من المنتظر أن تستأنف الحكومة الأفغانية وحركة طالبان محادثات السلام في أوائل يناير/ كانون الثاني من العام القادم، يأتي ذلك إستكمالاً لجولات المفاوضات السابقة والتي تم من خلالها التوصل لإتفاق على مبادئ إجرائية من أجل إستكمال الحوار بينهما أملاً في إنهاء الحرب.
وقال أعضاء وفد الحكومة الأفغانية، إنهم سيغادرون الدوحة ويعودون إلى كابول، بدوره قال مسؤول أفغاني كبير يشرف على الاتصالات الدبلوماسية مع طالبان: “بدأنا استراحة، وسنكون مستعدين لبحث جدول الأعمال عند استئناف المفاوضات”. طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
في ذات السياق، أعرب الرئيس الأفغاني “أشرف غني” عن رغبته في إستكمال محادثات السلام بين الحكومة وحركة طالبان في العاصمة الأفغانية كابول بدلاً من إستكمالها بالدوحة بضمانات أطراف خارجية، وهو ما قد ترفضه طالبان، معللة ذلك بأن الحركة لن تتمتع بتأمينٍ كافٍ داخل أفغانستان لعدم ثقتها في الحكومة ولوجود قوات أجنبية بالبلاد.
أبرز النقاط الخلافية المتبقية بين الطرفين
أولاً، لا يزال حتى الآن هناك جدل قائم حول طبيعة مسمّى الدولة، فحركة طالبان ترفض مسمّى الجمهورية وتصر في المقابل على إطلاق مسمّى إمارة أفغانستان الإسلامية، وهو ما يعقد من سير العملية التفاوضية.
ثانياً، تمسك طالبان بمبدأ إتباع البلاد للمذهب الحنفي السني، وإعتباره المذهب الأساسي لأفغانستان، وهو ما يثير حفيظة الحكومة، التي ترى بدورها أن أفغانستان بلد يتميز بتنوع ديني ومذهبي، وقد يؤدي طلب طالبان لإستخدام المذهب الحنفي من أجل إضطهاد الأقليات الأخرى وبالتحديد ضد أقلية الهزارة الشيعية.
ثالثاً، ترفض طالبان تواجد عناصر الحكومة الحاليين، وتريد الحركة إستبدال الحكومة الحالية بحكومة تصريف أعمال، بمجرد أن يتم البدء في تنفيذ إتفاق السلام.
رابعاً، تباين وجهات النظر بين الجانبين حول طبيعة ما يجري في أفغانستان، فحركة طالبان تعتبر ما يجري بمثابة مقاومة، في حين ترى الحكومة بأنها حرب ضد متمردين، لكن يبدو أن الطرفان يتجهان للإتفاق على تسميته بالصراع.
ما مدى تأثير الإنسحاب الأميركي على عملية السلام؟
في فبراير/ شباط من العام الحالي تم التوقيع على إتفاق تاريخي بين الولايات المتحدة وحركة طالبان يقضي بانسحاب 12 ألف جندي أمريكي ما زالوا في أفغانستان، مقابل ضمانات أمنية والتزام طالبان بالحوار مع الحكومة الأفغانية لإحلال السلام.
وبالفعل بدأت القوات الأمريكية تنسحب تدريجياً من أفغانستان، ومن المقرر أن يتم الإنسحاب الكامل بحلول منتصف العام القادم حسب الإتفاق الموقع، ومع استمرار عملية إنسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان من المتوقع أن يعطي ذلك فرصة أكبر للجماعات المتطرفة باستجماع قواها والعودة من جديد بقوة عمّا كانت عليه في السابق.
فبعد الإتفاق الأمريكي مع طالبان، بدأت الحركة بالتوقف عن استهداف القوات الأمريكية، وصوبت أنظارها هذه المرة على العناصر الأمنية الحكومية، فتصاعدت أعمال العنف في الفترة الأخيرة من جانب طالبان، ولعل الدليل على ذلك، هو إطلاق طالبان المتواصل للصواريخ داخل العاصمة كابول والذي أسفر عن وقوع ضحايا مدنيين بين قتيل وجريح.
أخيراً، يبدو أن إحلال السلام في أفغانستان لايزال صعب المنال، فلا تزال هناك فجوة كبيرة بين طرفي النزاع فيما يخص أهم المسائل الخلافية، رغم إحراز نوع من التقدم في بعضها، ومن المتوقع أن الخروج الأمريكي حالياً سيزيد من أعمال العنف، وهو ما تدركه جيداً الحكومة الأفغانية، لذا فإنها اتجهت لتحسين علاقاتها مع الجارة باكستان منذ زيارة كبير مفاوضي الحكومة الأفغانية “عبد الله عبد الله” لإسلام أباد في سبتمبر/ أيلول الماضي، وتريد كابول من ذلك أن تكون باكستان ضامناً لعملية السلام بعد الخروج الأمريكي المرتقب، ويرجع ذلك لقدرة باكستان على التأثير المحتمل على حركة طالبان، حيث تعد باكستان أكبر الأطراف الداعمة لطالبان.
فريق عمل “رياليست”.