من بين أولويات البرتغال التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي منذ بداية العام 2021، تعزيز “الشراكة الشرقية”، تهدف هذه الشراكة التي تم إنشاؤها في عام 2009، إلى تعزيز الارتباط السياسي والتكامل الاقتصادي لـ ست دول في أوروبا الشرقية وجنوب القوقاز: أرمينيا وأذربيجان وبيلاروسيا وجورجيا ومولدوفا وأوكرانيا.
أهداف الشراكة
لا يزال هدف الشراكة غامضاً إلى حدٍّ ما ويشمل جوانب مثل “تمكين المرأة”، وبناء “مجتمعات عادلة وشاملة” وكذلك “مكافحة تغير المناخ”، لكن ليس من المؤكد أن يلبي ذلك، الاحتياجات ذات الأولوية لهذه البلدان في الكتلة السوفيتية السابقة، وبطبيعة الحال، من الواضح أن بروكسل تريد بسط نفوذها في المنطقة، لإعطاء صورة جيدة لنفسها، ولتحقيق هذه الغاية أقرت ميزانية وصلت قيمتها مليار يورو لمحاربة فيروس “كورونا” في هذه البلدان، بينما لا يزال سكان الاتحاد الأوروبي يفتقرون إلى الوسائل الكفيلة بمكافحة الوباء بشكل فعال.
أيضاً، يقوم بعض صقور الحرب الأوروبيين بحملات نشطة من أجل هذه الشراكة لدمج مبادرة أمنية “تتضمن دعماً مستهدفاً لخدمات الاستخبارات ومؤسسات الأمن السيبراني والقوات المسلحة”، إنه أمر خطير ولكنه ليس مفاجئاً، كما يشجع مركز فكري مثل المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، بتمويل من جورج سوروس (رجل أعمال أمريكي “يهودي” من أصل هنغاري، عرّاب الثورات الملونة)، الاتحاد الأوروبي علانية على عدم تعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة ولكن على إنشاء “برنامج مبيعات عسكرية” وإصلاح شامل للتدريب العسكري والتعليم، والدفاع وبرامج الأمن القومي الشاملة لهذه البلدان.
توسعة النفوذ الأطلسي
بالنسبة لهذه المعارك في حرب القضية الأوروبية، فإن الشراكة الشرقية ليست سوى محاولات أطلسية الهدف منها توسيع الفضاء الأوروبي وخاصة حلف شمال الأطلسي – الناتو، في وقت يتداعى فيه الحلم الأوروبي في الغرب، فبدل إصلاح هيكلية الاتحاد ودوله داخلياً، ترفض بروكسل مداواة جراح الاتحاد المشوش، لكنها سارعت إلى اندفاع توسعي متهور شرقاً، ولأي نتائج؟
عندما زعزعت استقرار أوكرانيا بسبب ثورة أمريكية ملونة أغرقت البلاد في أزمة مالية غير مسبوقة وحرب أهلية، كما شجعت بروكسل، واشنطن بعدم التدخل في الأزمة الأرمينية – الأذرية، وتبين ذلك، عندما طرد أرمن أرتساخ من أراضي أجدادهم في نهاية العام الماضي “2020” على يد الجيش الأذربيجاني بمساعدة الجيش التركي والجهاديين من الشرق الأوسط، حيث تركهم الاتحاد الأوروبي لمصيرهم، كذلك الأمر عندما أظهرت بيلاروسيا علامات الضعف السياسي، وبدلاً من تعزيز الحوار بين الحكومة والمعارضة، أضافت بروكسل الوقود إلى النار وجعلت المفاوضات معقدة للغاية.
أخيراً، لقد كان المشروع الأوروبي في شراكته هذه مع الكتلة الشرقية في الأصل مفهوماً جذاباً لأنه وعد بإحلال السلام في قارة مزقتها حربان عالميتان مدمرتان. لكن ماذا بقي من مشروع السلام هذا؟ اليوم عندما لا يتردد الاتحاد الأوروبي في التدخل في سياسات الدول المجاورة لربطها بالعالم الأطلسي، حتى لو كان ذلك يعني زعزعة استقرارها إذا ثبت أنها مترددة ورفضت هذا الربط، زد على ذلك، أن وراء تبرعات اللقاحات ودروس إعادة الهندسة الاجتماعية، تُخفى في الواقع اليد الخفية لاستراتيجيّ الناتو الذين لا يهتمون كثيراً بمصير شعوب الشرق، ولكنهم يريدون بوضوح وضع المنطقة تحت “الحذاء” العسكري لواشنطن، فلقد أدرك العديد من شعوب الشرق لعبة الاتحاد الأوروبي المزدوجة ونواياه الخفية، دعونا نأمل لهم أن تكون نخبهم قد فهمت ذلك أيضاً.
خاص وكالة “رياليست” – نيكولا ميركوفيتش – باحث وكاتب سياسي صربي.