أديس أبابا – (رياليست عربي): قال رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، إن بلاده ستبني أكثر من 100 سد صغير ومتوسط في مناطق إقليمية مختلفة من البلاد في السنة المالية المقبلة، في وقت تعيش علاقات بلاده مع مصر والسودان توتراً على خلفية سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا فوق النيل الأزرق، طبقاً لموقع قناة “سكاي نيوز عربية“.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي خلال افتتاح مشروع طريق سريع إن بناء السدود هو “السبيل الوحيد لمقاومة أي قوى معارضة لإثيوبيا”.
صرف الأنظار
تأتي تصريحات آبي احمد في حين تتآكل بلاده داخلياً وتعصف بها مشاكل جمّة ليس أولها الحرب مع إقليم تيغراي أو أمهرا، ولا مسألة تأجيل الانتخابات التشريعية للأسباب عينها، فضلاً عما يحدث من توترات على خلفية ملء سد النهضة الأحادي الجانب من قبل أديس أبابا ورفض كل من مصر والسودان ذلك، وصولاً إلى الخلاف الحدودي الذي وصل إلى اشتعال معركة عند حدود السودان.
هذه المسائل وغيرها، يعمل آبي احمد على صرف أنظار الداخل من خلال إغراءات تنموية عبر طرحه بناء 100 سد هو حاجة كبيرة للمزارعين ولتأمين الأمن الغذائي الإثيوبي على حد زعمه، دون تحديد مناطق بناء هذه السدود وكلفتها وغير ذلك، ما يعني أنه يريد شراء الشعب عبر وعود يمتاز بها أغلب الساسة عندما يتعرضون لضغط سياسي عموماً لكن في الحالة الإثيوبية فإنها تعاني على الصعيدين الداخلي والخارجي، وبالتالي هو تهديد مبطن يريد من خلال إظهار مدى تحكمه بالوضع العام، مهما اشتدت الضغوطات.
جبهة موحدة
إن المتابع للجولات المصرية والفرنسية الأخيرة إلى الدول الأفريقية، وانخراط الولايات المتحدة الأمريكية بمسألة سد النهضة بشكل مباشر، يبين أن الأمور إذا ما تم ربطها ببعضها، تسير عكس صالح إثيوبيا، إذ أن السودان بعد الترتيبات الأخيرة مع المجتمع الدولي وإعفائه من الديون، والتطبيع مع عدد من الدول الأوروبية، كذلك زيارة مصر الأخيرة إلى جيبوتي، وأهميتها على هذا الصعيد، فضلاً عن العلاقات المصرية – السودانية سواء الشمال أو الجنوب، كلها عوامل ضاغطة، شاء آبي أحمد أم لا، لن يستطيع على سبيل المثال، مواجهة قوة إقليمية كبيرة مثل مصر، وخاصة أنها تملك من العلاقات الجيدة جداً مع دول الاتحاد الإفريقي الكثير، ما يعني أن مقارعة كل هذه الدول وكل هذه الملفات بشكل منفرد، هو ضرب من ضروب المستحيل، فضلاً عن الفشل الكبير في حال فقط المحاولة.
زد على ذلك فرض واشنطن على أديس أبابا مؤخراً قيوداً واسعة النطاق على المساعدات الاقتصادية والأمنية لإثيوبيا، سبب “الفظائع المرتكبة في إقليم تيغراي، وبالتالي قد يُفهم من تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي أنه تحدٍّ للولايات المتحدة نفسها، خاصة وأن عشرات الأصوات ارتفعت مؤخراً ضد تصرفات إثيوبيا أحادية الجانب والتي ترمي من ورائها إلى زعزعة القارة السمراء، في ضوء ما يحدث من خلافات ومشاكل في دول الجوار سواء في مالي أو تشاد وأفريقيا الوسطى.
ويبدو أن آبي أحمد فقد الزخم الذي كان يتمتع به بعد اعتقاده بأنه قادر على فرض تطلعاته على المستوى الدولي، لكن سرعان ما اصطدم بحائط العشرات من المشاكل، لعل أقواها وأخطرها هو ما حدث مع السودان واسترداد كيلومترات كثيرة كانت محل خلاف قديم يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، إضافة إلى القنبلة الموقوتة مع أمهرا وإقليم تيغراي التي قد تنفجر في أية لحظة، مع الأخذ بعين الاعتبار أزمة سد النهضة بشكلٍ خاص.