وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الجزائر تلبية لدعوة من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وسيتم خلال الزيارة بحث سبل تعزيز روابط التعاون بين البلدين، والتشاور حول المسائل الدولية ذات الاهتمام المشترك، حسب ما أكد بيان لرئاسة الجمهورية الجزائرية، طبقاً لقناة الجزيرة.
تأتي أهمية هذه الزيارة كونها الأولى في ولاية الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون، الذي يعمل على نقل الجزائر نقل نوعية من الناحيتين السياسية والإقتصادية، مستفيداً من الأحداث الجارية على حدود بلاده سواء الأزمة في ليبيا والأجواء العاصفة في تونس، وحتى مسألة الصحراء المغربية، فتركيا تعتبر المستثمر الأكبر في الجزائر ويقدر حجم التبادل التجاري بنحو 3.5 مليارات دولار أمريكي، وهذه الزيارة من الممكن أن ترفع حجم التبادل إلى حدود الـ 5 مليارات دولار. ولهذه الزيارة بُعد إنتقامي تركي، فبعد أن كانت فرنسا تتصدر بين الدول الغربية بحجم إستثماراتها في الجزائر أصبحت تركيا اليوم تتفوق عليها، وفي ذلك نوايا تركية مبيتة تجاه باريس وخاصة لشخص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي إختلف مع أنقرة في سوريا حول مسألة الكرد وموقفه من عملية نبع السلام العسكرية، ومن ثم في مؤتمر برلين طالب بوقف تدفق الإرهابيين السوريين إلى ليبيا، فما كان من أردوغان إلى أن عمل على سحب البلد الأكبر من تحت يدي فرنسا.
إلى ذلك، وبعد إجتماع دول جوار ليبيا لبحث سبل الأزمة الليبية، وموقف الجزائر منها بأنها ترفض التدخلات الخارجية، في حين أن لليبيا موقفاً آخر، إذ تعتبر النظام التركي محتل وطامع في مقدراتها وهذه الزيارة ليست نظيفة بالمعنى العام، فإقدام أنقرة على توطيد العلاقات مع دول جوار ليبيا مسألة ذات بعدين سياسي وإقتصادي.
البعد السياسي:
يتوقع أردوغان بموجب الإتفاقيات الموقعة القديمة والجديدة بأن أي عملية قد يقوم بها في ليبيا سيضمن ولاء تلك الدول ووقوفها إلى جانبه، وهذا متوقع وقريب جداً، خاصة بعد تأكيده إرسال خبراء أتراك للتدريب المقاتلين في حكومة الوفاق الليبية، ما يعني أن الأراضي الليبية ستشهد تصعيدا ًقريباً، خاصة بعد عدم التوصل إلى إي إتفاق بين السراج وحفتر في موسكو، فيما حمّل أردوغان حفتر مسؤولية هذا الأمر وأنه لا يريد السلام، وبالتالي يبرر لنفسه التدخل العسكري في ليبيا.
البعد الاقتصادي:
كما هو معروف أن الجزائر من البلاد الغنية بمصادر الطاقة، وموارد طبيعية كثيرة، وتركيا دولة أصبحت متقدمة صناعياً وتعيش نهضة كبيرة في هذا المجال، ويجب عليها للإستمرارية في ذلك، أن تحظى بمصادر تشغل تلك الصناعات وموارد بديلة في حال ذهاب أي مصدر آخر، وبذلك لا تتوقف عجلة الدوران لديها، فالإستثمارات التركية في الجزائر حتماً ستنعش إقتصاد الجزائر لكن بنفس الوقت الإنتعاش تركي 100%، وهذا ما بدأ إبان شهر العسل التركي – السوري والإستثمارات الكبيرة والتي إنتهت بعداوة وحرب وإحتلال.
إلا أن الحالة مع الجزائر هنا المقصود منها ليبيا، فليبيا دولة غنية بموارد كثيرة ومن مصلحة كل الدول الطامعة فيها ألا تتوقف الحرب وهذا بالضبط ما تسعى إليه أنقرة، وكان قد قال رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتيشدار بأن أردوغان أضر كثيراً بالسياسة الخارجية التركية وخلق أعداء كثر لها، لأن ما يقوم به نابع من مصلحة شخصية لا من مصلحة تركية عامة.
من هنا، إن عبد المجيد تبون، من واجبه تجاه شقيقته وجارته ألا يضع يده بيد من يريد السيطرة على مقدرات ليبيا، وبهذا التصرف سيخسر كثيراً ومن الممكن أن تشهد الجزائر أحداث إرهابية مختلفة بعد هذه الزيارة خاصة المتسللين تحت صفة لاجئين، فكان الأجدر به أن يهتم بالمسألة الليبية أولاً ومن ثم توقيع إتفاقيات تجارية وإقتصادية، بينما ترزح ليبيا تحت وطأة الحرب وآلات القتل والدمار.
فريق عمل “رياليست”