قال الرئيس التركي رجب طيب أرودغان، خلال تجمع لأنصاره بولاية سامسون التركية: “إن أي أرض جرت فيها دماء جنود من الجيش التركي تعتبر جزء من الأراضي التركية”، مضيفاً، “نحن موجودون في سوريا وموجودون في ليبيا ومع أشقائنا في أذربيجان ودفعنا الثمن لقد قدمنا شهداء في الحرب ضد الإرهاب في عفرين وإدلب وعملية غصن الزيتون ومخلب النسر وعمليات أخرى خارج حدودنا”، طبقاً لوسائل إعلامية.
ما دلالات تصريح أردوغان؟
لقد تكشفت المآرب التركية بشكل علني، بعد أن كانت تُشرح من قبل تحليلات لباحثين وخبراء سياسيين، على شكل توقعات، إلا أن العشر سنوات الأخيرة بيّنت بما يقطع أي شك باليقين، أن أحلام تركيا أوسع من حدود الدولة التركية، وإن نشر القومية التركية وبعث العثمانية مجدداً هو أمر بدأ تنفيذه على أرض الواقع، بشكل واضح، وهذا الأمر يعيدنا بالذاكرة إلى معركة غصن الزيتون والتي جاء أردوغان على ذكرها في تصريحه، وعملية درع الفرات وعملية تل الربيع أو درع الربيع التركية في مناطق شمال وشمال شرق سوريا، وإحتلال القوات التركية خلالها على أجزاء واسعة من الأراضي السورية، فما الذي حدث؟
لقد إستخدمت تركيا في عملياتها تلك الفصائل الإرهابية من جبهة النصرة وفيلق الرحمن والسلطان مراد وفيلق الشام وقوات إرهابية أجنبية كالحزب الإسلامي التركستاني الذي جل مقاتليه من الإيغور الصينيين، وألبستهم زي الجيش السوري الحر المعارض على أساس أنه “معتدل”، وبدأ مذاك الوقت التنكيل بالشعب السوري، وإعتماد خطة التهجير خاصة للأكراد سواء في عفرين أو منبج ورأس العين، ووضع عائلات الإرهابيين السوريين بدلاً منهم.
هل كان التغيير الديمغرافي جزءاً من الخطة التركية؟
أيضاً لم يعد خافياً على أحد أن تركيا تريد التوسع، وهذا تبين من خلال أنصار الحزب الحاكم “العدالة والتنمية” الذي يتفاخر بنشر خارطة تركيا الكبرى، والتي تضم أجزاء من سوريا والعراق، ما يعني أن المشروع التركي أصبح أمراً خطيراً، فلقد جاهر الرئيس التركي بتصريحه بالقول: “في كل صراع كبير قفزة كبيرة لبلدنا.. كل أرض جرت فيها دماء تركية هي أرضنا، نعم هي جزء من وطننا”، فهل من تحليل أو شرح يكذب هذا الكلام الموثق من قبل رئيس دولة يجاهر بأنه سيحتل أراضٍ ويضمها إلى بلده، ويعمل على تغيير ديموغرافيتها، ويعريها من الأقليات والقوميات الأخرى التي تختلف ونهجه، على مرأى العالم كله!
وعلى الرغم من أن فرنسا تحاول مجابهته لكن لوحدها لن تستطيع ذلك، فلقد قررت وقف نشاطات حركة الذئاب الرمادية التركية على أراضيها وإعتبرتها حركة متطرفة، لكن هذا غير كافٍ، إن المد التركي اليوم على أبواب جورجيا وأوروبا والبلدان العربية، وهذا أمر يجب أن يوحد الساحتين العربية والغربية في وجه هذا المشروع الخطير.
أخيراً، إن تركيا تسعى لتنفيذ مشروعها مهما كلفها الأمر من مشقة، وهي بنفس الوقت تحتفظ بأوراق قوة لتجابه بها المجتمع الدولي في حال إنقلابه عليها، وهذا ممكن له أن يحدث إن خسر حليفها الأقوى دونالد ترامب وإستطاع منافسه بايدن الفوز، فلربما يكون هذا الأمر هو بداية نهاية الجموح التركي، خاصة في سوريا التي كثرت فيها جرائم الإرهاب التركي بشكل غير مسبوق.
فريق عمل “رياليست”.