باريس – (رياليست عربي): تتوالي الأحداث الدولية بشكل مضطرد وسريع من قيام الاتحاد الروسي بعمليتها العسكرية في أوكرانيا، على كافة المستويات والمجالات، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وصحياً، مما يدفع الأوضاع العالمية إلى مزيد من الصعوبات والمخاطر، وهي الأمور التي تهدد الآمن والسلم والاستقرار العالمي.
السياسات الحمائية والأمن الغذائي العالمي
أعلنت الحكومة المركزية الهندية، حظر تصدير القمح الهندي للخارج، بسبب النقص الحاد في الإنتاج هذا العام بسبب عوامل وظروف المناخ والطبيعة، وارتفاع أسعار القمح محلياً، مما دفع السلطات الوطنية، بوقف تصدير القمح الهندي.
وهو الأمر الذي دفع بارتفاع أسعار القمح العالمية إلى مستويات قياسية في البورصات والأسواق العالمية، وهذا القرار لم يكن مفاجأة للمحللين والخبراء والباحثين، حيث كان متوقعاً في ظل تمادي الدول في نهج واتباع سياسات حمائية لكثير من السلع الإستراتيجية خاصةً الغذائية، والتي وصلت إلى مايقرب من “47 سلعة” حيث أوقفت إندونيسيا وماليزيا مؤخراً تصدير خام زيت النخيل.
كما قامت روسيا وأوكرانيا بوقف تصدير القمح وزيت عباد الشمس والذرة، ما رفع سعر الأسمدة والنفط والغاز، وتكلفة الشحن، والتأمين، بسبب ارتفاع المخاطر، كل ذلك يزيد من مخاطر الوضع الغذائي العالمي بشكل مخيف، خاصة وأن العالم يعاني من تضخم في نسب الفقر والجوع واللاجئين، وعدم الأمن والاستقرار.
هبوط حاد في أسواق المال العالمية
تعرضت الأسواق المالية العالمية “البورصات” إلى موجة من الهبوط الحاد خلال الأيام القليلة الماضية، تجلى في هبوط في أسهم معظم الشركات العالمية الكبرى، دفعت موجات البيع على مكونات مؤشر “مورغان ستانلي لجميع الدول العالم” إلى خفض تقييمات الشركات بشكل كبير في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا، لكن الاستراتيجيين، بدءاً من مايكل ويلسون في “مورغان ستانلي” إلى “روبرت باكلاند” في “سيتي جروب”، يتوقعون أن تنخفض الأسهم بشكل أكبر وسط مخاوف من ارتفاع التضخم وتشدّد البنوك المركزية وتباطؤ النمو الاقتصادي، خاصة بالولايات المتحدة، بالإضافة إلى هبوط في أسعار الذهب، كما تعرضت العملات المشفرة إلى خسائر فادحة، الأمر الذي ألقى بظلال وخيمة على الأوضاع المالية، ودخول الاقتصاد العالمي في انكماش، وركود، وتضخم هي الأسوأ منذ الأزمة العالمية 2008/2007.
السياسات الأمريكية.. عكس الاتجاه
استمراراً لقرارات السياسة للإدارة الأمريكية التي تلقي بتبعاتها على الساحة الدولية، حيث تنوي رفع عدد من المنظمات الإرهابية من قوائم الإرهاب، وهو ما تم تداوله في أروقة مسؤولي الإدارة الأمريكية، وعلى رأس تلك المنظمات “الحرس الثوري الإيراني”، وذلك بضغط من إيران بهدف إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وكما ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن الوزارة أبلغت الكونغرس عزمها إلغاء تصنيف الحوثيين في اليمن “منظمة إرهابية”، وهو التصنيف الذي أضر بتقديم المساعدات الإنسانية للمنكوبين في هذا البلد بحسب منظمات الإغاثة، ويتماشى ذلك مع السياسة الجديدة للإدارة الأمريكية في اليمن والتي أعلن عنها الرئيس جو بايدن مؤخراً، هي القرارات التي تلقي اعتراضات شديدة من داخل وخارج أمريكا، خاصة حلفاء الولايات المتحدة من دول الشرق الأوسط .
ومن جانب آخر هناك بوادر أزمة بين الشركات الأمريكية الكبرى، خاصة العاملة في قطاع التكنولوجيا، بعد الإعلان عن عزم رفع الضرائب على تلك الشركات، وهو الأمر الذي لقي اعتراضات من رؤساء هذه الشركات، حيث أعلن جيف بوزيس، أن معالجة المشاكل الاقتصاد بفرض وزيادة الضرائب على الشركات الكبرى، هو أسوأ الحلول والسياسات المالية.
وداعاً شيرين.. بنت فلسطين
فجع العالم صباح الحادي عشر من مايو/ أيار بمقتل واغتيال مراسلة قناة الجزيرة المراسلة “شيرين أبو عاقلة” أثناء قيامها بتغطية أحداث الاشتباك المسلح بين القوات الإسرائيلية وبعض المقاومين الفلسطينين بمخيم جنين بالأرض المحتلة.
وهو الحدث الذي أصاب العالم بالحزن على تلك الصحفية، التي اتخذت من الميكروفون والكاميرا، سلاح وطريق مقاومة ونضال من أجل وطنها وشعبها وأرض أجدادها “فلسطين”، ومع حلول الذكرى الرابعة والسبعين لنكبة فلسطين، لا نملك سوى الكلمات والعبارات والقلم.
رحلت شيرين بنت فلسطين، ولكنها تركت شيرين التميمة والأيقونة والرمز للنضال والكفاح والمقاومة، والكلمة والصورة الحرة والصادقة، في عالم يعج بالظلم وعدم العدالة وضياع الحق والحقوق والأوطان، وهي رسالتها الأخيرة إلى ضمير العالم الحي، وقبل أن تذهب إلى مثواها الأخير.
وأخيراً، مهما طالت الظلمة، الفجر والنور قادم لا محالة، رغم أنف الطغاة والمستبدين، قادم من أجل زرع الأمل في نفوس الفقراء والمحتاجين والأجيال القادمة.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر.