فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قائد أركان الحشد الشعبي، عبد العزيز المحمداوي، المعروف باسم أبو فدك، ووصفته بأنه شخصية إرهابية عالمية، وهذه هي المرة الثانية خلال أسبوع التي تتم فيها معاقبة مسؤول كبير، حيث يسمح القانون للولايات المتحدة باستهداف أي أجنبي متهم بانتهاك حقوق الإنسان والفساد، طبقاً لموقع قناة “سكاي نيوز عربية“.
من هو قائد أركان الحشد الشعبي؟
أبو فدك، القيادي البارز في كتائب حزب الله المدعومة من إيران، هو أيضاً رئيس الحشد الشعبي بالإنابة، وهو الدور الذي تولاه بعد غارة جوية أميركية في يناير/ كانون الثاني الماضي “2020”، في بغداد أسفرت عن مقتل نائب قائد الحشد أبو مهدي المهندس، وهو عضو مؤسس قوي في كتائب حزب الله والمهندس الرئيسي للمجموعة الشاملة للجماعات شبه العسكرية. و تزعم الولايات المتحدة أن أبو فدك يتعاون مع فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني من أجل “إعادة تشكيل مؤسسات أمن الدولة العراقية الرسمية … بحيث تدعم …. الأنشطة الإيرانية الخبيثة “، بحسب وزارة الخارجية الأميركية، وقال البيان إن العناصر المدعومة من إيران، بما في ذلك كتائب حزب الله، متورطة في أعمال عنف طائفية ومسؤولة عن هجمات ضد منشآت حكومية وبعثات دبلوماسية عراقية، طبقاً لذات المصدر.
أيام قليلة تفصل عن تولي إدارة جديدة في البيت الأبيض، رغم ذلك تعمل الإدارة الحالية بنشاط كبير، تركز فيه على فرض العقوبات سواء على دول أو جماعات أو أفراد، لكن لماذا التركيز اليوم على الحشد الشعبي العراقي؟ ولماذا أيضاً جاء هذا القرار متأخر، أسوةً بالحوثيين؟ وما هو موقف العراق الرسمي من ذلك؟
ضغط أمريكي
تعمل الإدارة الأمريكية اليوم على زيادة الضغط على العراق، مع تصاعد التهديدات ضد تواجد القوات الأمريكية على الأراضي العراقية، وزيادة استهداف محيط السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء، التي هي مقر لمعظم البعثات الدبلوماسية الدولية، حيث أن الاستهدافات لم تكن متبنّاة من أحد، حتى الغارة الأمريكية مطلع العام الماضي 2020، فلقد زادت الهجمات بنسبة كبيرة، وخرجت الفصائل الموالية لإيران بشكل علني تهدد وتطالب برحيل القوات الأمريكية بالقوة، وذلك من خلال مظاهرات للجماهير الموالية لتلك الفصائل، فضلاً عن رفضهم التام بتسليم سلاحهم تنفيذاً لمطلب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ما ينذر بأن المنطقة تقبع على صفيح ساخن، ومسألة تفجر الأوضاع قاب قوسين أو أدنى.
هذا الأمر وعلى الرغم من القوة الأمريكية، لكنه عامل قلق كبير، ووضع مستجد لم يكن بهذا الزخم سابقاً، فالإدارة الأمريكية تعرف النسبة الكبيرة من الشعب العراقي هي بطبيعة الحال موالية لإيران، وستنفذ كل ما يُطلب منها، فليس أمام الولايات المتحدة اليوم إلا أن تبدأ بحلحلة مؤسسة الحشد الشعبي، وضمها إلى القوات العراقية الرسمية، أو ستعمل تدريجياً على فرض العقوبات على قادة الحشد جميعاً، خاصة المعروفين بولائهم لإيران.
ومن المتوقع أن تكمل إدارة الرئيس المنتخب جو بادين في هذا الإتجاه، خاصة وأن العراق تشكل عصب المنطقة بالنسبة لواشنطن.
هل تنجح أمريكا في هذه السياسة، أم أن الأوضاع ستنفجر؟
لا تراهن الولايات المتحدة اليوم على الحكومة العراقية، بل هناك سيناريوهات باتت حديث العامة من الناس معظمها يدور حول فكرة تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات (إقليم كردستان وإقليم السنة وإقليم الجنوب “ذو الأغلبية الشيعية”)، فالعشائر “السنية” في معظمها موالية لواشنطن، وكذلك الإقليم الكردي، فستعمل الإدارة الأمريكية بهذا السيناريو على إضعاف إقليم الجنوب الذي أصبح اليوم يشكل قوة كبيرة تهدد المصالح الأجنبية عموماً، والأمريكية على وجه الخصوص.
هذا السيناريو قد يتأخر قليلاً لكنه قائم، فالعقوبات اليوم تمهد وتعتبر مدخلاً لتحقيقه على المدى البعيد، وبالطبع سيلقى هذا الأمر رفضاً شعبياً وحكومياً عراقياً، ما ينذر ببداية تأجيج الشارع العراقي مجدداً، وسط حديث عن حرب أهلية تلوح في الأفق، وإن حدث ذلك، حينها سيقع التقسيم بكل تأكيد، فالعقوبات اليوم ستزيد من التحدي لكل الفصائل الموالية لإيران، خاصة وأن سيناريو الانتقام من أمريكا لا يزال مرتفع الحدة ولم يخفت رغم مرور عام على حادثة الاغتيال، الحشد الشعبي اليوم مصدر تهديد كبير للولايات المتحدة، وعند معاقبته، تعتبر واشنطن أنها تلوي أذرع إيران في المنطقة، وبما أن الشخصيات المعاقبة في ازدياد، ستكون المرحلة الثانية هي حل الحشد بما يتوافق ومصالح البيت الأبيض، إلا أن خطأ أمريكا الكبير، هو أنها انتظرت حتى تشكلت قوة كبيرة بدأت من الصفر سواء الحشد أم جماعة الحوثيين، فعندما تحولا إلى قوتين كبيرتين، تحاول الولايات المتحدة اليوم إضعافهما، بعد أن بات لهما أنصار في كثير من الدول، خاصة العربية.
أخيراً، إن الخطوة الأمريكية وسلاح العقوبات التي تعتقد أنه ينجح في إضعاف المُعادين لها أو لسياساتها، أمر لا يحقق أهدافه، في ضوء اعتماد هذه الجماعات على مصادر دخل بديلة وغير مرتبطة بالبنوك الأمريكية، وبالتالي هذا الأمر لن يحقق شيء إلا في حال ضغط واشنطن على الحكومة العراقية للطلب بحل الحشد رسمياً ما سيشكل إنقسامات كبيرة داخل الحكومة وبالتالي بداية عودة العنف ليتصدر المشهد العراقي الذي لا يزال يعاني من ارتدادات الحروب منذ العام 2003 وإلى يومنا هذا.
فريق عمل “رياليست”.