قال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الدبلوماسي البلغاري نيكولاي ملادينوف أبلغ الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش بأنه لن يتمكن من تولي منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا العام المقبل “لأسباب شخصية وعائلية”، وأضاف المتحدث ستيفان دوجاريك للصحفيين، أن القائمة بأعمال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني وليامز ستستمر في هذا الدور، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
لماذا هذا القرار المفاجئ؟
قبل إعتذار الدبلوماسي البلغاري نيكولاي ملادينوف، إعتذر المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا لأسباب صحية تتعلق بالإجهاد “المفاجئ”، رغم جولاته المكوكية ومحاولاته الحثيثة لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء المتخاصمين في ليبيا، لتحل ستيفاني ويليامز القائمة بأعمال المبعوث الأممي ريثما يستلم البديل المناسب مكان سلامة، ليشكل خبر إعتذاره مفاجئة أخرى لا تشكل الظروف الشخصية أو العائلية عائقاً أمامه لولا أن هناك من أراد عدم تسلمه، وهو المشهود له بالحزم خاصة عندما كان مبعوثاً دولياً في الشرق الأوسط في العام 2015، وكان دوره بين إسرائيل وغزة رائداً في حينه.
فبعد أن خرجت معلومات تتحدث عن فشل القائمة بأعمال المبعوث الدولي ويليامز، سارعت الأمم المتحدة إلى إيجاد البديل عنها، لكن وعلى ما يبدو أنها طلبت فرصة جديدة ووقت إضافي لإنهاء الملف الذي بدأته، إذ أن النفور السلبي من الأمم المتحدة ودورها في الأزمة الليبية وفتح الأعين على هذا الدور “السلبي”، خاصة بعد تمسكهم بالقائمة (الإخوانية) وزجها في الحياة السياسية الليبية، فإن تسلم ملادينوف مهامه لن يكون كما يُراد له أن ينفذ الأجندات التي تمارسها المنظمة التي يعمل بها، ولحفظ ماء وجهها إرتأى أن يقدم إعتذاره على أن يكون شريكاً خارج قناعاته في هذا الأمر.
هل سيعطل إعتذار ملادينوف العملية السياسية الليبية؟
إن إعتذار ملادينوف لن يغير من واقع الأمر شيئاً بما يتعلق بليبيا، فالعملية السياسية حول الحوار الوطني وموعد الإنتخابات لن يتأثر إلى حدٍّ كبير، لكن من الممكن أن يكون هذا الأمر عبارة عن إشارة إلى القوى الليبية للتنبه لخطورة دور الأمم المتحدة الرامي بوضع أسماء تتفق وأجندة الغرب ما يعني أن المناصب وتسلمها من أي طرفٍ كان إن لم تكن بموافقة وتسليم من الشعب الليبي، فهذا الحل هش وهزيل ولا يحقق تطلعات شعبٍ إنتظر طويلاً أن تنتهي معاناته التي هي بشكل أو بآخر بسبب مماطلة الغرب في حل الأزمة التي طالت أكثر من اللازم.
لكن على المقلب الآخر، حتى وإن إكتملت العملية السياسية التي بدأتها ويليامز والتي يبدو أنها من خلال ليبيا تحاول إثبات نفسها على المستوى الدولي، لن يغير من واقع الأمر شيء كما أشرنا أعلاه، بل على العكس من الممكن أن يعكس بقاء ويليامز زيادة في توتير الأجواء أكثر مما هي عليه، وبالتالي، ستكون العملية السياسية تلك مرفوضة من الشارع الليبي ومن قيادات المنطقة الشرقية التي لم تتدخل كثيراً في هذا الشأن، لأن هناك من يتربص لها في الميدان، مستغلين هذا الوضع الداعم لهم وبالتالي محاولة نسف الهدنة.
أخيراً، إن دور الأمم المتحدة، لم يعكس آمال الشعب الليبي، فلو كان دورها حقيقياً لجرّمت تركيا على إدخالها للمرتزقة والأسلحة في ضوء إستمرار الهدنة، ولكانت إتخذت موقفاً حازماً من ذلك، لكن حدث العكس وإستمرت في دعم الإسلام السياسي على حساب كل شيء، ولإنكشاف هذا الدور بشكل واضح، لا يريد ملادينوف أن يكون جزءاً من مشروع دمار ليبيا لا عمارها، لأن الأدوار أصبحت واضحة المعالم ومرسومة بشكلٍ دقيق، لتكون أنقرة رجل المجتمع الغربي الذي يسهل لهم المهام على الأرض ليصار تحكمهم بالوضع السياسي سهلاً دون مقاومة.
فريق عمل “رياليست”.