شهد القرن العشرين تغيرات عميقة، جعلت الصين تسير بوتيرة متسارعة إلى إنتهاج بُعد مغاير عمّا كانت تنتهجه على مدار آلاف السنين، فأخرجت الصين من قوقعتها التي عاشت فيها حيث كانت متمركزة حول ذاتها، بعيدة تماماً عن تأثير الحضارات الخارجية، وبالتالي ظلت الحضارة الصينية لفترات طويلة يشوبها الغموض.
هذه التغيرات تمثلت في ثلاثة أحداث مفصلية:
1-نجاح ثورة شينهاي عام 1911 بقيادة شون تشانغ شان في إنهاء الحكم الإقطاعي، ووضع دعائم الجمهورية والتي تم الإعلان عن قيامها عام 1912.
2-تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، على يد ماو تسي تونج، والتحول الكبير للصين كبلد شيوعي يتبني النهج الإشتراكي.
3-تبني الصين لسياسة الإصلاح والإنفتاح الإقتصادي عام 1978، لجعل الاقتصاد الصيني أكثر قدرة على التكيف مع تغيرات الاقتصاد العالمي والاندماج فيه.
فبدأت الصين تكّون علاقات جيدة مع العديد من الدول، بالتحديد بعد عام 1978 وتبني سياسة الإصلاح الإقتصادي، بعد حقبة ماو تسي تونج والتي بدأت بعد الثورة الثقافية عام 1949 وشهدت تشدداً أيديولوجياً، وإنعزالاً دولياً إكتفى فقط بحماية حدود الدولة، وغياب الدور الخارجي الفعّال.
العلاقات الصينية – العربية تعد حديثة نوعاً ما، فما عدا اعتراف مصر بالصين في خمسينيات القرن الماضي، والعلاقات التي قامت بينهما والمبنية على مساندة حركات التحرر الوطني، والجدير بالذكر أن الصين كانت البلد غير العربي الأول الذي اعترف باستقلال الجزائر، وقدمت دعماً سياسياً وعسكرياً لنضالها الثوري،[1] كانت علاقات الصين على الجانب الآخر مع باقي الدول العربية شبه معدومة، وبالأخص دول الخليج العربي، حيث كانت تلك الدول تخضع لسياسات الحليف الأمريكي المعادية للصين، فمنذ نشأة جمهورية الصين الشعبية على يد ماو تسي تونج عام 1949، لم تنشأ علاقات دبلوماسية صينية مع هذه الدول إلا مع مطلع تسعينيات القرن الماضي، وبالتحديد مع المملكة السعودية عام 1990.
فبالرغم من قصر عمر العلاقات بين الجانبين، إلا أنه سرعان ما بدأت تحظى الصين برصيد كبير من الإستثمارات والتعاون في المجال الإقتصادي في المنطقة العربية.
أظهرت بيانات صادرة عن وزارة التجارة الصينية، أن حجم التجارة بين الصين والدول العربية وصل إلى 266.4 مليار دولار في عام 2019، بزيادة 9 في المائة على أساس سنوي.[2]
ووفقاً لما نقلته وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا”، بلغ حجم الواردات الصينية من الدول العربية 146
مليار دولار في العام الماضي، بزيادة 4.8 في المائة على أساس سنوي.[3]
وفي الفترة نفسها، وصلت الصادرات الصينية إلى الدول العربية إلى 120.4 مليار دولار، بزيادة 14.7 في المائة على أساس سنوي. وأوضحت البيانات أن الاستثمارات المباشرة الصينية في الدول العربية بأكملها بلغت 1.42 مليار دولار في عام 2019، بزيادة 18.8 في المائة.[4]
يذكر أن أغلب الواردات الصينية من الدول العربية كانت على رأسها المشتقات النفطية، خاصة من السعودية وبحسب بيانات إدارة الجمارك الصينية، الصادرة الأحد 26 يوليو/تموز، ارتفعت واردات بكين من السعودية لتصل إلى 8.88 مليون طن في يونيو/حزيران، بما يعادل 2.16 مليون برميل يوميا[5] لتحتل بذلك المرتبة الأولى في ترتيب الدول المصدرة للنفط للصين.
فناهيك عن توسع بكين اقتصادياً، فإنها أيضاً تسعى لتشكيل قوة ناعمة لها في المنطقة، فبدأت تنفتح ثقافياً لتشكيل سياسة صينية مختلفة وعابرة للحدود خاصة مع إعلان الرئيس شي جين بينغ عن مبادرة الحزام والطريق والتي تشكل المحور الرئيسي الحالي للسياسة الخارجية الصينية، لذا فالصين وصلت إلى مرحلة من النمو والتطور أصبح الإنفتاح الثقافي لا يقل أهمية على الإنفتاح الإقتصادي بالنسبة لمصالح البلاد الإستراتيجية، وقد رسمت الصين مخططاً لنشر ثقافتها و أسمته “إستراتيجية خروج الثقافة الصينية”، فافتتحت بكين مراكز ثقافية صينية ومعاهد كونفوشيوس في العديد من الدول العربية، فيما أزيلت القيود على تأشيرات السفر وإنذارات السفر للسياح الصينيين، مما أدّى إلى زيادة السياحة بوتيرة سريعة.
دوافع الإنفتاح الثقافي الصيني على المنطقة العربية
1-المُضي قدماً في “استراتيجية خروج الثقافة الصينية”
رغم عراقة الحضارة الصينية والتي تعود إلى أكثر من 5000 عام، والباع الكبير لمدارسها الفكرية التي سبقت ظهور الفلسفة اليونانية بأكثر من قرن من الزمان، إلا أن الثقافة الصينية ظلت منكفئة على نفسها على مدار التاريخ، ولم تتطلع كثيراً للإحتكاك أو المنافسة مع الثقافات الأخرى.
لكن مع دور الصين المتنامي في العقود الأخيرة وبالتحديد فيما يخص الجانب الإقتصادي، رأت الصين أن ثقافتها الثرية والمتسامحة يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في تقريبها إلى العالم ودعم علاقات التعاون بينها وبين الدول الأخرى، عبر خلق نموذج إنفتاح يجمع بين المنتَج وثقافة المنتَج، يمكْن من كسر إحتكار البعد الإقتصادي لصورة الصين في العالم، وإبراز أن الصين ليست إقتصاداً وتجارةً وأرقاماً وحسابات فقط و إنما هي أيضاً بلد القيم الإنسانية والفن والموسيقى أيضاً، وهو ما عبر عنها الرئيس السابق “هو جينتاو” في عام 2011 بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني حيث قال “علينا أن نعمل على دفع خروج الثقافة الصينية إلى العالم، وتكوين قوة ناعمة على قدر المكانة التي تحظى بها الصين في العالم، ودعم إشعاع ثقافة الأمة الصينية في العالم”.[6]
مصطلح خروج يعد غير مألوف كصيغة تعبر عن الإستراتيجية الثقافية العالمية لدولة معينة، ولكن قد يكون الغرض من هذا المصطلح:
1-يدل على أن الثقافة الصينية كانت حبيسة رقعة جغرافية محددة وهي الآن تسعى إلى أن تتجاوز هذه الرقعة الضيقة إلى عالم فسيح، وهذا ينطبق على واقع الثقافة الصينية التي كانت بالفعل حبيسة الجغرافيا الصينية منذ نشأتها.
2-يختلف كثيراً عن المصطلحات الغربية التي أستعملت في تحديد علاقة الثقافة الغربية ببقية الثقافات مثل: المركزية، الإنتشار، التنوير، التغريب، العولمة، الفرانكوفونية، الأنغلوفونية، وغيرها من المصطلحات التي استخدمها الغرب للتعبير عن علاقة حضارتهم بالحضارات الأخرى والتي كانت تعكس المذهب الغربي الإستعلائي تجاه ثقافات العالم المختلفة. وهذه رسالة من الصين مفادها بأن إختلاف المصطلح يعكس أيضاً إختلافاً في المضمون والأهداف، وأن علاقة الثقافة الصينية بالثقافات الأخرى لايمكن تشبيهها بعلاقة الثقافة الغربية بباقي الثقافات، وهذا على صلة مباشرة مع “نظرية الصعود السلمي” التي تتبناها بكين وتحاول من خلالها أن تقول للعالم بأن نموها سيخدم السلام والإستقرار في العالم، وأنها لن تكون قوة إستعمارية كما يدّعي الغرب من خلال تبنيه لـ”نظرية التهديد الصيني”.
واللافت للنظر أيضاً، أن فلسفة ما يعرف “بخروج الثقافة الصينية” تتبنى الوضع الذي كانت تناشد به “الكونفوشيوسية” للمجتمع والدولة والمتمثلة في نظرية “التناغم”.
وتسعى نظرية “التناغم” الصينية إلى تحقيق توافق بين المتناقضات، بواسطة تكوين مجال أخلاقي مشترك بين الشعوب، مما يضمن تعايشهم السلمي، وتوفير الإستقرار للمجتمعات، بغض النظر عن اختلاف كل طرف عن الآخر.
وتقوم النظرية الكونفوشيوسية في هذا الصدد على ركيزتين رئيسيتين: هما الحب والأدب، وتسعى إلى أن يتحلى كل فرد أياً كانت خلفيته الدينية والثقافية بهما في تعاملاته مع الآخرين بشكل عام، ودون أن يؤثر ذلك على خصوصية أي طرف.
2-التأكيد على مبدأ الصعود السلمي الصيني
أرادت بكين من خلال نشر هويتها الثقافية وفي الوطن العربي بشكل خاص، محو آثار إدعاءات الإعلام الغربي، والذي دائماً ما يلقي بالإتهامات على الصين إستناداً لنظرية أطلقوا عليها اسم “نظرية التهديد الصيني”، بوصف الصين كقوة استعمارية جديدة تهدد الأمن والسلم العالمي، وتحاول استغلال ثروات الدول ونهبها كما كانت القوى الإستعمارية في السابق وذلك من خلال التأكيد على مبدأ الصعود السلمي الصيني والذي صاغه المفكر الإستراتيجي الصيني “زينغ بيجان” وتم استخدامه لأول مرة من قبل القيادة الصينية في منتدى آسيا والمحيط الهادئ الذي عقد في نهاية العام 2005، حيث شدد المسؤولون على أهمية الصعود السلمي في سياسة الصين.
فبدأت الصين في محاولاتها الجادة في تكوين قوة ناعمة، لمحو الصورة السلبية التي أظهرها الإعلام الغربي وتقليل مخاوف الدول النامية وعلى رأسهم دول المنطقة العربية ذات الموقع الإستراتيجي والموارد الغزيرة، حتى يتسنى للصين إقامة علاقات متينة على كافة الأصعدة السياسية والإقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وتتكون القوة الناعمة الصينية من عناصر رئيسية تأتي على رأسها الثقافة ثم المفاهيم والنموذج التنموي والصورة الدولية، وتعتبر الثقافة والمفاهيم والنموذج التنموي “القوة الداخلية” للقوة الناعمة، فيما تعتبر الصورة الدولية “القوة الخارجية” للقوة الناعمة.
في الفترة التي أعلنت فيها بكين عن إنتهاجها لنظرية الصعود الصيني، كان كثير من الخبراء الصينيين يتوقعون ألا تتمكن الصين من فرض نفسها على الساحة كقطب دولي، إلا بحلول عام 2050، ولكن مجريات الأحداث خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة، أثبتت عكس ذلك تماماً.
وكان ذلك واضحاً، مع التراجع الملحوظ لقوة القطب الأوحد ما بعد عام 1990 وهو الولايات المتحدة، بالتحديد في منطقة الشرق الأوسط، لصالح قوى دولية أخرى كروسيا، وقوى إقليمية كتركيا وإيران، لاسيما فيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وما تبعها من غزو أفغانستان، والحرب على العراق عام 2003، والتي كلفت وحدها الخزانة الأمريكية أكثر من 3 تريليونات دولار إستناداً إلى دراسة أجراها كل من “جوزيف ستيغلتز” من جامعة كولومبيا والحائز على جائزة نوبل للإقتصاد و”ليندا بلميز” من جامعة هارفرد[7].
إضافة إلى ذلك، كان للوتيرة المتسارعة التي اتسم بها الصعود الصيني، ولاسيما على الصعيد الإقتصادي، فالصين تعد صاحبة أعلى معدل نمو إقتصادي في العالم، خلال الثلاثين عاماً الأخيرة، وقد نما إجمالي حجم الاقتصاد الصيني في هذه الفترة من 1.9 تريليون دولار إلى 5.4 تريليونات دولار، وتعد الدولة الأولى عالمياً في الوقت الحالي، من حيث تحقيق أكبر فائض تجاري، وأكبر إحتياطي نقدي، حيث ارتفع من 167 مليون دولار عام 1978، إلى أكثر من 2تريليون دولارعام 2009[8].
وبالإشارة إلى دول الشرق الأوسط، فهي تعد بعيدة نسبياً عن تبني نفس النهج التي تستخدمه الولايات المتحدة وحلفاؤها في شرق آسيا، والمتمثل فيما يعرف بـ “التهديد الصيني”، فلا توجد نفس تلك الصورة السلبية لدي الشرق الأوسط، والدليل على ذلك التزايد المستمر للدور الصيني في المنطقة، فلقد تخطت الصين في عام 2009 مركز الولايات المتحدة كأكبر مصدر لمنطقة الشرق الأوسط، كما ارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين ودول المنطقة من 62 مليار عام 2005 إلى 118 مليار دولار عام 2009.
وتعود الصورة الإيجابية التي تنظر بها دول المنطقة إلى الصعود الصيني، لإدراكها التام في مدى تأثير ذلك في هيكلة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، أو على الأقل يحد من الهيمنة الأمريكية في المنطقة، وهو ما قد يخلق حالة من توازن القوى، تؤدي بدورها لإنفتاح دول المنطقة على عدد أكبر من الفاعلين الدوليين، إضافة لكون الصين سوق مالي كبير، وارتباط دول المنطقة خاصة الدول المنتجة للبترول بها، كون الصين أكبر الأسواق العالمية للنفط ومشتقاته في المنطقة.
ثانياً: آليات الإنفتاح الصيني على المنطقة العربية
1-مبادرة الحزام والطريق
في عام 2013، طرح الرئيس شي جين بينغ مبادرة الحزام والطريق، وهي مبادرة تقوم على أنقاض طريق الحرير القديم لربط الصين بالعالم، ومع الرغبة الجامحة لدى بكين في فتح أسواق تجارية جديدة للبلاد، إضافة إلى تكوين تحالفات تجارية مما يساهم بزيادة حجم الإستثمارات الصينية.
فهي أيضاً، تدرك مدى أهمية المبادرة كوسيلة هامة للتأثير الثقافي، ومنطقة الشرق الأوسط ستتأثر بشكل كبير بها، خاصة إذا ما ذكرنا أن الخطوط التي تم تبنيها في المبادرة والبالغ عددها ستة خطوط، يمر نصفها أو ينتهي على ضفاف البحر المتوسط.
ويعد التبادل على مستوى الأفراد ركيزة أساسية للمبادرة وهو ما عزز من عملية التبادل الثقافي، فحتى على صعيد الزيارات والبعثات التعليمية والتي ساهمت بزيادة الإقبال على تعلم اللغة الصينية، إضافة للتدريب المهني والتقني والبحث العلمي، فقد اتخذ تواجد الصينيين بالمنطقة بُعداً آخر وبالأخص من خلال التبادل التجاري والسياحي، فالسياحة الصينية ازدادت نحو بلدان المنطقة مثل المغرب ومصر بشكل هائل مع إزالة القيود عن تأشيرات السفر وإنذارات السفر. وقال دبلوماسي صيني إن عدد السياح الصينيين في مصر قد ارتفع إلى 400 ألف سائح في العام 2017، بعد أن كان عددهم 125 ألفاً في العام 2015.
أما المغرب فقد استقبلت 120 ألف سائح صيني في العام 2017 ومئة ألف سائح في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2018.[9]
على الجانب التجاري، فالجزائر لموقعها الإستراتيجي المميز، ولأرضها الغنية بالمواد الخام والغاز الطبيعي، تشكل أحد أهم شركاء الصين بالمنطقة، وهذا ما يبرهن على تزايد عدد العمال الصينيين بالبلاد إلى أكثر من 50 ألف عامل صيني، لتكون بذلك أكبر القلاع الصناعية الصينية بالمنطقة.[10]
2-العمل على نشر اللغة الصينية
من اللافت للنظر الخطوات التي قامت بها الحكومة الصينية، من أجل نشر الثقافة الصينية، والتي تقوم بشكل أساسي على اللغة الصينية (الماندرين)، وتمثلت الخطوات الحكومية على ركيزتين أساسيتين وهما:
1-معاهد كونفوشيوس
في عام 2004، قامت الحكومة الصينية بتأسيس معاهد كونفوشيوس لتعميم وتعليم اللغة الصينية ونشر الثقافة الصينية حول العالم، وتعد مؤسسات غير ربحية للتعليم والتبادل الثقافي توجد في أكثر من مائة دولة من خلال أكثر من 400 معهد كونفوشيوس فى الجامعات، وأكثر من 500 مركز لتدريس اللغة الصينية خارج الجامعات.
تأسس أول معهد كونفوشيوس في العالم العربي في لبنان عام 2006، حتى بلغ عدد معاهد كونفوشيوس في المنطقة العربية 15 معهداً، موزعة كالتالي: لبنان (1)، الأردن (2)، الإمارات العربية المتحدة (2)، البحرين(1)، مصر(2)، السودان (1)، المغرب(2)، بالإضافة إلى فصلين كونفوشيوس، الأول في مصر والثاني في تونس.
إنتهاءً بمعهد كونفوشيوس الذي أنشأ لأول مرة في تونس وكان تأسيسه في نوفمبر 2018، والمركز الثقافي الصيني في الرباط في ديسمبر من العام نفسه[11]، وتنظم المراكز الثقافية هذه دروساً حول اللغة والثقافة الصينية، بالإضافة إلى المهرجانات السنوية التي تعقدها، وهو ما يعني أن إستراتيجية خروج الثقافة الصينية التي أتبعها الحزب الشيوعي الصيني، تواصل تمددها وتوسع شيئاً فشيئاً من رقعتها المكانية في الشرق الأوسط.
2-إدخال اللغة الصينية ضمن مناهج التعليم بالمدارس
بادرت دول المنطقة في إدخال اللغة الصينية للمدارس، وكان على رأس تلك الدول السعودية والإمارات، وبالأخص الإمارات التي قررت إدخال تدريس وتدريبات اللغة الصينية في 105 مدرسة، وذلك إعتبارا من العام الماضي 2019، والذي شهد تواجد 60 مدرسة يتم تدريس اللغة الصينية بها، وتنوي الإمارات إدخال اللغة الصينية لـ 45 مدرسة جديدة خلال العام الحالي، ويتم تدريس اللغة الصينية للطلاب الإماراتيين من الصف الأول الإبتدائي حتى المرحلة الثانوية[12].
وفي مصر، وبالتحديد في أوائل سبتمبر من العام الحالي، وقعت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بروتوكول تعاون مصري – صيني مع معهد كونفوشيوس لإتاحة تدريس اللغة الصينية فى مدارس التعليم قبل الجامعي بمصر كلغة أجنبية اختيارية ثانية.
ويحتوي الاتفاق بين الوزارة ومعهد كونفوشيوس على شرط إرسال خبراء ومتطوعين صينيين لتدريس اللغة الصينية وتدريب الأساتذة المصريين على طرق التعليم الحديثة في دراسة اللغات الأجنبية وبالتحديد اللغة الصينية[13].
3-حركات الترجمة والإعلام الصيني الناطق بالعربية
تعي الصين جيداً أهمية الكتب والمؤلفات في نشر الثقافة الصينية، إضافة لإمكانية قيامها بنشر الأفكار والقيم التي قامت عليها الحضارة الصينية، فقامت الصين بتوقيع العديد من الإتفاقيات الثنائية مع دول المنطقة العربية من أجل ترجمة الكتب ونشرها: كانت بدايتها في ديسمبر 2009، في المشروع الذي أطلق عليه “حضارة واحدة” بين مؤسسة الفكر العربي والمجموعة الصينية للنشر الدولي، ثم في عام 2010، كان مشروع الترجمة المتبادلة لأمهات الكتب العربية والصينية، وأخيراً في عام 2016، كان ” مركز تبادل الترجمة وحقوق النشر بين الصين والدول العربية”، وتهدف هذه المشروعات إلى ترجمة أهم المؤلفات والكتب الصينية فى مجالات الفكر والتنمية والعلوم والتكنولوجيا، وتم أيضاً إطلاق موقع بوابة المكتبة الرقمية الصينية العربية في يوليو 2018، بنسختيها الصينية والعربية لتوفر مصادر معلومات في مجالات الثقافة والحضارة العربية والصينية في شكلها الرقمي سواء كتب أو دوريات أو بيانات بيوغرافية أو صور فوتوغرافية وتسجيلات صوتية[14] .
ركزت بكين أيضاً، في استراتيجيتها لنشر الثقافة الصينية بالشرق الأوسط، على عامل صناعة الإعلام، لما تحمله من أهمية بالغة، فلقد بدأ تدفق الإعلام الصيني للمنطقة العربية، مع تأسيس قناة العربية الدولية التابعة للتلفزيون الحكومي الصيني، وتغطي القناة منطقة الشرق الأوسط بالكامل من خلال ثلاثة أقمار صناعية، إضافة إلى القسم العربي في إذاعة الصين الدولية الذي تبث برامجه 7ساعات يومياً، هذا بخلاف وكالة أنباء “شينخوا” والذي يقع المقر الرئيسي لها في الشرق الأوسط بالقاهرة، بعد أن تم إنشاء القسم العربي بالوكالة عام 2011.
[1] David H. Shinn and Joshua Eisenman, China and Africa: A Century of Engagement (Philadelphia: University of Pennsylvania Press, 2012), 228; Thierry Pairault, “La Chine au Maghreb : de l’esprit de Bandung à l’esprit du capitalisme” [China in the Maghreb: From the Spirit of Bandung to the Spirit of Capitalism], Revue de la régulation 21, first semester (Spring 2017), https://journals.openedition.org/regulation/12230
[2] https://al-ain.com/article/china-s-imports-from-arab-countries-exceed-its-ex
[3] https://bawabaa.org/news/287867
[4] https://www.aleqt.com/2020/05/06/article_1821316.html
[5] https://arabic.sputniknews.com/business/202007271046120032-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A-%D9%8A%D8%AA%D8%B5%D8%AF%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%A7-%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A/
[6] http://arabic.people.com.cn/99002/203567/7704857.html
[7] https://www.chinainarabic.org/?p=685
[8] http://www.chinatoday.com.cn/ctarabic/se/2010-03/12/content_254085.htm
[9] Saad Guerraoui, “Morocco sees rising number of Chinese tourists,” The Arab Weekly, August 19, 2018, https://thearabweekly.com/morocco-sees-rising-number-chinese-tourists
[10] John Calabrese, “Sino-Algerian Relations: On a Path to Realizing Their Full Potential?” Middle East Institute, “All About China” Series Essay, October 31, 2017, https://www.mei.edu/publications/sino-algerian-relations-path-realizing-their-full-potential
[11] Xinhua, “Feature: China Cultural Center in Morocco’s Rabat launched,” Xinhuanet, December 18, 2018, http://www.xinhuanet.com/english/2018-12/18/c_137682999.htm
[12] https://www.albayan.ae/across-the-uae/education/2020-02-02-1.3767509
[13] https://www.youm7.com/story/2020/9/7/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%AA%D9%88%D9%82%D8%B9-%D8%A8%D8%B1%D9%88%D8%AA%D9%88%D9%83%D9%88%D9%84-%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D9%85%D8%B9-%D9%85%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D9%83%D9%88%D9%86%D9%81%D9%88%D8%B4%D9%8A%D9%88%D8%B3-%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9/4965029
[14] https://www.alarabiya.net/ar/saudi-today/2018/07/18/%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D9%8A%D8%B7%D9%84%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-
خاص وكالة “رياليست” – اسلام عبدالمجيد، باحث سياسي