القاهرة – (رياليست عربي): لم تكن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى دولة الإمارات العربية المتحدة والإعلان عن زيارة مرتقبة له إلى المملكة العربية السعودية مفاجئة للكثيرين، فقد توجت هذه الزيارة تطبيعاً للعلاقات بين تركيا والإمارات بعد عقد من العداء الشديد بينهما عقب اندلاع ثورات الربيع العربي ودعم تركيا القوي لجماعات الإسلام السياسي في المنطقة وبالأخص لجماعة الإخوان المسلمين، ومحاولة استخدامها كأداة لبسط النفوذ السياسي والاقتصادي التركي في الدول العربية وهو ما صرح به مزهواً الرئيس التركي عندما قال في عام 2012 إن تركيا ستصبح مركز الثقل والنفوذ في منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
سعى أروغان عن طريق دعمه لحركات الإسلام السياسي إلى تحقيق حلمه وحلم العثمانيون الجدد في الهيمنة على المنطقة واستغلال ثرواتها عن طريق محاولة إحياء الإمبراطورية التركية عبر عدة وسائل منها التدخل العسكري الفج في شمال سوريا مستغلاً الحرب الأهلية الطاحنة التي يشهدها هذا البلد وانتهاء باستخدام القوى الناعمة مثل الدراما التركية التي أنتجت مسلسلات تاريخية تتغنى بما ما يسمى بالخلافة العثمانية ومحاولة تصوير الحكم العثماني للمنطقة بأنه أقرب إلى الخلافة الراشدة وأن السلطنة كانت تحمي شعوب المنطقة من الاستعمار الغربي بل روج أردوغان لنفسه بأنه “خليفة” ونصير للمسلمين عبر استثمار القضية الفلسطينية والحديث عن المظلومين في المنطقة فقط بينما تجاهل على سبيل المثال معاناة الأوغور المسلمين.
في نفس الوقت سعى العثمانيون الجدد إلى استثمار النجاح الاقتصادي لحزب العدالة والتنمية في تركيا وانخراطهم في لعبة الديمقراطية للوصول السلمي إلى الحكم في تسويق نموذجهم الإسلامي لدى الغرب من أجل القبول بهم كبديل عن الأنظمة الحالية.
إلا أن أردوغان قد اضطر مؤخراً إلى الإذعان إلى شروط دول الخليج ومصر من أجل تطبيع العلاقات وهي وقف دعمه للإسلاميين والتدخلات التركية في شؤون الدول العربية مثل محاولة استغلال قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي لإزاحة ولي العهد السعودي من الحكم.
يرى المحللين أن الدافع إلى ذلك هو فشل رهان أردوغان على الإسلاميين العرب وقدرتهم على الحكم في الفترة التي تلت ثورات الربيع العربي ونجاح الأنظمة العربية التي راهن أردوغان على سقوطها عقب ثورات الربيع العربي في شن ثورات مضادة نجحت في إقصاء الإسلاميين عن الحكم في مصر وتونس لهذا اضطر إلى التخلي الذي يرى البعض بأنه (مؤقت )- عن سياساته وإتباع سياسات ميكافيلية جديدة معلناً أن تركيا تريد تصفير الخلافات مع دول المنطقة بل ذهب إلى أبعد من ذلك عندما أعاد علاقات تركيا مع إسرائيل واستقبل الرئيس الإسرائيلي بحفاوة بالغة في أنقرة.
خاص وكالة رياليست – عمر العربي.