قالت جماعة الحوثيين اليمنية المتحالفة مع إيران إنها شنت هجوماً بطائرات مسيرة على مطار أبها السعودي، فيما قال التحالف الذي تقوده السعودية ويقاتل الحوثيين في اليمن إن الهجوم تسبب في نشوب حريق في طائرة مدنية، وذكر يحيى سريع المتحدث العسكري باسم الجماعة أنها استخدمت أربع طائرات مسيرة في الهجوم الذي قال إنه أصاب مطار أبها بجنوب السعودية، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
وقال بيان التحالف: “محاولة استهداف مطار أبها الدولي جريمة حرب.. تعريض حياة المدنيين المسافرين للخطر”، مضيفاً أن الطائرة كانت على الأرض في ذلك الوقت وأنه تمت السيطرة على الحريق، في حين قال سريع إن الهجوم جاء رداً على ضربات جوية وتصرفات أخرى للتحالف في اليمن، طبقاً لذات المصدر.
استقواء بإيران
عادت الأحداث اليمنية لتتصدر المشهد الدولي والإقليمي مجدداً، وعلى الرغم من بدء إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بإجراءات إلغاء قرار الرئيس السابق ترامب بتصنيف جماعة الحوثي “جماعة إرهابية”، مؤكدة بأن “هذا القرار لا علاقة له بنظرتها للحوثيين وسلوكهم”، بادرت الجماعة إلى قصف أهداف حيوية سعودية تقول إنها جاءت رداً على قصف التحالف لمواقع يمنية مختلفة، في حين تتواصل المباحثات في العاصمة الإيرانية طهران بين مسؤوليها والمبعوث الدولي مارتن غريفيث، لبحث الأزمة اليمنية ووقف الحرب فيها.
هذه المحادثات ترجمتها جماعة الحوثيين على أنها تنازل في مكانٍ ما، لإنهاء الحرب في اليمن بوساطة إيرانية، إذ أنه ومنذ العام 2015 يتهم المجتمع الدولي طهران بتأجيج هذا الصراع ومساعدتها للجماعة، وأكمل المشهد، إلغاء قرار إدراج الحوثيين كمنظمة إرهابية في واشنطن، فبدأت الجماعة تتعامل مع الوضع كأنها منتصرة وبدأت حملة قصف على مواقع مدنية كان آخرها إصابة طائرة مدنية في مطار أبها السعودي.
التداعيات
إن التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف الحرب اليمنية والانتقال نحو الحل السياسي على أن يكون يمني – يمني، من حيث المبدأ هو أمر جيد ينهي المأساة التي تعيشها اليمن على الصعيد الإنساني، بعد تفاقم الوضع فيها، لكن من الناحية السياسية الانقسامات التي تعصف بين الحوثيين والحكومة اليمنية قد تكون معقدة جداً، لكن التوجه إلى إيران في هذا الملف، ستعمل طهران على استثماره من خلال الضغط على الحوثيين الموالين لها، لإنهاء الصراع والقبول بأية تسوية أممية، تخرج منها طهران بموقف منتصر، تستطيع من خلاله الضغط من خلال هذا الملف على الملفات الأخرى.
فلقد صرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن طهران لا مانع لديها من التفاهم مع السعودية في هذا الموضوع، وبنفس الوقت عندما طلبت الأخيرة أن يكون لها دور في مفاوضات الملف النووي، رفضت إيران رفضاً قاطعاً، ما يبين أن الموضوعين يخضعون لاستثمار واضح في هذا الشأن، فإن قبل المجتمع الدولي بشروط واشنطن ورفع العقوبات عنها، ستحل الأزمة اليمينة بسرعة قصوى، أما إن تمنع وفرض بعضاً من شروطه الجديدة دون العودة إلى شروط العام 2015، فستبقى الأزمة اليمنية، بين مد وجزر، حتى إيجاد صيغ معينة تناسب طهران.
هذا الأمر في السياق السياسي، هو تنازل دولي لإنهاء الصراع، خاصة بعد القرارات الغربية الجديدة والتي منها توقيف مد السعودية بالسلاح، لكن اليمن ستبقى معرضة لأقسى الظروف الإنسانية في هذه المرحلة نظراً لأن المفاوضات الجارية قد تطول، إذا لم يتم التوافق على قبول الطرفين في التسوية السياسية التي ستستغلها جماعة الحوثيين وإيران كما أشرنا أعلاه.
أخيراً، إن خطوة إنهاء الحرب في اليمن وكذلك إلغاء قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إدراج الحوثيين كمنظمة إرهابية، ستصب في مصلحة طهران بلا شك، خاصة و أن دول الاتحاد الأوروبي سيعملون على تذليل الصعاب لأجل مصالحهم الخاصة، فهم يحتاجون إلى إنقاذ الاتفاق النووي لإنقاذ اقتصادهم المنهك، كذلك الأمر بالنسبة لإيران، الأمر الذي سيترجم تدخلاتها في دول الإقليم على أنه نصر، لكن بعد دمار الإقليم، فهي التي ستحصد المكاسب، بينما سيبقى اليمن يعاني وكذلك سوريا وبالطبع العراق ولبنان، إن الخطوة الدولية هي خطوة مسار تصحيح السياسة الخارجية ما بعد ترامب، وهي خطوة مؤقتة، سيتخللها تعقيدات حتماً، أما الحلول فستكون مرتفعة التكلفة على حساب شعوب دول المنطقة.
فريق عمل “رياليست”.