بيروت – (رياليست عربي): دفع الوضع الاقتصادي والمالي المنهار في لبنان عبر أفعال من يسمون بـ”ساسة النهب” الذين هرّبوا أموال مودعين تقدر بعشرات المليارات من الدولارات إلى بنوك في أوروبا وأمريكا، خلال العقود الأخيرة، إلى تحويل المواطن اللبناني صاحب الحسابات البنكية الدولارية إلى ما يشبه بزعيم عصابة يقوم بالسطو المسلح على المصارف ويحتجز رهائن وذلك ليس لسرقة أموال البنك ولكن للحصول على أمواله المودعة المحتجزة مثله مثل بقية المواطنين.
وهذا ما حدث مؤخراً، عندما قام أحد المودعين صباح الخميس وطيلة النهار، بحجز عملاء كرهائن بقوة السلاح في أحد البنوك بوسط بيروت، مطالباً البنك بتسليم أمواله المودعة بالبنك بالعملة الدولارية والتي لا يستطيع الحصول عليها إلا بسعر الصرف اللبناني الرسمي غير المعمول به، حيث يحصل على 1500 ليرة مقابل كل دولار في حين أن القيمة الفعلية المعمول بها في سوق المال أن قيمة الدولار بلغت 35 ألف ليرة لبنانية في ظل انهيار العملة الوطنية.
و دخل شاب لبناني “بسام الشيخ حسين”، وهو يحمل السلاح ومواد قابلة للاشتعال، فرع مصرف “بنك فدرال” في شارع الحمرا في بيروت، وطالب بتسليمه أمواله وبحوزته مادة شديدة الاشتعال، مهدداً بإشعال النار على نفسه ومن في الفرع، وقد أطلق عدة طلقات من سلاحه، ويبلغ الشاب من العمر 42 عاما، ولديه في المصرف مبلغ 209 آلاف دولار أمريكي، ولدى شقيقه مبلغ 500 ألف دولار أيضاً.
وتمت مفاوضات بين أجهزة الأمن والبنك مع الشاب الذي قام باحتجاز الرهائن، ونتج عن ذلك، إطلاق سراح الرهائن مقابل عدم التعرض له من جانب الأجهزة الأمنية بالإضافة إلى تقديم تعهد له باستلام جزءاً كبيراً من أمواله المودعة بالبنك بالعملة الدولارية بداية الأسبوع القادم.
وبحسب تحريات في هذا السياق، أودع “حسين” لدى المصرف 209 ألف دولار أمريكي منذ سنوات، ورفض البنك صرف 5500 دولار ليسدد لإحدى المستشفيات التي يمكث فيها والده على جهاز التنفس الصناعي، وطلب “بسام” من المصرف أن يدفع للمستشفى المبلغ مباشرة ولكن إدارة المصرف رفضت هذا الاقتراح!.
ووضعت البنوك اللبنانية قيوداً على سحب أغلب المودعين للعملات الأجنبية خلال الانهيار المالي الذي تشهده البلاد منذ 3 سنوات، الأمر الذي جعل أكثر من ثلاثة أرباع السكان يعيشون في فقر، وتضع البنوك حداً أقصى لعمليات السحب النقدي الشهرية بالدولار الأمريكي وتسمح بسحب مبالغ أخرى محدودة بالليرة اللبنانية بمعدل أقل بكثير من سعر السوق الموازية، مما أدى إلى خفض كبير في القيمة الأصلية للودائع.
ويخسر اللبنانيين مدخراتهم المالية بعملة بلدهم داخل وطنهم، ليصل الأمر إلى تحرك مواطنين كانوا يدخرون أموالهم بالعملة اللبنانية إلى مكاتب الصرافة، حاملين إياهم أما في حقائب كبيرة أو “كراتين” أو “أشولة” بمبالغ تقدر بمليارات الليرات من العملة الوطنية، ليستبدلونها في النهاية بمبالغ تتراوح ما بين ألف إلى 5 الآف دولار أمريكي.
وكانت تساوي هذه الأموال قبل عامين، وبالتحديد مع احتجاجات أكتوبر/ تشرين الأول في 2019، ثم انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب 2020، ما بين 100 إلى 200 ألف دولار، عندما كانت تثبت سعر الدولار 1500 ليرة، لكنه تجاوز الآن أعتاب الـ35 ألف ليرة
وفقد مواطنين لبنانيين الأمل، ولا يجدون أي بصيص يتعلق بضبط حتى لو على استحياء لقيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار، والتي وصلت لدى تعاملات السوق الموازية “السوداء”، وهي الأسواق المالية الوحيدة المتواجدة في البلاد ، في ظل عدم وجود سوق رسمي إلى أكثر من 30 ألف ليرة.
ويرزح 80 % من اللبنانيين الآن تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة، ما يعد إفقارا متسارعا يعود سببه بشكل خاص إلى التضخم الذي يفوق 100 % ،ويضاف هذا الانخفاض الجديد إلى المشاكل العديدة التي تواجهها الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي، والتي لم تواجه أزمات في انعقادها بسبب الخلافات السياسية بين أعضائها.