موسكو – (رياليست عربي): ما تبدأ الحروب بسبب التوقعات الخاطئة، وخير مثال على ذلك، أحداث يوليو/ تموز 1914، والمثال الأكثر وضوحاً على ذلك هي حادثة اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند في سراييفو، التي كانت دافعاً مباشراً لبدء الحرب.
فحادثة الاغتيال هذه تفاعلت معها القوى العظمى بطرق مختلفة تماماً، فكانت لهذه القوى الكثير من المطالب المتبادلة، بسبب مصالح استعمارية حينها والمخاوف على إمبراطورياتهم.
في بدايات القرن العشرين كانت القوى العظمى مقسمة الى كتلتين، كل منهما تبني جيوشاً وتحضر أسلحة، كما تم ترتيب الالتزامات داخل هذه الكتل بطريقة أدت الى خلق صراعات صغيرة وهذه الصراعات بتأثير الدومينو وصلت الى حالة الحرب العالمية.
وتجدر الإشارة إلى أنه في صيف عام ١٩١٤ كان من الممكن تجنب هذه الحرب، فكانت فترة الثلاثين يوماً بأكملها بين حادثة الاغتيال و بداية الحرب العالمية الأولى مليئة بأحداث عديدة متتالية، منها: توقيع نيكولاس الثاني على أمر التعبئة العامة أولاً، ثم الأمر بعدم إرساله، ثم عودة التفكير مجدداً، وإعادة الأمر وهكذا.. لكن الإجابة الرئيسية عن سبب بدء الحرب العالمية الأولى هي، أنه كان لدى كل طرف فكرة خاطئة عن نوع الحرب التي ستكون، وهذا توقع غير صحيح، كان يُعتقد أنه إذا بدأت حرب جديدة، أولاً، كان من المفترض أن تستمر الحرب حوالي ٤ أشهر فقط.
ثانياً، الانتصار، إن الخصوم من كلا الجانبين – بريطانيا وفرنسا وروسيا؛ ألمانيا والنمسا والمجر – كانوا على يقين من أنهم سيفوزون، منتصر ما منهم سيستحوذ على البوسفور، ومنتصر آخر سيسيطر على آيا صوفيا، أي أن المنتصرين كانوا يحلمون بالهيمنة على القارة الأوروبية و كذلك الحصول على مستعمرات جديدة.
لكن من المهم أنه كان فوزاً كبيراً جداً، لكن من الصعب فهم طبيعة هذه التوقعات غير الصحيحة، كما كان من المهم وضع تصور نهائي لهذه الحرب، على سبيل المثال، الآن سنبدأ حرباً، وسنقاتل بسرعة، ولن يكون للبلد الوقت حتى لتشعر بها، وسوف نفوز، إذا تم طرح هذا السؤال بهذه الطريقة، فإن الاستنتاج واضح:
إذا جاء أحدهم من المستقبل إلى نيكولاس الثاني وقال: “الحرب ليست أربعة أشهر، ولكن أربع سنوات، 20 مليون حالة وفاة، ستحدث ثورة في بلدك بسبب الحرب، سيتم إسقاطك، وبعد ذلك سيقتلون ويقتلونك”، ربما كان سيذهب للتفاوض، أو الاستسلام والضغط على صربيا لقبول الإنذار، وإلغاء التعبئة، كان من الممكن أن يفعل حكام الدول العظمى الآخرين الشيء نفسه، لكن الوسطاء من المستقبل لم يظهروا، فقد اختار كل بلد بدء الحرب في صيف عام 1914، وبعد ذلك، لم يعد بالإمكان إغلاق “صندوق باندورا”، كما قالت صوفيا شيروغوروفا، “إذا ظهر هؤلاء الأشخاص من المستقبل، فسيتم استجوابهم باهتمام بالغ حول كل تفاصيل ما حدث من عام 1914 إلى عام 1918 وسيصححون الخطط العسكرية والسياسية”.
وهذا الواقع يمكن إسقاطه على أحداث اليوم، فإذا أراد أولئك الذين في السلطة الحرب، وكان الشعب مستعداً للاستسلام للجنون العسكري، فسيكون هناك دائماً سبب ومبرر للحروب.
كونستانتين كالاتشيف – محلل سياسي – روسيا.