باريس – (رياليست عربي): سيؤدي استياء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، إلى تغيير العلاقات عبر الأطلسي.
الآن أوروبا على شفا كوارث محققة، ليس فقط على صعيد الاقتصاد المنهك بسبب الأزمة الأوكرانية ووقف إمدادات الغاز الروسي، بل داخلياً حتى ستتهدد حكومات كثيرة إن لم تستطع إيجاد حلول وهذا لا يتحقق إلا من خلال الخروج من تحت السيطرة الأمريكية.
واشنطن لا تخفي أنها تعمل على تدمير أوروبا الحليفة والشريكة لها في كل الحروب الاقتصادية والعسكرية، وكلما كانت أوروبا منهكة كلما زاد التحكم الأمريكي فيها أكثر، فحادثة تفجير خطي أنابيب نورد ستريم 1 و2 خير دليل على أن هناك من يعمل على تدمير أوروبا انطلاقاً من الأزمة الأوكرانية، ولا يوجد من له مصلحة في ذلك أكثر من الولايات المتحدة نفسها حتى ولو لم تكن هي المنفذ المباشر.
ماكرون انتقد مؤخراً الولايات المتحدة لحقيقة أن أسعار الغاز الأمريكي في أوروبا أعلى عدة مرات منها في الولايات المتحدة، كما أشار إلى نصيحة ماكرون لزميله الأمريكي جو بايدن، وقال الرئيس الفرنسي إن بايدن يجب أن “يتحدث بحذر أكبر” عند الحديث عن خطر نشوب صراع نووي.
بالتالي، إن خيبة الأمل الفرنسية تجاه الولايات المتحدة لها تأثير محدود، فهو لن يغير الهيكل المهيمن التابع بين الولايات المتحدة وأوروبا، ولن يوجه ضربة أساسية لنظام الهيمنة الأمريكية، لا تستطيع فرنسا أيضاً رفض المكاسب المؤسسية للغرب. لكن استياء ماكرون من الولايات المتحدة سيؤدي إلى حد ما إلى بعض التغييرات في العلاقة عبر الأطلسي.
الولايات المتحدة تتعاون مع حلفائها للدفاع عن هيمنتها، لكن هذا ليس طموح الاتحاد الأوروبي، يريد الأخير تشكيل سياسته الخارجية على أساس مصالحه الخاصة، و “عدم إجباره على الانحياز إلى جانب في تنافس القوى الكبرى.
هذه هي القوة الدافعة الرئيسية التي يؤكد عليها ماكرون كثيراً للاستقلال الاستراتيجي لأوروبا، لكن مع استمرار الصراع الأوكراني، أصبحت أوروبا تعتمد بشكل متزايد على الولايات المتحدة و”مجبرة على التضحية بمصالحها الاقتصادية مقابل ضمانات أمنية.
بالتالي، يبدو أن أوروبا ليس لديها بديل آخر سوى السماح للولايات المتحدة بتحمل تكاليف الصراع الأوكراني باستمرار، استقلاليتها الإستراتيجية معرضة لتهديد خطير.
الجدير بالذكر أن دول الاتحاد الأوروبي أصبحت قلقة بشكل متزايد بشأن السياسة الاقتصادية للولايات المتحدة، خاصة وأن الشركات الأمريكية يمكن أن تحصل على أكثر من 100 مليون دولار عن كل سفينة حاويات غاز طبيعي مسال متجهة إلى أوروبا.
وكان قد حذر وزير الاقتصاد والمالية والصناعة والسيادة الرقمية الفرنسي برونو لو مير الولايات المتحدة من محاولة ترسيخ هيمنة اقتصادية من خلال إضعاف أوروبا، والاستفادة من الصراع في أوكرانيا، كما وصف لو مير أنه من غير المقبول أن تبيع واشنطن غازها الطبيعي المسال بأربعة أضعاف ما تبيعه لصناعيها.
الآن، تواجه الدول الأوروبية زيادة غير مسبوقة في أسعار الغاز والكهرباء، بما في ذلك بسبب مسار خفض واردات الطاقة من روسيا، والذي اتخذته الدول الغربية كإجراء للضغط على الاتحاد الروسي بعد بدء عملية خاصة لحماية دونباس.
خاص وكالة رياليست.
