ذكرت وكالة الأنباء السعودية على تويتر أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التقي بالمبعوث الروسي الخاص لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرينتييف، وقالت الوكالة أنهما استعرضا “العلاقات الثنائية بين البلدين ومستجدات الأوضاع على الساحة السورية”، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
تصحيح المسارات
عوّلت أغلب دول العالم على أن يكون خلف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مصححاً لكل الفوضى التي صنعها سلفه، لكن ما هي إلا أيام قليلة حتى زادت الأوضاع سوءاً وزادت معها الفوضى الدولية، فعلى الرغم من الانفتاح الروسي على واشنطن، وتقديم التهئنة من الرئيس فلاديمير بوتين لنظيره الأمريكي جو بايدن، وعلى الرغم من عودة الأخيرة إلى اتفاقية “نيو ستارت” كانت كلها مؤشرات توحي بأنه سيعمل على نشر الاستقرار ونبذ الفوضى، إلا أن ما حدث هو العكس، فحالة عداء واشنطن مع موسكو يعلمها العالم أجمع، ولعل أبرزها تقويض قدرة موسكو الاقتصادية والعسكرية في آنٍ معاً، مثل مشروع “السيل الشمالي 2 – نورد ستريم 2” أو ما تحكيه أمريكا لروسيا في أوكرانيا وعلى حدودها مع بولندا، وآخر الأمور فرض عقوبات على شخصيات ومسؤولين روس على خلفية قضية المعارض الروسي أليكسي نافالني، إضافة إلى الملف السوري وما حدث مؤخراً من استفزازات بحرية على السواحل السورية كادت أن تشعل حرباً بين القوات الروسية والأمريكية، فضلاً عن الغارة الجوية الأمريكية الأخيرة وعدم إخطار روسيا إلا قبل 4 دقائق فقط.
هذه الأمور بميزان العلاقات السياسية بين الدول هي أمور من العيار الثقيل، وليست مقبولة على الإطلاق، فلا يمكن للولايات المتحدة أن تغير مسار سياساتها الخارجية مهما كانت الأسباب، وأصبح لزاماً على روسيا البدء بتفعيل دورها الدولي في مختلف الساحات لصد الهجمة الأمريكية عليها، وبالفعل، إن اجتماع ولي العهد السعودي مع مبعوث الروسي الخاص إلى سوريا هي رسالة روسية مزدوجة إلى بايدن، من جهة تحاول موسكو تقريب وجهات النظر بين الرياض ودمشق، والبدء بعودة تطبيع العلاقات على أقل تقدير، إضافة إلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية على الرغم من أنها أصبحت جامعة مملوكة لشركات النفط الأمريكية لا للدول العربية، فلن تقدم لسوريا شيء إن عادت أم لم تعد.
ومن جهة أخرى، إن العلاقات الأمريكية – السعودية المتوترة مؤخراً على خلفية الأزمة اليمنية وملف الصحفي جمال خاشقجي وملف حقوق الإنسان، وهذه نقطة تحسب لروسيا بأنها دخلت على خط هذه الأزمة، على الرغم من أن الاستثمار فيها غير مجدٍ لكن تريد موسكو من ذلك إخطار واشنطن بأنها قادرة على الرد بالمثل كما تفعل أمريكا في كثير من الملفات المشتركة.
أخيراً، إن الاجتماع السعودي – الروسي في هذا التوقيت، كما أشرنا أعلاه، رسائل روسية لبايدن، خاصة وأن في اجتماع وزير الخارجية الإماراتي مع نظيره الروسي سيرجيه لافروف كان هناك تفاصيل متقاربة من وجهة النظر الروسية حيال سوريا، رغم أنه من غير الممكن التنبؤ بالمواقف الخليجية لأن علاقاتها عميقة مع واشنطن، لكن يبدو أن هذا العام هو عام التحالفات الجديدة، وعام التسويات، بعضها سيكون ممزوجاً بالدم، لقد أصبح الشرق الأوسط ساحة تصفية حسابات بين واشنطن وموسكو.
فريق عمل “رياليست”.