قالت مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية في تقرير لها إنه “حان الوقت لإخراج القوات الأمريكية من “أنجرليك”، كلما حققنا ذلك قريباً، كان أفضل”، ولفتت المجلة إلى أن هذه الخطوة قد تشهد معارضة “اللوبي الصغير” من المؤيدين لتركيا داخل أروقة الخارجية والكونغرس. ويعلل هؤلاء موقفهم بأن “أي تقليص في القوات أو التعاون العسكري سيصب في مصلحة روسيا”، طبقاً لموقع قناة “سكاي نيوز العربية“.
هل هناك بوادر خلاف تركي – أمريكي؟
لقد وضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة تقضي بتخفيف عديد قواته حول العالم، وفعلياً سيبدأ من العراق، ضمن سياسة لها علاقة بمسألة الانتخابات الرئاسية المقبلة، ما يعني أن هذا سيكون له تداعيات إيجابية في الداخل الأمريكي، خاصة وأن خروجه من الدول التي يتواجد بها وهي لا تزال تحت دائرة الأخطار كأفغانستان والعراق.
أما مسألة خروج القوات الأمريكية من قاعدة أنجرليك التركية يبدو أن الأمر أعمق من التطورات الأخيرة المرتبطة بالصراع التركي – اليوناني العضوتين بحلف شمال الأطلسي – الناتو، بل يعيدنا إلى سنواتٍ مضت عندما قررت ألمانيا نقل قواتها إلى قاعدة الأزرق في الأردن، والخروج من أنجرليك التركية، رغم أن البعض رأى في هذه الخطوة أنها ستضر بالتحالف، لكن مسألة خروج القوات الأمريكية، مرتبطة بشكلٍ ظاهر أن الولايات المتحدة الأمريكية تصف إلى جانب حلفائها الأوروبيين، لا مع تركيا، على الرغم من أن الاخيرة هي المصلحة الأهم لواشنطن على الصعيدين السياسي والعسكري معاً.
هل خروج واشنطن يعني الحياد عن الخلاف التركي – اليوناني؟
إن قرار الولايات المتحدة هذا، يدلل على أن الأمر قد يكون له إرتباط فيما إذا تطورت الأوضاع وحدثت مواجهة بين تركيا واليونان مستقبلاً في ضوء التحشيد العسكري التركي على الحدود مع اليونان، قد يدفع بإندلاع حرب ليست ببعيدة رغم إستبعاد حدوثها، وكون الدول الأوروبية حددت موقفها، وقررت وضع عقوبات على الجانب التركي، فقد تصعّد أنقرة وهي التي إن قالت لا تتراجع، فكما هددت الإتحاد الأوروبي سابقاً بفتح الحدود أمام اللاجئين، عملياً نفذت تهديدها، وحدث ما كانت تتخوف منه أوروبا.
أما في حال كما أشرنا أعلاه حدوث حرب حتى وإن كانت محدودة، إن وقفت واشنطن إلى طرف اليونان، ستخسر حليفتها الأهم في المنطقة، وإن حدث العكس، فستخسر الدول الأوروبية، وهم الذين إختبروا بعضاً من أنانيتها في التعاطي أثناء بداية جائحة “كورونا”، فهي بحاجة الأوروبيين أيضاً لجهة الإقتراب من روسيا، كما تركيا لجهة الإقتراب من روسيا أيضاً ومن الصين وإيران، وبالتالي، ما تقوم به الإدارة الأمريكية، مجرد عملية إنسحاب تكتيكي للمحافظة على علاقاتها ريثما تجد حلاً ينهي المشاكل التي قامت بها تركيا، للحفاظ على البناء المتين وإلا سيكون الوضع سيئاً وليست بصدد تقبل أي خسائر لا في هذه المرحلة ولا مستقبلاً.
من هنا، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سبق وأن هدد العام الماضي بإغلاق قاعدة أنجرليك، دون إعطاء أية تفسيرات حول هذا الأمر، ليأتي قرار الولايات المتحدة بالإنسحاب، هذا الأمر سيشكل ضعف في هذا الحلف، وبالتالي إذا خرجت الدولة الأقوى، سيؤثر حتماً على باقي الدول الأعضاء، إلا إذا كانت الأسباب الحقيقية أبعد مما هو مطروح على وسائل الإعلام، ونقل هؤلاء الجنود وعتادهم إلى مناطق أخرى ومن الممكن جداً أن تكون الساحة الأفريقية مهيأة لإستقبالهم نظراً للصراعات المفتوحة هناك.
فريق عمل “رياليست”.