فى ذكرى السادس من نوفمبر تحتفل المملكة المغربية سنويا بذكرى المسيرة الخضراء و التى بدأت فى السادس من نوفمبر عام 1975 من كافة ربوع المغرب الى الصحراء المغربية مما تبع ذلك من خروج لقوات الإحتلال الإسباني . لتبدأ مسيرة جديدة من التنمية الفعلية منذ ذلك التاريخ و حتى الآن و على مدار 44 عاما و بصورة جيدة و بإمكانيات ذاتيه رسمية و شعبية و منذ ذلك الحين و السلطات المغربية تمارس كافه أعمال السيادة المباشرة على الأراضى بجنوب البلاد عبر وجود مؤسسات الدولة .
لكن المفارقة الغريبة و للتى تصل إلى حد التآمر الممنهج و غير المفهوم هى الفشل الذريع للإعلام المغربى عبر عقود فى تقديم صورة التنمية الحقيقة فى هذه المنطقة الهامة للمواطن المغربى و للمحيط الإقليمي و الدولى . كما تزامن مع الفشل الإعلامى تراخى و فشل متزامن لمؤسسات الدولة و فى مقدمتها الخارجية المغربية فى القيام بدور الإعلام البديل عبر تواجد مكثف للخارجية المغربية فى كل أنحاء العالم و عبر عقود . تزامن مع ذلك التحرك المضاد للإعلام الغربى الموجه ضد المغرب و هو تحرك ممنهج إعتاد نشر صورة خريطة المملكة المغربية مجتزئة و نشر صور المسيرة الخضراء عام 1975 على انها الوضع القائم و تصوير الأمر على ان الوضع فى الجنوب المغربى مأساويا على غير حقيقة الأمر و هذا يصدر من إعلام دول تدعى صداقتها مع المملكة و شعبها .
و يقودنا هذا إلى انه يجب أن نرى الأمور بنظره مختلفة كليا لماذا وصلنا إلى هنا و بعد عقود من التنمية الفعلية على الأرض و الحقيقة تقتضى قولها لتدارك الأخطار القادمة فعليا و ليس لفظيا . لقد ركزت القيادة السياسية المغربية عبر عقود على ممارسة أعمال السيادة على الأرض و حتى فى العرض الدبلوماسى عبر خارجيتها بالسعى فقط لإقناع الغير بعدم الإعتراف بالبوليساريو و توقيع بروتوكولات تؤكد حرص الدول على الوحدة الترابية للمملكة المغربية و كل هذه اعمال سيادة و نفس الآداء تسبب فى غياب المغرب و بقرار فردى عن العمل الجماعى للمنظومة الإفريقية حتى ولو لم تكن مساندة لتوجهات المملكة و انا اعتبر هذا خطأ استراتيجي و تكتيكى لأن أول نصيحة نوجهها لمن يرغب إحتراف العمل السياسى ألا تترك مكانك لأحد و هو خطأ تداركته المملكة بعد عقود طويلة سمحت فيها للخصم المباشر باللعب و تقديم نفسه كما يحلو له و إكتفت بالعلاقات الثنائية لعقود بما لم يكن يتفق مع مصالح المملكة و شعبها نهائيا.
منذ ذلك الحين و المملكة تمارس أعمال السيادة و تركز عليها دون ممارسة الملكية التى يجب ان تسبق السيادة و الفارق كبير فى القانون الدولى حيث من الممكن ان يقر لك العالم وفى إجتماع جميع الدول بالجمعية العامة للأمم المتحدة بالسيادة و دون جهد و طرح المملكة المغربية لفكرة الحكم الذاتى هى إقرار بأعمال السيادة دون الملكية. لذا أنا أعتبر أيضا أن طرح فكرة الحكم الذاتى للبوليساريو تحت السيادة المغربية خطأ إستراتيجي و تكتيكى يضر بالملكية و حسب ذلك أرى أنه يتوجب على القيادة السياسية المغربية ان تصدر قرار عاجلا واضحا فى نصه و مضمونة للخروج من هذا الفخ بالإعلان المباشر و النهائى بقيامها بإلغاء فكرة منح حكم ذاتى للبوليساريو تحت السيادة المغربية لانه و ببساطة لايوجد دوله لها حق الملكية أن تمنح حكما ذاتيا تحت سيادتها و إلا أصبح ذلك إخلالا بملكيتها . و بهذا نكون قد وضعنا هذا الملف بيد القوى الدولية المتلاعبة بمصائر الشعوب و وحده اراضيها لتحقيق مصالحها و التى فى مجمل الأوقات تتعارض مع مصالح المملكة المغربية و شعبها و نكون قد وضعنا القيادة السياسية للمغرب تحت ضغوط لن تنتهى .
طبقا لما سبق أنصح أن تقوم السلطات المغربية بممارسة حق و أعمال الملكية المباشرة بطرح مزايدات عالمية للمسح السيزمى للشواطئ و الأراضى الجنوبية لتبيان حجم ما تزخر به هذه المناطق من ثروات و موارد ثم تطرح هذه المناطق للتنقيب و التشغيل أيضا عبر مزايدات عالمية و اذا وجدت عقبات تطرحها بالأمر المباشر و أعتقد جازما أن هذا التحرك يضع المملكة فى وضع متقدم قانونيا و إقتصاديا و تنمويا للدولة بكاملها شرقا و غربا و شمالا و جنوبا و من حيث التوزيع الديموجرافى للسكان بما يمثل حصانة و حصن آمن للدولة المغربية بكاملها و لعقود كاملة.
أما بالنسبة لجهود المملكة و دبلوماسيتها يالتركيز على إدخال الجزائر كطرف مباشر فى النزاع حول هذا الملف فهذا لن يجدى نفعا وذلك لأن المخطط الإستراتيجي للجزائر يعتمد بشكل أساسى على إيجاد منفذ بحرى عبر المحيط لأقاليمه الجنوبية الحبيسة و هذه أحد الأفكار الإستراتيجية التى لن تتخلى عنها الجزائر حتى لوجلست الدبلوماسية الجزائرية لتفاوض وجها لوجه مع الدبلوماسية المغربية هذا سيكون إستهلاكا غير نافع للوقت و البوليساريو بالنسبة للجزائر مطيه للوصول إلى الهدف الإستراتيجي. هذه الحقيقة دون مواربة و فيها أقول مارسوا أعمال الملكية قبل أعمال السيادة تحتفظون ببلادكم موحده و حسب معرفتى ان المؤسسات السيادية المغربية تبذل جهودها الغير مسبوقة للحفاظ على البلاد و العباد و هنا يجب أن تتوقف الدبلوماسية المغربية و الإدارات و المستشارين عن الخرجات التى تضرب عمل المؤسسات السيادية.
هذا يستدعى إحداث تغيير كامل وشامل للقيادات الحالية و الإتيان بقيادات جديدة تستوعب معنى الوطن و الحفاظ عليه و يتناغم عملها مع عمل المؤسسات السيادية وقادتها على كافة القطاعات السياسية و التنفيذية السيئة فعليا للقيام بمنظومة إصلاحات شاملة مشروطة بمده زمنية مجدده لديها القدرة على العمل 24/24 بعيون لاترى سوى الوطن ومصالحه و بعقول منفتحة للتطوير و قلوب مؤمنة بأن الوطن يفتدى بكل ما نملك . أما المشهد الأخير الذى احذر منه الآن هو سعى أطراف داخلية بتوجيه و توجهات دوليه بالداخل المغربى نحو الفوضى و الهدف من ذلك هو إلغاء نظام إمارة المؤمنين التى اراها هى الأنسب و الأقدر للحفاظ على البلاد و العباد و بالطبع يريدون التوجه نحو ملكية دستورية غير منضبطة يسهل السيطرة عليها عبر الشارع لتمرر ما يراد تمريره عبر صبيان المنظومة الدولية المنتشرين كالجراد فى كافة ربوع المعمورة .
محمد الألفي- خبير في العلاقات الدولية، خاص لوكالة أنباء “رياليست”