حذرت الولايات المتحدة الأمريكية من تكرار تجربة سوريا في ليبيا، وذلك بعد أن كشفت القيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا (أفريكوم) عن نشر روسيا مقاتلات لها دعما للواء المتقاعد خليفة حفتر، وهو ما نفته موسكو، وقالت الخارجية الأميركية إن الأنشطة الروسية المزعزعة للاستقرار في ليبيا واضحة للعيان، وأشارت إلى أن المجتمع الدولي والشعب الليبي لن يصدقا ادعاء روسيا بأن مرتزقتها لا علاقة لهم بأجندتها في ليبيا، طبقاً لقناة “الجزيرة“.
وقالت الخارجية الأميركية في بيان، إن روسيا لا تزود قوات حفتر بالأسلحة المتطورة فحسب، بل تسعى لإخفاء تدخلها في ليبيا، وأوضحت أن نشر روسيا طائرات مقاتلة في ليبيا بعد إعادة طلائها لن يطمس الحقيقة.
إن تسلسل الأحداث في ليبيا، من الناحية العملية يؤكد أن هناك قواسم كثيرة تتشابه مع الأحداث التي دارت وتدور في سوريا، وكان الدخول الروسي في العام 2015 نافعاً للتسريع في عمليات التسريع وفتح باب المفاوضات والمصالحات، والحد كثيراً من مخاطر الإرهابيين الموجودين على الأراضي السورية، ولطالما رأى محللون أن الوضع السوري لجهة الوجود الروسي يعود لتصحيح الخطأ الكبير الذي ارتكبته موسكو في بداية الأزمة الليبية في العام 2011 والسماح لقوات شمال الأطلسي – الناتو قصف ليبيا، لتتكشف الحقيقة لاحقاً ويتوضح أي خطأ إرتكبته موسكو.
وبالعودة إلى البيان الذي نشرته قيادة “أفريكوم” وإتهام روسيا مباشرةً بإدخال طائرات إلى ليبيا، فلماذا تقوم بطلائها وتترك شعار روسيا عليها؟، فلقد ذكرنا في تقرير سابق أن قوات المشير حفتر كانت قد تدربت على مقاتلات حربية في سورية، كانت تملكها ليبيا في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي وكان عددها 12 طائرة، بقي منها 4 وهي من نوع الطائرة الدبابة، وليسوا من النوع الذي ذكرهم البيان، إذ تحتاج تلك الطائرات إلى صيانة قبيل دخولهم في المعارك، فمقاتلات “ميغ -29″ و”سو -35” من الجيل الرابع أي طائرات حديثة ومن شأنها أن تغير ميزان الميدان بشكل محسوم لصالح قوات حفتر، وبالتالي، لواشنطن أهداف أخرى وهي:
أولاً، إن الإتهام الأمريكي لروسيا، هو ضوء أخضر لنظام أنقرة بأن تستثمر البلبلة الدولية وتحسم الصراع في بعض المناطق الحيوية في ليبيا، إضافة إلى التعتيم عن المقاتلات التركية التي حملت علم دولة كينيا وإتجهت من إسطنبول إلى الأراضي الليبية.
ثانياً، إيهام الرأي العام العالمي بأن روسيا أرسلت مقاتلين من شركة فاغنر للقتال بصورة غير شرعية، يأتي في سياق التعتيم أيضاً على المرتزقة الذين جلبتهم تركيا إلى الداخل الليبي وخاصة السوريين منهم وعددهم فاق الـ 27 ألف إرهابي بحسب تصريحات لأحمد المسماري الناطق باسم القوات المسلحة الليبية.
ثالثاً، تعاني واشنطن من أزمات داخلية خانقة، على خلفية جائحو كورونا، وتريد حرف أنظار الداخل نحو أخطار خارجية وليس أفضل من روسيا والصين العدوين الأزليين لأمريكا.
من هنا، على الرغم من حنكة الولايات المتحدة الأمريكية وقدرتها على الكسب الكثير مقابل القليل من الخسائر، إلا أنها تلقت صفعات كثيرة في الأشهر القليلة الماضية، فالخلاف مع الصين مهما تطور ومهما سبب خسائر للصين فالمتضرر الأكبر هو أمريكا، وأصبحت الدول على الرغم من العقوبات المفروضة عليها وقدراتها المحدودة في مواجهة واشنطن إلا أنها تحدتها وبدأ ذلك منذ قصف إيران لقاعدة عين الأسد في العراق تلا ذلك، إرسال 5 ناقلات من النفط إلى فنزويلا على مرأى ومسمع من واشنطن مرفقاً بتهديد مباشر لها، فلجأت الإدارة الأمريكية إلى الحل الاسهل عبر شيطنة روسيا وإتهامها بالتدخل في ليبيا كما ذكرنا لتحريف النظر عن البطالة التي تجاوزت 25% في الولايات المتحدة، وهي نسبة كبيرة، وأما البطالة فنسبتها 5% وهي أعلى من بطالة العام 1929، ما يعني أن الوضع الداخلي إلى تراجع كبير ينذر بأخطار كبيرة.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فخلاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ايضاً مع موقع “تويتر” زاد الأمور داخلياً وإكتمل المشهد بقتل الأمريكي الأسود على يد الشرطة الأمريكية حيث بدأت الأوضاع تخرج عن السيطرة في عدد من المدن الأمريكية وهذا الأمر من شأنه تعقيد الأوضاع والذهاب نحو الغرق إذ لم يكن إلى الهاوية، فبدأت واشنطن تقوم بأفعال غير مدروسة منها ما يتعلق بروسيا ومنها العقوبات الاقتصادية على كل من يخالفها، والرهان اليوم على الشعب الأمريكي الذي كشف حكام بلاده ومسؤوليه الذين يحكمونهم بالنار والحديد وأن الديمقراطيات والحريات ليست أكثر من مجرد حملات دعائية إنتخابية، فلقد خسر ترامب أدنى فرصه بحلم اسمه “رئيس الولايات المتحدة”.
فريق عمل “رياليست”.