القاهرة – (رياليست عربي): كل ما طرح اليوم في الإعلام الروسي والإفريقي الحمد لله كنت من الأوائل الذين طرحوه ومنذ سنوات، ومنه ما هو موثق عبر البيت الروسي في يناير 2018 وبدعوة من رئيس البيت الروسي وقتها والمدير الحالي للمكتب التجاري الروسي بالقاهرة (ألكسي تيفانيان) لإلقاء محاضرة في هذا التوقيت عن العلاقات الروسية والعربية.
فكنت من أول من تكلم في وقتها عن محرك بحثي جديد يعبر عن القوى العالمية الجديدة ويغير شكل العالم، وما يستتبعه من تغييرات. وخصوصاً مع وجود تحالف صيني روسي في مجال الاتصالات توج في 2019 بهذا التعاقد الكبير بين (هواوي وياندكس) بتطوير الجيل الخامس والسادس من الاتصالات، وما يستتبعه من التحكم في لوغاريتمات الذكاء الصناعي، والتي يمكن أن تمكنا من التحايل على العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب من قبل قوى الأنجلوسكسون ونظام سويفت.
يرجى التذكير أن ربما إيران سبقت أيضاً قوى في العالم في هذا التطوير الرقمي المالي والتحايل على العقوبات، سواء بطرق تقليدية منها تأسيس مناطق حرة في دول مجاورة تمكنها من إدارة تجارتها الخارجية، مع دفع نسب من عوائد هذه التجارة لهذه الدول، ولن أخوض في أسماء هذه الدول حالياً.
وبالعودة إلى أهم موضوعات عقد قمة روسيا أفريقيا الثانية، بعد تأجيل طال لمدة سنتين والتي كان مقرر لها أن تعقد في 2021 بعد القمة الأولى التي عقدت في سوتشي على البحر الأسود في 2019.
وعليه فتم استضافتي من عدة فضائيات أهمها قناة النيل الدولية في مصر أمس بعد الظهر وعلى قناة روسيا اليوم – وكان من المفترض أن يتم دعوتي للقمة في سان بطرسبرج. ولكن حسب تصريحات المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أن أمريكا والاتحاد الأوروبي حاولا ممارسة ضغوط مادية وسيبرية لعدم تمكين الكثير من الوفود الأفريقية لحضور القمة. وهذا ربما ما يبرر توقف موقع (روسكونجرس – المنظم للقمة) عن إعطاء دعوات ومنذ عدة أسابيع لمن طلبوا التسجيل للحضور ربما يكون تعرض الموقع للتهكير – هذا ما يمكن أن نعرفه في المستقبل.
عدة أسئلة أساسية دارت اليوم (عملة موحدة – بنك بريكس التنموي – السيادة النقدية – دور أفريقيا في نظام عالمي جديد)
وهي موضوعات كلها ترتبط بالاقتصاد السياسي. وكما قلنا سابقاً هو أخطر علم اجتماعي في الوقت الراهن – ولكي يكون لدينا عملة موحدة أو نتعامل بالعملات الوطنية في التجارة البينية أو يكون لدينا سيادة نقدية ونبعد عن هيمنة الدولار الأمريكي – فإن الدول الافريقية تحتاج الى بنى تحتية كبيرة في مجال الرقمنة. لأنه وفقا لإحصائية (الاتحاد العالمي للاتصالات) لا يزال 500 مليون مواطن افريقي من أصل 1.4 مليار نسمة ليس لديهم هوية رقمية.
وكما ذكرت على شاشة روسيا اليوم هذا تحدي كبير في إفريقيا التي وصلت ديونها لما يزيد عن 400 مليار دولار وفوائد مركبة تزيد من عبء هذا الدين سنوياً. ولكنه فرصة عظيمة لروسيا وشركات تكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع شركات الاتصالات لتطوير البنى التحتية للاتصالات في إفريقيا. وأيضاً حمايتها من التهكير لحدوث حوادث تهكير يومية طالت كبار السياسيين في افريقيا، وتتسبب في الفتنة الدائرة في بعض الدول فيه ومنها السودان، على سبيل المثال.
وأيضاً الموضوع مرتبط بتطور البلوكتشين من خلال برمجيات التكنولوجيا المالية (فينتك) والخوارزميات الخاصة بها مع البيانات الضخمة، ومظلة بنكية متوافرة من الجانبين مع وجود رغبة سياسية كما نلاحظ متوافرة من دول كبيرة في افريقيا. وخصوصاً إذا تكلمنا عن مصر والتي كانت شريكة لروسيا في القمة الأولى في 2019.
تترأس (جنوب إفريقيا) مجموعة بريكس هذا العام. حيث تحدثت وزيرة خارجيتها (نايدي باندور) أمس للإعلام الروسي، وقد كنت أعلق على ما قالته لروسيا اليوم العالمية، عن السيادة النقدية لإفريقيا، والعملة الموحدة لدول بريكس، وطبعا قمة بريكس التي ستعقد بعد أقل من شهر من قمة روسيا أفريقيا، والتي سيتم من خلالها، ربما ضم دولا جديدة لمجموعة بريكس والتي وصل عدد المتقدمين لعضويتها حوالي 22 دولة موزعة على قارات الجنوب والشرق.
وكذلك الانضمام الى منظومة بنك بريكس، الذي انشيء في 2014 بموجب اتفاقية (فورتاليزا البرازيلية) أبان فترة الرئيسة البرازيلية (ديلما روسيف)، والذي سيصبح له دورا كبيرا في تنمية القارة الإفريقية، وتأمين مستقبلها الاقتصادي حيث أن روسيف قد عينت كرئيسة لهذا البنك من عدة شهور، وإن التسويات المالية بين أعضاء بريكس باتت تسوى بالعملات الوطنية لفصلها عن الدولار.
النقطة الأخيرة التي أيضاً يجب التشديد عليها خلال هذه القمة (دور الشباب في إنجاح التعاون الروسي الإفريقي – ودور المجتمع المدني – أن يغلب أسلوب الصفقات الصينية “ربح + ربح” طابع الشراكة مع الجانب الأفريقي) وكما نوهت سابقا – اين ابناء القارة من خريجي الجامعات الروسية وخصوصا في مرحلة الدراسات العليا خلال العشرين عاماً الماضية من الحضور والذين قدموا مشروعات منشورة في المجالات التقنية والإنسانية والاقتصادية والثقافية لتطوير العلاقة بين إفريقيا وروسيا؟ وكذلك أين دور البيوت الروسية والسفارات الروسية من هؤلاء؟
كيف يمكن للمجتمع المدني في الدول الافريقية الاستفادة من قوة المجتمع المدني في روسيا والذي كان له دورا كبيرا في المجتمع الروسي سواء من خلال جائحة كورونا وكذلك في العملية الروسية داخل أوكرانيا كما رأيت بعيني سابقاً؟
أيضاً لدى إفريقيا إمكانيات عظيمة في مجالات الطاقة سواء طاقة شمسية تعتمد على طاقة الرمال الساخنة وهي أحدث وأرخص تكنولوجيا حاليا في هذا الصدد – الطاقة المتولدة من النفايات وبكل تأكيد الطاقة النووية والتي تعتبر من أنظف أنواع الطاقة – حيث أن الصين بحلول عام 2025 ستصبح أكبر دولة بها مفاعلات نووية في العالم وأكثر من أمريكا وفرنسا بحسب شهادة الخبير المصري د. يسري أبو شادي كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.
في النهاية – نتمنى أن يعبر البيان الختامي للقمة عن تطلعات شعوبها وأن تكون هذه القمة فرصة للجانبين للاعتماد على بعضهما البعض وعدم المراهنة على الغرب الخاسر، الذي يسقط يوما بعد يوم يتضح هشاشته وكذبه أمام شعوبه والتي اقتربت من حد الكفاف بعد خروج روسيا المدروس من اتفاقية حبوب كانت تباع لمزارع الخنازير لأوروبا، ولا تباع أو ترسل الى الدول المحتاجة فعليا في الجنوب وخصوصا افريقيا.
حيث وعد الرئيس الروسي ببذل قصارى جهده لتصل هذه الحبوب إلى أصدقائه في إفريقيا سواء بشكل مدعوم أو مجاني حسب قدرة هذه البلد.
كما يجب أن تدرس مصر كيف حققت روسيا طفرة واكتفاء ذاتي في الانتاج الحيواني وخصوصا الدواجن وكذلك في زراعة القمح وعباد الشمس – هذه موضوعات اقتصادية استراتيجية مهمة جدا. وعلى رجال الأعمال المصريين الوطنيين إقامة شراكات مع رجال أعمال روس يعملون في هذه القطاعات، تلك التجربة التي أشاد بها سفيرنا السابق في موسكو، أيهاب نصر.
يرجى الاسترشاد بما سبق.
خاص وكالة رياليست – أحمد مصطفى – رئيس مركز آسيا للدراسات والترجمة – مصر.