأدت صدمة نقص العرض إلى ارتفاع سعر القمح إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاماً، ومن ثم بدأت الأسعار في النهاية في الانخفاض في شهر مايو، ولكن أثناء ذلك، كانت هناك أسباب لهذه المجاعة، حيث دق قادة العالم جرس الإنذار، مطالبين بتدفق المساعدات – الأموال والأطعمة التي سيتم شحنها إلى موانئ جنوب الصحراء على الفور.
حتى قبل الحرب في أوكرانيا، كانت المساعدات الغذائية في ارتفاع وتصاعد بشكل كبير، ومن المتوقع أن تستمر في الارتفاع حتى نهاية هذا العقد من الزمن .
ففي الواقع، هذا شيء جيد وضروري للغاية، يجب أن يكون العالم كريماً ومتضامن لمكافحة الجوع، ولكن ذلك، لا يحل المشكلة وتداعياتها.
هل ينبغي أن يكون الهدف مجرد تقديم المزيد من المساعدات الغذائية؟
يجب أن يكون لضمان عدم الحاجة إلى المساعدة في المقام الأول، يجدر بنا التراجع والتوقف عن ذلك النهج وهذه السياسة مستقبلاً، دون التركيز فقط على المساعدات والهبات والمعونات.
وطرح سؤال أساسي: لماذا هددت أزمة في أوروبا الشرقية بتجويع الملايين من الناس على بعد ستة آلاف ميل؟
إنها قضية معقدة، وما هي الأماكن والمناطق والتوقيت التي يسهل فيها إنتاج هذه المحاصيل الغذائية؟
منذ الستينيات، زادت الإنتاجية الزراعية في جميع أنحاء العالم، ورأى المزارعون محاصيلهم تزداد، لكنها لم تزداد بالمعدلات نفسها في كلا من الصين والبرازيل.
فقد ازدهرت المحاصيل في حين تأخرت الإنتاجية في العديد من بلدان جنوب شرق آسيا – لاوس وكمبوديا، على سبيل المثال – وعن المتوسط العالمي، في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، نمت المحاصيل بشكل أبطأ بكثير من تلك التي نمت في أي مكان آخر في العالم – ولم تكن سريعة بما يكفي لإطعام السكان المحليين، واللذين يزاد عددهم بشكل مطرد وسريع.
عندما لا تستطيع منطقة ما أن تنمو بما يكفي لإطعام سكانها، فهناك حل واحد فقط – استيراد الغذاء – وهو ما تفعله أفريقيا بحوالي 23 مليار دولار أمريكي سنوياً.
وتختلف كل دولة أفريقية عن الأخرى، ولكن من المحتمل أن لا تشتري أي دولة الحبوب من أوروبا الشرقية لأنها ترغب في ذلك، بل لأنها مضطرة إلى ذلك، لذا، “لا ينبغي أن يكون الهدف مجرد تقديم المزيد من المساعدات الغذائية، بل يجب أن يكون ضمان عدم الحاجة إلى المساعدة في المقام الأول”، فالإنتاجية الزراعية المنخفضة لها علاقة كبيرة بالظروف التي يعمل فيها المزارعون الأفارقة.
![](https://arabic.realtribune.ru/img/uploads/2022/09/الذرة.jpg)
جذور وأساس المشكلة
يكسب معظمهم السكان لقمة العيش عن طريق زراعة مساحات صغيرة جداً من الأرض، وغالباً أقل من هكتار (2.4 فدان)، بدون ري أو أسمدة كافية، لذلك كلما حدث صدمة للنظام الغذائي الأوسع – وانخفض إجمالي الإمدادات العالمية من الغذاء – لا يمكنهم النمو بما يكفي لتعويض العجز، لذا، تظهر مشكلة الغذاء والجوع.
هذه المرة، كانت الصدمة في حرباً خلفت انفصالاً بين مزارع أوروبا الشرقية وسلسلة التوريد العالمية، ولكن مستقبلاً يمكن أن يكون هناك نوعاً مختلفاً من الصدمات، مثل الجفاف أو موجة الحرارة او الفيضانات التي تقضي على مزارع بأكملها في جميع أنحاء إفريقيا، في الواقع، هذا هو السيناريو الأكثر احتمالاً، وهذا هو المدخل الذي يدخل عبره تغير المناخ القصة.
كانت الحرب في أوكرانيا بمثابة اضطراب كبير في الإمدادات الغذائية العالمية، لكن تغير المناخ يمثل مشكلة أكبر بكثير، إنه أكبر تهديد لإنتاج الغذاء منذ بداية الاشتغال بالزراعة، خاصة في إفريقيا حيث تتدهور البيئة بشكل أسرع من أي مكان على وجه الأرض.
لرؤية التأثير المحتمل لتغير المناخ على الزراعة في إفريقيا بشكل أكثر وضوحاً، دعمت الأبحاث مؤخراً تطوير أداة تصور البيانات المسماة “أطلس التكيف الزراعي”، عندما رأى الخبراء النتائج المرئية، انزعجوا كثيراً من حقيقة الأوضاع والظروف الواقعية.
وأسهل طريقة للفهم هي التركيز على محصول واحد: الذرة، والتي تمثل حوالي 30٪ من إجمالي السعرات الحرارية التي يتناولها الناس في أفريقيا جنوب الصحراء، إنه محصول مهم للغاية، ولكنه أيضاً محصول حساس جدا للظروف المناخية، فعندما تتجاوز درجات الحرارة 30 درجة مئوية (86 درجة فهرنهايت)، تبدأ عملية النمو في الانهيار؛ ويكون التلقيح والتمثيل الضوئي بطيء، فكل درجة إضافية تزيد عن 30 درجة مئوية في اليوم تقلل من إنتاجية المحاصيل بنسبة 1٪ على الأقل، فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك خمسة أيام من درجات الحرارة التي تبلغ 35 درجة مئوية (95 فهرنهايت)، فهذا يعني خمسة مضروباً في خمسة، يتم فقد 25٪ من المحصول.
وهذا ما يتوقعه أطلس التكيف الزراعي: بحلول نهاية العقد الحالي (حتي 2030)، سيكون 30٪ من محصول الذرة في إفريقيا موجوداً في هذه الظروف – كما هو الحال مع أي مصدر غذائي آخر، من المحاصيل إلى الثروة الحيوانية، وهذا الإجهاد المناخي الشديد هو السبب الرئيسي لتوقع 32 مليون شخص إضافي في أفريقيا للجوع في عام 2030.
بالنسبة للمزارعين، أصحاب المزارع الصغيرة، لا توجد العديد من الحلول الواضحة، وقد أسفر استطلاع حديث أجراه البنك الدولي بالتعاون مع الحكومة النيجيرية من خلال عدد من المزارعين، “كيف تستجيب لانخفاض غلة المحاصيل”، وكان الرد الأكثر شيوعاً هو “الأكل الأقل” أو “بيع الماشية”، أو “لا تفعل شيئاً.”
لحسن الحظ، هناك خيارات أخرى أفضل.
كيف يمكن للمزارعين مكافحة تغير المناخ؟ الإجابة، “البذور السحرية”.
منذ أربعة عشر عاماً، بدأت الأبحاث الزراعية في دعم مجموعة من الباحثين الأفارقة في مجال المحاصيل، كان هدفهم تطوير نوع جديد من الذرة – بدأت بحمل اسم : “البذور السحرية”.
بالطبع ، لم تكن البذور سحرية في الواقع، ولكن من خلال استزراع أنواع مختارة من المحصول، اعتقد الباحثون أن بإمكانهم إنتاج ذرة هجينة تكون أكثر مقاومة للمناخات الأكثر حرارة وجفافاً، ولقد نجحوا بشكل كبير.
وعندما قارن باحثون في كينيا قطعاً من هذه الذرة الجديدة، والتي أطلقوا عليها اسم “D DryTEGO”، بالمزرعة القديمة، رأوا أن مزارع D DryTEGO كانت تنتج ما معدله 66٪ أكثر من الحبوب لكل فدان، هذا الحصاد يكفي لإطعام أسرة مكونة من ستة أفراد لمدة عام كامل، وستظل الأسرة لديها الكثير من الذرة الفائضة بحيث يمكن بيعها بحوالي 880 دولاراً، أي ما يعادل خمسة أشهر من الدخل للكيني العادي، ففي الواقع، أستطاع العديد من المزارعين أخيراً من إرسال أطفالهم إلى المدرسة أو بناء منازل جديدة بمجرد أن يتحولوا إلى استزراع الـ DDRTEGO.
يحدث هذا النوع من الابتكار الزراعي في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك البنجاب، يزرع مزارعو المنطقة محصولين رئيسيين في الهند – الأرز في موسم الأمطار والقمح في الشتاء الهندي الشمالي الجاف – لكن تغير المناخ يقلب سبل عيشهم.
ففي عام 2010، و في عام 2015، حوّلت موجات الحر المبكرة موسم الأمطار إلى موسم جاف، مما أدى إلى الإفراط في طهي الأرز، رداً على ذلك، عمل المزارعون المحليون مع جامعة البنجاب الزراعية لإيجاد حل جديد: نوع أرز قصير الدورة الزراعية يتطلب ثلاثة أسابيع أقل في الحقل، يمكن حصاده قبل أن تطهو موجات الحرارة الناجمة عن تغير المناخ المحصول، كما سمح للمزارعين بزراعة قمحهم في وقت مبكر، ببذرة واحدة، “كان البنجاب يشحن محصولين فائضين”.
واليوم، تمنح الابتكارات مثل ذرة TEGO والأرز قصير الدورة الزراعية الكثير من الأمل في أن الإنتاجية الزراعية التي يمكن أن تستمر في الزيادة على الرغم من تغير المناخ، لكنني أتمنى أن يتم اعتماد هذه البذور الجديدة بسرعة أكبر، فلا يزال الاستثمار في البحث والتطوير الزراعي صغيراً وقليل للغاية.
![](https://arabic.realtribune.ru/img/uploads/2022/09/زراعة-القمح-1024x576.jpg)
الحل المقترح للمشكلة
لمعالجة أزمة الغذاء الحالية أو المتوقع حدوثها مستقبلاً، ضرورة العمل على زيادة الطاقة الإنتاجية الزراعية، ويتمثل أحد الحلول المهمة: هي زيادات كبيرة في التمويل للبذور السحرية – والاستثمارات الأساسية الأخرى في الزراعة أيضاً، فالإنتاجية ليست مجرد مشكلة، حيث يمكن للمزارعين زرع “بذور سحرية” و جعل نمو محاصيلهم بنسب عالياً.
فالأمر أكثر تعقيداً من ذلك، يحتاج المزارعون إلى الدعم بعدة طرق مختلفة، مثل التمويل الصغير حتى يتمكنوا من شراء الأسمدة، أو البنية التحتية الريفية مثل الطرق الجديدة حتى يمكن نقل محاصيلهم بسهولة إلى السوق، حتى “البذور السحرية” تحتاج إلى استثمارات متجاورة حتى تتمكن من الاستمرار في العمل باستخدام البذور السحرية.
وأيضاً المزارعون بحاجة إلى إجراء الفحوصات المناسبة أيضاً، بالنسبة للبلدان التي ترغب في الاستفادة من هذه الابتكارات وغيرها، من المفيد وجود أنظمة وسياسات قوية قائمة للمساعدة في تقييم الأداء والسلامة، مع تقديم المنتجات بكفاءة إلى صغار المزارعين، إنه أمر بالغ الأهمية إذا أردنا توفير أحدث تقنيات البذور للمزارعين بأسرع ما يمكن.
فالأرز قصير الفترة الزراعية، وذرة TEGO تنتج غلات كبيرة اليوم، ولكن ليس من المضمون الاستمرار في القيام بذلك في عام 2030 أو 2050، سيحتاج المزارعون إلى زراعة بذور جديدة مع تغير البيئة بطرق لا يمكن التنبؤ بها.
كيف يحدد المزارعون والباحثون ما يجب أن تكون عليه هذه البذور؟ أو متى يجب زراعتها؟ لا يمكننا الاعتماد على ما نجح من قبل.
بالرجوع إلى التاريخ، كانت الزراعة عملية تطور بطيء، وهو أمر يمكن للمزارعين تعديله وإتقانه على مر القرون لأن الظروف كانت متشابهة تقريباً.
بدت مزرعة الجميع متشابهة، مثل مزرعة أجدادهم إلى حد ما، لذلك قاموا بزراعة نفس الأشياء في نفس الوقت، وربما قاموا ببعض الابتكارات على الهام، وبشكل قليل وغير ملموس.
في الوقت نفسه، كانت تنمية أفضل المحاصيل عملية يدوية بطيئة إلى حد كبير أجرتها حفنة من مربي النباتات الحديثين، CGIAR (المعروفة سابقاً باسم المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية) هي أكبر شبكة في العالم لتنمية المحاصيل، وفي إفريقيا، لديهم ثلاثة باحثين فقط مكرسين لاختيار أفضل أنواع الفول من بين ملايين الخيارات المحتملة.
نحن بحاجة إلى تسريع عملية تنمية النباتات هذه، وأحد الحلول هو ما يسميه الباحثون “النموذج المتوقع”، إنه برنامج ذكاء اصطناعي يعالج تسلسل الجينوم للمحاصيل جنباً إلى جنب مع البيانات البيئية – كل شيء من عينات التربة إلى صور الأقمار الصناعية – ثم يستحضر رؤية قائمة على البيانات لما ستحتاجه المزارع في المستقبل، ومن خلال هذا النموذج الحاسوبي، يمكن للباحثين تحديد نوع النبات الأمثل لمكان معين، أو يمكنهم القيام بالعكس: تحديد المكان الأمثل لزراعة محصول معين.
لا تزال هذه التكنولوجيا في مراحلها الأولى :لكن “النماذج المتوقعة” المماثلة – تلك التي تتوقع الأماكن التي قد تتعرض فيها المزارع لمواد غازية أو بأمراض المحاصيل – قد شهدت بالفعل نتائج هائلة، على سبيل المثال: في العام الماضي، كان المزارعون في إثيوبيا قلقين من أن تفشي مرض يسمى صدأ القمح، وانتشاره يؤدي إلى تدمير محصول البلاد، لكن “نظام الإنذار المبكر” نبه المزارعين إلى المكان الذي سينتشر فيه الصدأ بالضبط حتى يتمكنوا من اتخاذ تدابير وقائية، بحلول نهاية عام 2021، لم تكن إثيوبيا قد شهدت تراجعاً في محصول القمح على الإطلاق، في الواقع، سجلت البلاد أكبر محصول لها على الإطلاق، في هذا العام.
الابتكار وليس التبرعات فقط
لا أحد يجزم بأن الجوع مشكلة قابلة للحل تماماً، فلا أحد يستطيع أن يتعهد بشكل تام، بأن كل شخص من بين ثمانية مليارات إنسان في العالم سيكون لديه دائماً ما يكفي من الطعام.
ولكن لضمان أن جنوب الصحراء في أفريقيا والمناطق الأخرى ذات الدخل المنخفض يمكنها إطعام شعوبها، هذا تحد قابل للتحقيق والمنال، طالما إن العالم استطاع أن يغير طريقة تعامله مع أزمات الغذاء.
فمن الجيد أن الناس يريدون حماية إخوانهم من البشر من الجوع عندما تنشب صراعات مثل أوكرانيا تعرقل الإمدادات الغذائية من الوصول الي مناطق وبلاد تعاني من شح تلك المنتجات الغذائية.
ولكن علينا أيضاً أن ندرك أن هذه الأزمات هي أعراض لمشكلة أعمق – فالعديد من البلدان لا تنمو بما يكفي بعد، وتغير المناخ تجعل الزراعة أكثر صعوبة، كما لا يمكن حل هذا التحدي بالتبرعات فقط، ولكن الأمر يتطلب تشجيع الابتكار.
تقرير “حراس المرمى” هو نتاج عمل على مدار العام من قبل العديد من الأشخاص في مؤسسة غيتس وشركائه، أنا فخور بعملهم وأشجعهم على ذلك.
التحليل والتعليق
إنها بالتأكيد بادرة طيبة من رجال الأعمال والمال تقديم المساعدات والمعونات، وخاصة البحثية والعلمية الحديثة والمتطورة، كحل المشكلات التي تتعرض لها البشر، لا سيما في الأنشطة والمجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والأنشطة المهنية، سواء صناعية، زراعية، تكنولوجية، وإن تلك الحلول المبتكرة وغير التقليدية، نتيجة الاستعانة بالتقدم البحث العلمي والتكنولوجي الذي تعيشه البشرية حالياً، يساهم إلى درجة كبيرة في التغلب على تلك المشكلات والصعوبات بفاعلية، وإحراز نتائج أسرع، ووقت قصير للغاية، كما يقلل من التكلفة والمعاناة الناتجة عن تلك المشكلات، بالمقارنة بالحلول الأخرى المتعارف عليها في السابق.
ولكن هناك عدة تساؤلات مهمة، تطرح في هذا الشأن الخطير، ولأسباب منطقية ومشروعة، إن تلك الأبحاث تتعلق بالغذاء (بشري أو حيواني)، وبالتالي فهي تتعلق بصحة وحياة الإنسان والكائنات الحية الأخرى على سطح الأرض سواء نباتات او حيوانات ( برية/ بحرية).
- هل تلك الأبحاث موثقة علمياً ودولياً، وتجري تحت إشراف جهات علمية دولية، وتخضع لرقابة دولية: وخاصة منظمة الصحة العالمية؟
- هل التغير في التركيب الجيني لتلك المحاصيل الغذائية المهمة والأساسية للعيش، وفقاً “لنماذج التنبؤ أو التوقع” لا ينتج عنها مستقبلاً نتائج سلبية على المكونات الغذائية لتلك المحاصيل من شأنها الإضرار بصحة الكائنات الحية في المدى القصير والبعيد، كذلك الإخلال بالتوازن البيئي، والذي يؤدي إلى ظهور سلالات جديدة من حشرات وفيروسات وأمراض، من شأنها إحداث إضرار، ونتائج سلبية، تكلفتها أكثر بكثير من المتوقع، ولنا فيما حدث في معامل أبحاث الفيروسات، وآلتي أخرجت لنا فيروس كورونا، والذي ما زالت البشرية تعاني منه ومن آثاره الوخيمة حتى اللحظة.
- إن استخدام مصطلح ” البذور السحرية” على غرار الإعلان عن حبوب المنشطات والأدوية والمكملات الغذائية التي يعلن عنها ليل ونهار في كافة وسائل الدعاية والإعلان، هو أمر يثير الشك والريبة، في أن يكون استخدام اسم تجاري، الغرض منه تحقيق الأرباح، على حساب غذاء وصحة البشر وليس حل المشكلة كما يقول تقرير “حراس المرمى”، (كم حققت شركات الأدوية والمستلزمات الطبية من طرح أدوية معالجة كورونا، وصناعة الكمامات والمحاليل والمطهرات).
لذا، يجب الانتباه والحذر الشديد من استخدام تلك “البذور السحرية” فالجوع أهون من الموت أو وقوع أضرار كارثية يدفع ثمنها الفقراء، بينما يجني الأغنياء الأموال والأرباح.
وجدير بالإشارة هنا، أن مصر كانت رائدة في مجال الأبحاث العلمية الزراعية مع عدة دول أفريقية (إحدى أهم القوى الناعمة)، وذلك من خلال وجود مزارع بحثية في كل من النيجر وزامبيا وأوغندا وزيمبابوي وتنزانيا، وقد حققت تلك المزارع نتائج بحثية مبهرة، كانت ذات فائدة متبادلة بين مصر وأشقائها الأفارقة.
لذا، يجب العمل على تطوير وتحديث تلك المراكز البحثية (إذا كانت ما زالت تعمل)، وكذلك العمل على التوسع والانتشار في إقامة مراكز بحثية زراعية (ومجالات أخرى) في دول ومناطق أخرى، بمصر تمتلك من الكفاءات العلمية البشرية، التي تمكنها من تدعيم وتنمية وتقوية، واستعادة الدور المصري في إفريقيا.
وهي فرصة جيدة للمستثمرين ورجال الأعمال والمال المصريين للاستفادة من ذلك بدلاً من الآخرين، فهي فرصة جيدة أن يعمل رجال الأعمال والمستثمرين لصالح بلدهم وأنفسهم كما يفعل بيل غيتس وأقرانه.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر.