حمل قرار مجلس الأمن الأخير وما تضمنه من بنود تتضمن الموافقة على طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إرسال بعثة خاصة من المراقبين إلى مدينة سرت، بعدد 60 فرداً، للوقوف على تنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار، العديد من الرسائل السياسية والأمنية وحتى الاجتماعية، طبقاً لموقع قناة “سكاي نيوز عربية“.
وصمد وقف لإطلاق النار في ليبيا منذ إعلانه في الخريف لكن الطريق الرئيسي الذي يمر عبر خطوط المواجهة من سرت إلى مصراته لا يزال مغلقاً، وفي خطابه بشأن بعثة المراقبين الجديدة، أوضح غوتيريش لمجلس الأمن، أنه درس المقترح مع اللجنة العسكرية المشتركة “5+5″، التي نجحت في وقت سابق من العام الماضي في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، كما دعا إلى إعادة صياغة قرار ولاية بعثة الدعم الأممية في ليبيا، بما يمكنها أن تكون “أكثر مرونة واستجابة” لمهام مراقبة وقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي استجاب له المجلس في قراره الأخير.
مماطلة
هذا القرار الأممي وعلى الرغم من أهميته، لكنه لا يزال ناقص البنود لجهة وضع المرتزقة والقوات الأجنبية في ليبيا، وكما استطاعت الأمم المتحدة نقل ليبيا في زمن قياسي على الاتفاق ووقف إطلاق النار والنجاح في تشكيل حكومة انتقالية جديدة، لها القدرة على إجبار القوى الأجنبية مغادرة الأراضي الليبية وحل الميليشيات وطرد كل المرتزقة أياً كانت ولاءاتهم إذا كانت النية فعلاً استقرار ليبيا، أما العدد المذكور للمراقبين الدوليين قليل نسبياً، كما أن الاتجاهات التي سيراقب بها ويرسل تقاريره معروفة الشكل والمضمون، وكان دوره من الممكن أن يكون ناجحاً أكثر لو أخذ غويتريش زمام المبادرة وحدد سقفاً زمنياً لخروج كل القوى الأجنبية، لكن يبدو أن لا قرار موحد في هذا الاتجاه.
هذه الخطوة مهمة لجهة تأمين الحكومة الشرعية في البلاد، وضمان عمل المؤسسات الليبية، لكنها وبنفس الوقت تقييد على القيادة الشرقية، لأنه ومع وجود مرتزقة وقوات أجنبية من الممكن أن تتعرض بعض المناطق لهزات ما، وهنا سيتدخل الجيش الوطني الليبي للدفاع عن مصالحه، لتبدأ إدانات واسعة له من هذا المنطلق، لأن الأمم المتحدة في هذا الإطار أغفلت جزئية غاية في الأهمية وهي توحيد هيكلية الأمن والدفاع، وطالما هناك مرتزقة هذا الأمر لا يمكن له أن يتحقق، ومع وجود كل هذه القوى الأجنبية، يقتصر دور المراقبين على أنه عدد إضافي وصل إلى ليبيا إلى جانب من فيها أساساً.
الانتخابات المقبلة
ركزت الأمم المتحدة على عملية الانتخابات المقبلة في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ودعت إلى إشراك المرأة والشباب في هذه العملية، وكما أشرنا أعلاه، هذه البنود من الناحية النظرية أكثر من جيدة، لكن هناك قلق حقيقي يتعلق بمسألة الانتخابات المقبلة، ومن غير الممكن التخمين عما إذا كانت ستتم بطريقة خالية من أية عمليات إرهابية، وبالتالي إن تركيز الأمم المتحدة على هذا الأمر يجب أن يترافق معه، إنهاء نقل السلاح إلى ليبيا، وحل الميليشيات، على الأقل كمرحلة أولى ومن ثم النظر بخروج القوى الأجنبية التي يبدو أنها لن تخرج بالسهولة المتوقعة.
ويبدو من كل هذه العملية أنها تقيد تحركات القيادة الشرقية كما ذكرنا آنفاً، في حين أن النظام الذي بنيت عليه القيادة الغربية لا زال قائماً كما هو ولم يتغير فيه شيء سوى أسماء المسؤولين، وهذه أزمة مستقلة بحد ذاتها.
أخيراً، إن الدور الأممي في ليبيا، يتبع مسار الحلول الآنية والسريعة، هذه الحلول تنتهي بمجرد حدوث حدث واحد، إن كانت النوايا صادقة نحو استقرار ليبيا، يجب التفكير ملياً بما تم ذكره أعلاه، لأن الانتخابات وإن تحققت في موعدها، وإن صمدت الهدنة، لكن طالما هناك دور للأجنبي في ليبيا، يبقى هذا الحل وهذا الوضع مجرد “استراحة محارب” قبل عودة تفجر الأوضاع مجدداً.
فريق عمل “رياليست”.