قال الجيش الإسرائيلي إن صاروخاً سورياً أرض – جو انفجر في جنوب إسرائيل في حادث أدى إلى انطلاق صافرات تحذيرية في منطقة قريبة من مفاعل ديمونا النووي الذي تحيط به السرية، ولم تصدر تقارير عن إصابات أو أضرار في الداخل الإسرائيلي، وقال الجيش الإسرائيلي في تغريدة له حسابه على تويتر إنه يحقق فيما إذا تمكنت دفاعاته الجوية من اعتراض الصاروخ السوري الذي سقط قرب مفاعل ديمونا النووي، طبقاً لموقع “سكاي نيوز عربية”.
تعدد الروايات
خرج الجيش الإسرائيلي في أكثر من رواية حول مصدر هذا الصاروخ، الواضح أنه هدف معادي، لكن الحقيقة المؤكدة في المرحلة الحالية أنه لم يحقق هدفه وسقط بالقرب من مفاعل ديمونا في منطقة النقب جنوب إسرائيل، لانحرافه عن الهدف الرئيس وهو استهداف الطائرات التي قصفت دمشق فجر الأمس، هذا يأخذنا إلى مسألة مهمة جداً وهي أن استهداف محيط العاصمة السورية دمشق من قبل طائرات الجيش الإسرائيلي تحت ذريعة استهداف منشآت إيرانية، كما جرت العادة، أن ترد دمشق مباشرةً على هذا الاستهداف، ولا بد هنا من ذكر العدوان الماضي الذي رجح أن الصواريخ السورية استهدفت الطائرات الإسرائيلية فوق لبنان، ما دفع بالأخيرة إلى اللجوء إلى الأمم المتحدة لوقف استخدام السماء اللبنانية لتصفية الصراعات في المنطقة.
أيضاً، خرجت رواية إسرائيلية أخرى تتحدث عن أن هذا الصاروخ، هو اعتداء تقف خلفه إيران رداً على اعتداء منشأة نطنز النووية الإيرانية، الأخيرة لم ترد أو تعلق، لكن هناك إجماع غربي على ضلوعها في هذا الأمر، كل هذه الروايات لن تغير من حقيقة أن الصاروخ السوري قطع مدى 200 كلم ووصل إلى منطقة غاية في الحساسية، وأدخل كل الإسرائيليين إلى الملاجئ، هذا الصاروخ اجتاز القبة الحديدية ومنظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي التي كلفت المليارات من الدولارات، ولم تستطع إيقافه، وقد استهدف المفاعل ديمونا الذي يشكل استهدافه كابوساً مروعاً للإسرائيليين، فماذا لو استهدف هذا الصاروخ العمق الإسرائيلي ومعه عشرات ومئات الصواريخ لو اندلعت مواجهة ما، وما هو الأثر الذي ستحدثه؟
تجارب حربية
في حرب العام 2006، أو ما تُعرف بحرب تموز بين حزب الله وإسرائيل، انتهت بانتصار الحزب على إسرائيل، هذا الانتصار وبصرف النظر عن أدواته، لكنه فرض قواعد اشتباك جديدة على واقع الصراع اللبناني – الإسرائيلي، إلا أن السماء اللبنانية كانت خارج مقدرة الحزب على ضبطها لأنه لا يمتلك الأدوات المناسبة والتي تحتاج إلى نشرها بطرق مرئية وبالتالي تكون هدفاً سهلاً لإسرائيل، وفي الحالة السورية التي صمتت سنوات كثيرة على الاعتداءات الإسرائيلية وأرسلت عشرات الرسائل المتطابقة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، ودمشق من ناحية القانون الدولي قد أخلت مسؤوليتها حيال أي تطور يحدث في المستقبل بهذا الخصوص.
لكن ربطاً مع الصاروخ السوري السابق وصاروخ الأمس وملاحقته للطيران الإسرائيلي، هذا يأخذنا إلى تغير قواعد الاشتباك، لبنان لم يستطع ضبط سمائه ومنع إسرائيل من استخدام مجاله الجوي لقصف سوريا مراراً وتكراراً، كذلك الأمر بالنسبة للجولان فهي محتلة وتخضع لسيطرة إسرائيل، وفي كل الأحوال، هذه هي المرة الثانية التي تقوم فيها سوريا بالرد والاقتراب من العمق الإسرائيلي، وهذا أمر طبيعي ونتيجة طبيعية لصمت المجتمع الدولي الذي لطالما طلبت منه دمشق أن يتحمل مسؤولياته.
أخيراً، هذا التطور يبين أن النظام الدفاعي الإسرائيلي ليس كما كان يصور للعالم على أنه النظام الأقوى، صاروخ واحد كشف ترهل منظومة عسكرية متكاملة، وحكومة عاجزة عن تشكيل نفسها، هذا الصاروخ من شأنه أن يعيد حسابات إسرائيل مجدداً خاصة في مجال دفاعها الجوي، وأما سوريا، إن كان هذا الصاروخ يلاحق هدفاً إسرائيلياً، الوقت متأخر، كان من المفروض أن يتم هذا الأمر منذ سنوات، لربما كان واقع الحرب اليوم أقل بكثير مما هو عليه، لكن لكل بلد حساباته، إنما الواضح أن تل أبيب تلقت صفعة مباشرة كادت أن تطيح بها.
فريق عمل “رياليست”.