منذ بداية عام 2016، الذي شهد زيارة للرئيس الصيني شي جين بينغ إلى إيران، وإصدار بيان مشترك بعد التوقيع على شراكة إستراتيجية شاملة بين البلدين؛ ظلت الأخبار والإشاعات تصدر تباعا حول تفاصيل هذه الشراكة، في وقت كان الطرفان يضعان فيه اللمسات الأخيرة لها، طبقاً لموقع قناة “الجزيرة”.
ومع ما كشفت عنه وسائل إعلام غربية حول تفاصيل الإتفاقية والتي تدعي أن الصين ستستثمر 400 مليار دولار لتطوير البنية التحتية للنفط والغاز والنقل في إيران، إلا أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أقر خلال جلسة للبرلمان في طهران بأنهم يناقشون اتفاقا إستراتيجيا مع الصين مدته 25 عاما، فإن بكين لم تعلن أي تفاصيل حول ذلك، واكتفى متحدث باسم الخارجية الصينية خلال مؤتمر صحفي بتأكيد ما أوردته جهات إيرانية، من دون الإدلاء بأي معلومات إضافية، طبقاً لذات المصدر.
بعد الصراع المحتد في قره باغ وتأثيراته على كل من بكين وطهران، خاصة الأخيرة لجهة إن نجحت باكو في إستعادة الإقليم، الأمر الذي يضع المنطقة تحت سيطرة حلفاء واشنطن، وأيضاً يعرقل ذلك مشروع الصين الكبير “طريق واحد – حزام واحد”، وبالتالي هناك حاجة صينية للتمدد في الشرق، وحاجة إيرانية لإيجاد بديل عن السوق الغربية جراء العقوبات المفروضة عليها، ولكن هذه الإتفاقية الضخمة والتي يقال إن مدتها 25 عاماً ستفيد الطرفين، لأن طهران تشكل سوقاً ضخماً لإحتياجات بكين من موارد الطاقة، وبالعكس الصين تشكل مورداً ضخماً لإيران في قطاع التكنولوجيا والمواد ذات الصلة، لكنه وبشكل غير مباشر يضر بالمصالح الروسية التي لديها القدرة على تأمين السوق الصينية بموارد الطاقة، وبالتالي تكون إيران قد أضرت بالإقتصاد الروسي أيضاً بطريقة أو بأخرى.
فلقد برزت خلافات كثيرة بين الشريكين الروسي والإيراني في سوريا، رغم عدم الإعلان عنها بشكل ظاهر، لكنها تتعلق بطبيعة المشاريع المقسمة بينهما في سوريا خاصة الموانئ السورية، ما يعني أن إيران تحاول إستعادة ثقل دولي ما من الناحية الإقتصادية، بعد فشلها على الصعيد السياسي، في أغلب الملفات، وبدقة أكثر، الدولة الإيرانية كشريك رئيس في الملفات السياسية غير مرحب بها عربياً، رغم وجودها وحضورها القوي سواء في العراق أو سوريا ولبنان بالطبع، وهذا ما تعلمه روسيا جيداً، لكن اتفاقية الشراكة مع بكين إن أبصرت النور وبدأت بالفعل فهذا الأمر لن يناسب تطلعات واشنطن في وقف تمدد الصين ونموها التجاري، الأمر الذي ستعتبره تحدٍّ صارخٍ لها، وستزيد الخناق على إيران كما الصين لمنعه بشتى الوسائل والطرق.
من هنا، هذه الإتفاقية نظرياً تضر بالمصالح الروسية، فروسيا متوجسة بشكل ما من أي نفوذ إيراني في منطقة بحر قزوين أو في آسيا الوسطى،و أي تمدد قوي لإيران بالإضافة لشراكة مع الصين في هذه المنطقة سيضر بلا أدنى شك بالمصالح الروسية سواء على مستوى منطقة القوقازو آسيا الوسطى أو على مستوى الحصة الروسية في سوق الطاقة الصيني العملاق.
فريق عمل “رياليست”.