رافق وصول الرئيس دونالد ترامب لمنصب الرئاسة خطاب عنصري كان أولوية في أجندته وأجندة مسؤولي إدارته، وهي التي مهدت لهذه الأحداث، التي تشهدها أميركا اليوم. وهي إعادة فتح ملف التمييز العنصري والإضطهاد الذي يتعرض له الأميركيون من أصول إفريقية.
الرئيس ترامب ومسؤولو إدارته هم المسؤولون عن نظرية سيادة الرجل الأبيض، وتكريس مفاهيم التمييز العنصري. إن تراكم الأحداث العنصرية ضد ألأميركيين السود والملونين، وتداعيات الأزمات الإقتصادية والمالية والصحية، بالإضافة إلى انعكاسات وباء “كورونا” على فقراء أميركا من الأفارقة والمكسيكيين والملونين من أبناء دول آسيا وأميركا الجنوبية والدول العربية الذين يلقون حتفهم بمعدلات هي الأعلى بين مكونات المجتمع الأميركي. هذه الأحداث هي وراء اتساع انتفاضة الشعوب الأميركية. النظام السياسي الأميركي الذي يقوم على مأساة العنصرية والعنف، هو المسؤول عما تشهده الولايات المتحدة الأميركية من ثورة ضد العنصرية، التي قد تتحول حرباً أهلية في المدن الأميركية.
فعلى إيقاع الإنتفاضة الشعبية ضد التمييز العنصري والرئيس ترامب وإدارته ونتائجها، يبدو أن ثمة أمور كثيرة قد تتغير قريباً فمن راهن طويلاً على الولايات المتحدة الأميركية سواء من أوروبيين أو إسرائيل وأنظمة عربية ملوكاً وأمراء ورؤساء قد يجدون أنفسهم قريباً مضطرين أن يراجعوا حساباتهم، لأن الحامي والراعي وصاحب القوة أصبح في دائرة الأزمات وعدم التوازن والسياق الإنحداري لقوته. والسؤال هنا:
هل الحلم الأمريكي إلى زوال؟ وهل النفوذ الأمريكي إلى أفول؟
من واكب صور الحرائق في مدن أمريكية احتجاجاً على جريمة قتل ارتكبها ضابط شرطة أمريكي بحق مواطن من لون آخر، يدرك مجدداً حجم المخاطر التي تواجه المجتمع الأمريكي في السنوات الأخيرة، تؤكّد أن “الحلم الأمريكي” إلى ذبول، والنفوذ الأمريكي إلى أفول.
لقد كانتالظروف الاقتصادية الجيدة التي عاشتها الولايات المتحدة الأمريكية على مدى عقود هي السبب الذي وحد الأمريكيين حول ما كان يسمونه “بالحلم الأمريكي”.
واليوم، وبعد أن بدأت الأزمات الإقتصادية والمالية والصحية تتوالى على المجتمع الأمريكي، بدأت البحبوحة تجف والحلم يذبل، والانقسامات والصراعات تشتد.
فهل تتوفر لأكبر دولة في العالم قيادة قادرة على إخراج بلادها من آتون الأزمات المتتالية، أم أن مصيراً مشابهاً لمصير الإمبراطوريات الكبرى. بات يتهدد هذه الإمبراطورية.
وحين يقول هنري بولسن وزير مالية الولاية الثانية لجورج بوش:” أن المشكلة في الولايات المتحدة ليس في الصين كما يقول ترامب، وإنما في الداخل،” فهو يحذر من مغامرات غير محسوبة قد يلجأ إليها ترامب للخروج من مأزقه المتعاظم، فيعجل في تدمير دور بلاده ومكانتها ونفوذها في العالم.
وهل يدرك الذين ما زالوا يراهنون على “القوة الأمريكية التي لا تقهر” ضرورة مراجعة حساباتهم كي لا يغرقوا هم أيضاً بالطوفان الأمريكي.
خاص وكالة “رياليست” – الأستاذ نبيل المقدم – كاتب صحافي لبناني.