قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الحكومة السورية تزيد استفزازاتها في منطقة إدلب بشمال غرب سوريا وإن تركيا لن تسمح بأن تصبح محافظة إدلب في شمال غرب سوريا منطقة صراع مرة أخرى، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
يأتي ذلك وقد قامت الفصائل الإرهابية المسلحة المدعومة من القوات التركية الموجودة بالشمال السوري، بإستهداف مواقع الجيش العربي السوري، في منطقة سهل الغاب بريف حماة مؤخراً، وقامت قوات الجيش بالرد على مصدر الإطلاق وقضت على ما يقارب الـ “30” إرهابياً فضلاً عن تدمير عتادهم ومواقع تحصيناتهم.
هذا الأمر أقلق الحكومة التركية اعتبرته استفزازاً من الجانب السوري، في حين أنه رد على الخروقات المستمرة على الجيش السوري مؤخراً، فحتى الدفاع عن النفس لدى أنقرة مرفوض خاصة بعد أن شعرت بنشوة إنتصار جولة من المعركة الطويلة في ليبيا، ليخرج الرئيس التركي ويصرح بأن على سوريا أن توقف إستفزازاتها، لكن إلى الآن هذا الأمر هو نظري والحقائق الدامغة أبعد من هذا التحليل.
لا يخفى على أحد أن الدعم التركي المقدم لحكومة الوفاق الليبية أتى بثماره مؤخراً، وحصدت الوفاق نتائج هذا التحالف، الأمر الذي اعتبر فشلاً لدولتي الإمارات ومصر رغم دعمهما لحفتر، وأتت الإتهامات الأخيرة لروسيا سواء من الأمم المتحدة أو من القوات الأمريكية “أفريكوم”، تثبيتاً للمعطيات التي ستأتي لاحقاً، ما يعني إخراج روسيا من الملف الليبي، كي لا يتم إستثماره أسوةً بالملف السوري، وهذا مقصد أمريكي وتركي في آنٍ معاً.
الواضح أن روسيا وكذلك الإمارات ومصر يعلمون ذلك جيداً، ويعلمون أن لتركيا المصلحة الأكبر في خروجهم من الملف الليبي، وهذا حكماً سيتم الرد عليه في الملف السوري، فمعركة الشمال لم تنتهِ إنما تم تأجيلها مع بداية إنتشار فيروس “كورونا” المستجد، رغم أن الظاهر كان أن الجبهة هدأت بفعل “إتفاق موسكو” المبرم مع تركيا في الخامس من مارس/ آذار الماضي، فكان طوال هذه الفترة هناك خروقات للعناصر الإرهابية، إلا أن ما حدث مؤخراً أن إستقدمت المخابرات التركية كتيبة داعشية مؤلفة من 40 داعشياً كلهم عراقيين إلى الشمال السوري، وكما وضحنا في السابق أن دورهم “التفخيخ والإغتيالات” ومراقبة الإرهابيين الأجانب مع صرف النظر عن إنتماءاتهم سواء للقاعدة أو النصرة أو الحزب الإسلامي التركستاني وحراس الدين، فتم الهجوم على منطقة سهل الغاب بزخم كبير جداً، الأمر الذي دفع بسلاح الجو الروسي التدخل ووقف هذا الهجوم.
الجدير بالذكر، أن سلاح الجو الروسي لم يقصف منذ إبرام إتفاق موسكو حتى أول أمس، لكن خلف الكواليس، هناك معلومات تتحدث عن إحتمالية إستئناف معركة الشمال السوري لجملة من الأسباب، فمع تردي الوضع الاقتصادي في سوريا والمضاربات التي يقوم بها محتكري العملات الأجنبية خاصة في مناطق الصراع، وبعد قرار قوات سوريا الديمقراطية – قسد، منع التصريف داخل سوريا المركزية، كان لابد من إستئناف المعركة وقد تكون في أية لحظة.
من هنا، إن معركة إدلب وإعادة إطلاقها من الجانب السوري، هي رد روسي مباشر على تركيا ودورها في ليبيا خاصة وأنها هي المحرض الأساس في محاولة إخراج موسكو من ذاك الملف، لينفرد هو في ليبيا، طالما هو مطمئن على سوريا ما بعد إتفاق موسكو، فليس سراَ أن الهجمات ضد القوات الروسية في سوريا قد زادت مؤخراً، وآخرها إستهداف دورية عسكرية روسية بعبوة ناسفة في منطقة عين العرب، وهذا الأمر سابقة لم تحدث قبل، ما يعني أن مستوى الصراع إنتقل إلى إستفزازات بين الأطراف الأصيلة فيه، وهذا ما سيتبين في القريب القادم من الأيام.
فريق عمل “رياليست”.