دمشق – (رياليست عربي): كثُر الحديث في الأيام القليلة الماضية عن ارتفاع نسبة حدوث حرب عالمية ثالثة على خلفية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا التي تطورت الأحداث فيها بوتيرة متسارعة لتنزلق الأمور نحو هذا الاحتمال الذي يلعب فيه الغرب الأمريكي دوراً بارزاً ويسعى لتحقيقه عبر رفد المجموعات القومية الأوكرانية بشحنات أسلحة تقدر بمليارات الدولارات لاستمرار هذه الحرب إلى أطول فترة ممكنة، وفي هذا تعويل أمريكي غربي على أن هذه الأسلحة المتطورة جدا ستحدث أثراً كبيراً في الميدان وتقلب المعادلات التي حققها الجيش الروسي على أرض المعركة .
لم يمضِ يوماً من هذه الحرب إلا وأطل علينا عبر شاشات التلفزة كبار الساسة والعسكريين الأمريكيين والغربيين ليعلنوا عن دعمهم للنازية الجديدة في أوكرانيا لتفتح أبواب المخازن الأمريكية الغربية ذات المواصفات العالية لتُمنح لهؤلاء المقاتلين .
والجدير ذكره أن هذه الأسلحة لم تذهب وحيدة إلى أوكرانيا بل معها خبراء من الدول التي قدمتها لتدريب الجماعات القومية والمرتزقة الأجانب على استخدامها وكان الجيش الروسي قد ألقى القبض على مقاتلين بريطانيين، وهذا يؤكد وجود قوات بجنسيات غربية وعالمية موجودة في أوكرانيا لمحاربة روسيا متخفية بلباس الجيش الأوكراني مما يدحض ادعاءات أمريكا والغرب بعدم الدخول في الحرب الروسية الأوكرانية والمؤشرات والتصريحات كثيرة التي تؤكد انخراطهم بشكل مباشر فيها بما يجعل من إمكانية انزلاق الأوضاع بشكل كبير لمواجهة مباشرة بين الدول وليس فقط بين القوميين الجدد والمرتزقة الأجانب وروسيا.
وبالنظر لتصريحات نائب وزير الخارجية البريطاني الذي أعطى أوامره للقوات الأوكرانية باستخدام الأسلحة المقدمة من بريطانيا لضرب أهداف في روسيا يؤكد أن وراء هذه التصريحات غرف عمليات يقودها الناتو من داخل أوكرانيا وهي من ترسم الأهداف التي سيتم ضربها في روسيا وهذا ليس بغريب على دول الاستعمار فكانت هذه استراتيجيتهم في سورية وكان هناك عدد كبير من غرف العمليات الاستخباراتية في داخل سورية وعلى حدودها لدعم جماعاتهم الإرهابية ذات الطابع الدولي وروسيا تدرك خططهم وتعاملت معها في سورية بما يجعل إمكانية فهم القيادة الروسية لمشاريعهم أكثر وضوحاً، وهذا التصريح الذي تبعه تصريح آخر لوزير الدفاع البريطاني الذي هدد باستخدام بلاده الاسلحة النووية بحجة حماية بريطانيا والناتو، وهذا يجعلنا نصيب في التحليل لناحية رغبة الولايات المتحدة وأتباعها الغربيون بجر العالم بأسره لحرب إبادة بشرية عبر التحضيرات الاستفزازية في أوكرانيا لاتهام روسيا، وبالتالي يقومون هم بالضغط على الأزرار النووية بحجة الرد على روسيا .
سعت أمريكا والغرب عبر عدوانهم على سورية الذي يكرر اليوم على الأرض الأوكرانية باستخدام نفس الأدوات الإرهابية وتجميع المرتزقة ومدهم بالسلاح الاستراتيجي والاستخباراتي والتحضير وتنفيذ العمليات الاستفزازية لاتهام الدولة السورية باستخدام الكيماوي وشرعنة حربهم عليها كل هذا السيناريو يعاد اليوم لاستهداف روسيا والفارق الوحيد هو في نوعية الاتهام ما بين كيماوي ونووي وهنا نسأل.. هل كانت الحرب الأطلسية على سورية تمهيداً للحرب على روسيا وكانت سورية هي ساحة التجارب لهذا المشروع للتأكد من فعاليته التدميرية لتنفيذه اليوم في حربهم ضد روسيا؟ نعم كان كذلك في كل تفاصيله، إلا أننا نجزم وعبر وقائع وحقائق أن هذه الاستراتيجية في العدوان ستفشلها روسيا كما أفشلتها سورية عبر مساعدة حلفائها الروس.
هذا المشروع الأمريكي الغربي أفشل أحد فصوله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حين قرر إلغاء هجوم القوات الروسية على معمل آزوفستال في ماريوبول بناءً على معلومات مقدمة من الجنرال إيغور كيريلو قائد قوات الحماية الإشعاعية والكيماوية والبيولوجية التابعة للقوات المسلحة الروسية وكان قد أعلن عن تسليم أمريكا لأوكرانيا 220000 أمبولة من المواد السامة ذات التأثير العصبي الذي يؤدي إلى شلل الأعصاب .
نجحت روسيا في إفشال هذا المخطط إلا أن هذه الاستفزازات الأمريكية الغربية لن تتوقف عند هذا الحد بل ستمضي قُدماً في استخدام هذا النوع القذر من المخططات لاتهام روسيا بأنها من قامت بهذه الأعمال لتبرر لنفسها أمام شعوبها دخول هذه الدول بحرب مع روسيا والتي ستكون نووية وكارثية على البشرية جمعاء .
الانفجارات التي حصلت في مستودعات الذخيرة في منطقة بيلغرود وكورسك الروسيتين عبر استخدام طائرة مسيرة نوع بيرقدار تركية الصنع يؤكد أن دول الناتو بكلها تشارك في هذه الحرب ضد روسيا، وتركيا عبر استمرارها بتقديم هذه الطائرات المسيرة لضرب أهداف روسية يؤكد أنها عضو رئيس في هذه الحرب وحديثها عن دور الوسيط مجرد أكاذيب تضليلية يختبئ خلفها أردوغان الذي يتقن اللعب على الحبال.
العالم يعيش اليوم أسوء حالاته وهناك اشتغال أمريكي غربي كبير لأخذ الأمور إلى الهاوية وما هم الآن إلا على حافته، يمارسون كل أنواع الضغط والاستفزاز ويقدمون كل ما لديهم من أسلحة متنوعة محرمة دولياً لمنع روسيا من تحقيق أهدافها من عمليتها العسكرية ومنعها من تأمين أمنها القومي لو اضطروا لزج العالم بأسره في حرب فناء للبشرية عبر انزلاق الأمور لحرب عالمية ثالثة سلاحها نووياً بامتياز.
خاص وكالة رياليست – د. حسناء نصر الحسين – باحثة في العلاقات الدولية – سوريا.