برلين – (رياليست عربي): مشاهير العرب لا يدركون ماذا تعني النجومية!، لا يجيدون لعب دور النجم ولا هم قادرين على صناعة هذه الهالة التي إذا جائتهم بالصدفة، يكونون غير قادرين على الاحتفاظ بها.
دعونا بداية نعرف ما تعني كلمة “نجومية”؟!
النجومية هي حالة وليست لقب، ليست حصراً على الفنانين ولا حق مكتسب يحصل عليه أي شخص يصبح فنان أو يظهر على شاشة في أي مجال من المجالات.
النجومية لها شروطها ومعاييرها ومقاومتها وهي أن يصبح الفرد شخصية مشهورة ومعروفة ومحبوبة من عدد كبير من الناس، وصولاً إلى تجسيد النماذج المثالية التي يحبها الناس.
شخصية تجسد وتلعب وتقدم أشياء تمنح الناس حالة من الفرح والسعادة والنشوة الكبيرة، وشحنها طاقة إيجابية.
شخصية تجسد البطل الكامل الذي يحب أن يتشبه به الناس، مقدما ذروة القوة ،الخير، الجمال، الحب، الفحولة، الكرم، الحكمة والمعرفة، أو حتى ذروة الشر الذي يؤدي لامتلاك القوة والمال والسلطة.
تعريف النجم سواء ذكر أو أنثى، هو شخص معروف ومشهور عند الكثير من الناس، ينظر ويتابع هو وأعماله وإنجازاته ويتمنون أن يكونوا نسخة منه ويرغبون في التقرب منه، ولكنهم لا يستطيعون وكأنه نجم عال في السماء يُرى ولا يلمس.
شخص ليس ملتصق بالناس، ولا يعرف عنه الناس سوى نجوميته وما يعززها، يملك كل المواصفات التي يحبها الجمهور، لا يشبه الناس العاديين بضعفهم وبمواصفاتهم المتواضعة، لا يستطيع أن يلتقي به ويرونه الناس أينما كان ولا أن يقتربوا منه كيفما كان، شخص لا يشكي مثلهم ولا يظهر ضعفه أيضا، لا يعيش تفاصيل حياة بسيطة وطبيعية مثلهم، هذا هو تعريف النجومية، وهذه هي مواصفات النجوم، وكلما سقطت صفة من هذه الصفات انطفأ معها حزمة من إشعاع النجومية لديه.
في إعتقادي، هذه المواصفات تنطبق أكثر على المطربين بالدرجة الأولى، فالمطرب بشكل عام شخص يمنح السعادة والفرح والنشوة للناس، وهو الشخص الذي ترنو إليه الأفئدة وتنجذب إليه العيون وتخفق على صوته أنغامه القلوب وتتحرك على كلماته المشاعر في أي مناسبة يغني فيها، وهو لا يقدم سوى هذا النتاج، فهو يرسم للناس كل معاني الجمال والحب والشغف والسعادة، هو صانع لحظات الفرح ولحظة الحب عند الناس، ولذلك المطرب بمجرد اعتلائه المسرح لأول مرة يصبح نجم صغير، وتزداد نجوميته ويقوى إشعاعه يوم بعد يوم كلما استطاع إسعاد الناس أكثر.
أما الممثل والشاعر والأديب والإعلامي والسياسي.. فهؤلاء لا يمكن أن يصبحوا نجوم بسهولة وبشكل تلقائي، هم لا يصبحون نجوم إلا في حال استطاعوا الوصول للذروة في تجسيد إحدى الحالات التي تكلمنا عنها آنفا والتي هي البطل الكامل الذي يجسد في أعماله الإبداعية أو في عمله ذروة القوة، الخير، الجمال ، الحب ، الحكمة والمعرفة، حب الوطن، أو حتى ذروة الشر الذي يؤدي لامتلاك القوة والمال والسلطة، رغم أن حصول هذا النموذج لقب النجم ليس مؤكد إلا بحالات نادرة، وخير مثال على ذلك هو ملاحظة الفرق بين ممثلين لعبوا دور البطولة في أدوار تجسد الشخصية القوية جسدياً مثل “أرنولد شفارتس نيغا” أو “فريد شوقي” في السينما المصرية ، رشدي أباظة ، ومقارنتهم بشخصيات لعبت دور الشرير أو الندل أو الخائن والضعيف في أعمالها الفنية، مثل “زكي رستم”، “صلاح منصور”، “عادل أدهم” ومن شابههم.
وبالعودة إلى أساس موضوعنا اليوم والذي هو مشاهير العرب هذه الأيام، في الحقيقة أنا لم أرى منذ نهاية حقبة الزمن الجميل صعود أي نجوم حقيقيين بين مشاهير العرب ومن كل الأوساط، على الرغم من الشهرة والنجاح الكبير الذي وصل إليه البعض منهم في الغناء أو التمثيل، إلا أنهم لم يستطيعوا تجسيد حالة من النجومية الحقيقية ولا لعب دور النجم بنجاح.
على صعيد المطربين، غالبيتهم يجري مقابلات ولقاءات صحفية أكثر مما يجري حفلات وأكثر مما يصدر أغاني وأعمال فنية، ونجدهم يسعون ليعملوا ممثلين، مذيعين، وصولاً إلى التواجد في لجان التحكيم ولا نستغرب عندما نجد منهم محلل سياسي، والملفت أن غالبيتهم يظهرون على الجمهور بشخصية مهزوزة ومختلة ضعيفة وغبية، لا تجيد الكلام وتفتقد لأدنى تقنيات لغة الجسد، وبهذا يخسرون هالتهم وشعاعهم، يترجلون من علياء النجومية السماوية إلى مجرد شخصيات مشهورة غير مقنعة وبلا أي هالة، كما كان حال المطرب كاظم الساهر في لقائه الأخير مع منى الشاذلي مثلا، فرغم أنه يتربع على عرش الغناء العربي وبكل جدارة اليوم، إلا أنه بدا بمظهر لا يليق به كنجم أول في العالم العربي، فقد خانته لغة الجسد بشكل كارثي، وكان من خلال حركاته وتصرفاته شخصية ضعيفة وغير متوازنة، فقد كرر مسح شاربين بيديه بطريقة ليست لائقة، وحتى طريقة جلوسه كانت غير متزنة وتعبير وجهه بدت غريبة وكلامه وصل حد الإسفاف في إظهار منبته الفقير والمعدم، وفي رأيي خسر الكثير من هالته وعظمة نجوميته في تلك المقابلة.
وكذلك الأمر مع محمد رمضان، بغض النظر عن مستوى ما يقدمه ومدى القبول أو الرفض من جانب الجمهور، إلا أنه رغم كل شيء حقق إختراق وصعود صاروخي في فترة بسيطة ودأبت ماكينة الترويج على تقديمه شبه نجم عالمي ، ولكنه وبكل سذاجة يترك هذا العرش ويهبط للعمل كممثل محلي عادي بأدوار متواضعة لم تحقق له أي شهرة ويمكن لأي ممثل صاعد أن يقوم بها، وهذا يجعله يخسر الكثير.
النتيجة النهائية أن حال المشاهير لن يكون أفضل من حال العامة.. نحن نعيش في زمن الانحطاط بكل شيء.