بينما ينشغل العالم أجمع في هذه الأيام بالانتشار السريع للفيروس القاتل “كورونا” في جميع قارات كرتنا الأرضية والذي حصد عشرات الآلاف من الضحايا، وأصاب قرابة المليون شخص في العالم، وجد رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان فرصته الذهبية للتغلغل أكثر فأكثر في المسألة الليبية أملاً منه بتحقيق إنجاز نوعي يعتقد فيه بإمكانية قلب موازين القوى التي أصبحت واضحة للعيان بأنها تجري بما لا تشتهي السفن التركية والطائرات التركية.
الإتحاد الأوروبي الذي يحاول جاهداً احتواء الفيروس القاتل والقضاء عليه وبشكل خاص إيطاليا المتضررة الأكبر منه والأقرب إلى ليبيا من أية دولة أوروبية أخرى، وتليها إسبانيا وفرنسا والذين وقفوا جميعاً صفاً واحداً ضد السياسات التركية في ليبيا وخاصة دعم حكومة فائز السراج ذات المرجع الإخواني والتي تعتبر امتداداً طبيعياً للأيديولوجية التي يتبناها الرئيس التركي وحزبه “حزب العدالة والتنمية” وبشكل خاص سياسته سواء في نقل الإرهابيين من سورية إلى ليبيا ليقاتلوا إلى جانب حكومة السراج ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر.
وبالرغم من القرارات الدولية والتي نصت على منع تزويد أي فريق من الفرقاء في ليبيا بالأسلحة والعتاد والذخيرة وإقرار ذلك أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة، وآخرها الإجتماع الذي انعقد في ألمانيا وحضره رئيس النظام التركي ووافق عليه، إلا أن متلازمة الطعن في الظهر التي تعتبر سمة أساسية من سمات الإخوان المسلمين والتي ينحدر منها ويؤمن بها أردوغان تجعله يتسابق مع الفيروس القاتل “كورونا” للوصول إلى تحقيق أهدافه من السيطرة على ليبيا، وإعادة تمركز وانتشار قواته سواء من جيش حزب العدالة والتنمية “الجيش التركي سابقاً” أو من الإرهابيين الذين استطاع إيصالهم إلى الأرض الليبية عبر نقلهم بمختلف الطرق المباشرة “عبر الطائرات التركية أو السفن التركية” أو بطرق غير مباشرة عبر إيصالهم جواً وبحراً إلى دول الجوار الليبي وتأمين دخولهم عبر الحدود المشتركة مع الدول المجاورة لليبيا والتي يصعب في الوقت الراهن ضبطها والسيطرة عليها.
وهذا الأمر وبكل تأكيد لم يكن بمقدور رئيس النظام التركي تنفيذه بدون المباركة المباشرة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تتفق أهدافه وسياساته مع أهداف وسياسة رئيس النظام التركي والتي تتمثل في السيطرة والهيمنة والاستيلاء على النفط الليبي وتهديد الأمن القومي للاتحاد الأوروبي بالإشراف المباشر على الموجات الجديدة من اللاجئين الأفارقة باتجاه الاتحاد الأوروبي، إنطلاقاً من إيطاليا الأقرب جغرافياً إلى ليبيا، إضافة إلى الاستعداد للانطلاق باتجاه عمق القارة السمراء لتعطيل المشاريع الصينية تحديداً التي بدأت بإنشاء البنى التحتية في القارة الأفريقية لتنفيذ مشروع الحزام والطريق الذي تعارضه الولايات المتحدة بشدة لأنه يمثل تهديدياً لسياساتها في هذه القارة، القائمة على نهب واستغلال خيرات وثروات هذه القارة ووضعها في خدمة الاقتصاد الأمريكي وتنفيذ أهدافها الجيو – سياسية.
وهنا لابد لنا أن نشير بأن حكومة فائز السراج والمعترف فيها دولياً بمباركة أمريكية وغربية وحتى بإعتراف روسي على الرغم من أن هذه الحكومة غير معترف بها في الداخل الليبي لعدم شرعيتها ولكن استطاعت الولايات المتحدة بفرضها على العالم أجمع من أجل خدمة مشاريعها السياسية والاقتصادية في شمال أفريقيا وخاصة بوجود النفط الخفيف الليبي وسوقه الرئيسية في كل من إيطاليا وإسبانيا وصولاً إلى فرنسا، ومن هنا يمكن تفسير قوة وسرعة انتشار فيروس كورونا القاتل في هذه الدول الثلاث من الاتحاد الأوروبي.
والمثير في حقيقة الأمر في الآونة الأخيرة نوعية الأسلحة التي تم تسليمها من قبل النظام التركي إلى حكومة الإخوان المسلمين بقيادة فائز السراج والتي تحتوي بالإضافة إلى الطائرات بدون طيار من نوع “بيرقدار” وناقلات الجند المدرعة التركية الصنع وأنظمة الدفاع الجوي من نوع “تي 155” ومدافع ذاتية الدفع من نوع “جي دي إف”، بالإضافة إلى مدافع من نوع “اي سي في -15” والتي تم نقلها وتفريغها في ميناء طرابلس، وهذا ما أكدته التحقيقات التي أجرتها الأجهزة المختصة الإيطالية بعد التحقيق مع بحارة الباخرة “بانا” حيث اعترف البحارة للشرطة الإيطالية بأنهم أنزلوا حمولة الأسلحة في ميناء طرابلس، إضافة إلى عدد كبير من جيش حزب العدالة والتنمية الذي رافق الحمولة من ميناء مرسين التركي باتجاه ميناء طرابلس الليبي.
ولابد لنا أيضاً من الإشارة إلى المحادثة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الروسي بوتين ورئيس النظام التركي أردوغان، حيث تطرق الحديث إلى الموضوع الليبي، إضافة الى الموضوع السوري وكذلك موضوع تفشي وباء فيروس “كورونا”، وأعتقد هنا وكأن لسان حال الرئيس بوتين يقول لرئيس النظام التركي بأن مناوراته الخبيثة في سورية لا يستطيع تمريرها في ليبيا في الوقت الذي يحاول فيه خادم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إظهار نفسه وكأنه الوكيل الوحيد والحصري لتنفيذ المخططات القذرة مقابل الحفاظ على عرش السلطنة في تركيا كما هو الحال وبكل أسف في دول العباءات الخليجية التي تتسابق لخدمة مصالح حامي عروشهم في منطقة الخليج.
ونجد مرة أخرى رئيس النظام التركي يلجأ إلى أوكرانيا بحجة التعاون في التصدي للفيروس القاتل “كورونا” من خلال المكالمة الهاتفية التي أجراها مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي وهي المكالمة التي تذكرنا بسابقتها عندما شن جيش حزب العدالة والتنمية هجومه على مدينة سراقب قبيل إعادة السيطرة عليها من قبل الجيش العربي السوري وحلفاؤه وأصدقائه حيث كان التعاون العسكري الملفت للنظر بين تركيا وأوكرانيا وخاصة في تصنيع وإنتاج الطائرة المسيرة “بيرقدار” وبالتعاون مع إسرائيل، فهل يكرر رئيس النظام التركي طلبه مرة أخرى لتزويد تركيا بمحركات هذه الطائرة لاستخدامها بشكل أوسع في ليبيا ؟؟؟
وهل سيستطيع رئيس النظام التركي ومن خلفه مشغليه سواء كانت الولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة تحويل إنتشار الفيروس القاتل “كورونا” إلى فرصة للانقضاض على ليبيا والسيطرة عليها وقلب موازين القوى فيها ؟؟؟؟
بالتأكيد سيفشلون كما فشلوا من قبل في سورية والعراق وكما فشلت أذنابهم من دول أصحاب العباءات الخليجية في اليمن، وكما فشلت مؤامراتهم في مختلف أنحاء العالم وتحت تسمياتها المختلفة كثروات ملونة وثورات الياسمين والورود وصولاً إلى ما يسمى بالربيع العربي.
خاص وكالة “رياليست” – د. فائز حوالة – موسكو