قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الوزير أنتوني بلينكن تحدث هاتفياً مع العاهل الأردني الملك عبد الله و”جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة تجاه الشراكة الاستراتيجية مع الأردن”، وأضاف المتحدث نيد برايس أن بلينكن أشاد بالملك على “قيادة الأردن الراسخة التي تعمل على تشجيع السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
استثمار الملف
إن الاحداث الأخيرة التي شهدتها الأردن، لم تكن محاولة إنقلاب أساساً، بل كانت مجرد تعبير عن الرأي، خرج من الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك الأردني عبدالله الثاني، حيث عبّر الأمير عن الأوضاع التي يعاني منها الأردن، والفساد المستشري، كأي مواطن آخر، يعبر عن أزمات بلاده، دونما ذكر أي خبر يوحي بأن ثمة انقلاب ممكن أن يحدث، هذا الأمر قد يكون جس نبض من الأمير، نظراً لانكشاف جهات خارجية بينها دول خليجية، كانت على تواصل مع الأمير، لكن أيضاً لا نستطيع القول إن هذه الدول راعية للانقلاب، لكن هي مجرد رسائل معينة للملك الأردني، لخلافات تتعلق بصفقة القرن، والوصاية الهاشمية على المقدسات في فلسطين التي تريدها إحدى دول الخليج لنفسها، إضافة إلى معلومات تتحدث عن خلافات مع إسرائيل، كل هذه العوامل مجتمعة، صادتها الدول الغربية والإعلام الغربي وحولوا الحدث إلى انقلاب أخ على أخيه، مع الإشارة إلى أنه مع وفاة الملك حسين، كان الأمير حمزة صغير السن ولا يحق له تولي الحكم والتي ذهبت إلى أخيه من أبيه الملك عبدالله، الذي بدوره نصب ولده خلفاً له، وبالتالي ليس هناك إمكانية لأن يستلم الأمير حمزة الحكم بأي حال من الأحوال إلا في حالة إنقلاب، وهنا تجدر الإشارة إلى أن والدة الأميرة حمزة، أمريكية الجنسية، في حين أن والدة الملك عبدالله، هي بريطانية الجنسية، ما يوحي بأن هذا الأمر عبارة عن صراع أقطاب.
الموقف الأمريكي
من المعروف أن الولايات المتحدة تدخلت مباشرةً وحسمت هذا الملف واعتبرت الملك عبدالله الثاني شريكاً وحليفاً لها، وأنها ستدعمه بكل الوسائل والسبل، فهذا الأمر مردّه كسب الملك عبدالله وتذليل العقبات التي تواجهه مع حكومة بنيامين نتنياهو، وأنها أنقذت الوضع، وبالتالي على الأمور أن تسير وفق الرغبة الأمريكية، نظراً لإنهاء مسألة الانقلاب إن جاز التعبير، لكن ما لا تعلمه واشنطن وكذلك الملك الأردني، أن هذا الموضوع فتح أعين الشعب الأردني على الأوضاع التي يعاني منها الأردن، وقد تبدأ فعلاً ترتيبات جديدة كان الأردن بغنى عنها، إذ أن الإقامة الجبرية للأمير حمزة لن توقف الشارع الذي يعاني من أسوأ أزمة تمر على البلاد، وسيتم فتح ملفات كانت عمّان إلى وقت قريب متحكمة بها، ما يعني أن الأوضاع قاب قوسين أو أدنى لتخرج عن السيطرة، خاصة وأن حلفاء الأردن من الخليج، ليسوا كما كانوا قبل، على سبيل المثال، الخلاف الأردني – الإماراتي بسبب شقيقة الملك الأردني، الأميرة هيا، التي وقف معها في أزمتها مع زوجها حاكم دبي، وهروبها إلى بريطانيا وطلبها للجوء السياسي، عملياً منذ ذاك الوقت العلاقات ليست جيدة كما قبل، إذ أن الديوان الملكي الأردني وصف الأمر بأنه “مؤامرة معقدة وبعيدة المدى”.
أخيراً، هذه الأزمة قد تكون الأجهزة الأردنية استطاعت ضبطها، واعتقلت جميع المتورطين وأجبرت الأمير حمزة على الإقامة الجبرية، لكن التصريحات الأخيرة وتسارع الأحداث وتخطيها حدود المعقول، ستفتح أبواباً على الأردن، إن لم تأتِ معها إصلاحات حقيقية ستخرج أصوات مرتفعة تطالب بمطالب لم تكن متداولة سابقاً، وهنا حلفاء الأردن وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وبريطانيا، لن يستطيعا ضبط الأمور ما إن يخرج الشعب عن صمته.
فريق عمل “رياليست”.