القاهرة – (رياليست عربي): مقولة خرجت من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشكل علني في أحدى المناسبات مؤخراً، وهي أن الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر”كان محظوظ، لأنه كان بيتكلم والإعلام كان معاه”.
وليس خفياً أن الإعلام والدعاية كانت أحد أقوى أسلحة نظام “عبد الناصر” عندما تمت الهيمنة على الصحف والإذاعة وصناعة الأغنية والسينما بتأميمها، وجميع أشكال وسائل الإعلام للدفاع عن النظام ووضعه في قالب “مقدس”، حتى برعت هذه المنظومة في السيطرة وتشكيل عقول وأفكار عشرات الملايين، ليسوا من الشعب المصري فقط ولكن في العالم العربي من المحيط إلى الخليج.
وفي الذكرى الـ70 لحركة 23 يوليو 1952 والتي جاءت بإسقاط النظام الملكي والمجيء بنظام “عبد الناصر”، كانت أبرز وأقوى عناوين دعاية نظام “ناصر”، هو أنه قدم “التعليم المجاني” لجميع فئات الشعب المصري بعد أن كان التعليم للأغنياء فقط في عهد الملكية، وارتبط هذا الأمر بدعاية ساقت السينما تقديمها بشكل بارع ورسختها في عقول الملايين لاسيما من خلال أفلام شهيرة روجت أيضاً إلى أن الكلية الحربية وكلية البوليس لا يدخلها سوى أبناء الأثرياء والباشوات، وان المحسوبية لها دور إضافي في ذلك، في حين أن تنظيم الضباط الأحرار الذي قام بحركة يوليو، عبارة عن ضباط معظمهم من أسر فقيرة أو معدومة، وعلى رأسهم “عبد الناصر” الذي كان والده موظف بسيط في مكتب بريد.
أسئلة بدائية ولكنها منطقية يطرحها العقل في هذا الصدد، منها :” كيف أصبح أبن الجنايني في فيلم رد قلبي هو وشقيقه ضباط في الجيش والبوليس وقت حكم الملك ما دام الالتحاق في هذه الكليات للأثرياء وبالمحسوبية وكيف حصلوا على التعليم غالي الثمن وغير مجاني لا يقدر عليه سوى الأغنياء كما روج من جانب دعاية هذا النظام؟!”.
هذه التساؤلات لم تأتِ في ذهن الجماهير العريضة وقت حكم “ناصر” التي كانت تشاهد أفلام مثل “رد قلبي”، “الأيدي الناعمة” وأفلام أخرى، بالرغم من المستوى التعليمي والثقافي لأجيال تلك الحقبة من المتعلمين وما أكثرهم من أبناء الفقراء ومحدودي الدخل، لاسيما أنهم تلقوا التعليم المجاني في عهد “الملكية”.
ويعتبر “رد قلبي” من أهم الأفلام الدعائية لنظام “عبد الناصر” و”شيطنة” الملكية في مصر، بتقديم رمزية البطل “جمال عبد الناصر” عبر الفنان “شكري سرحان” في دور ضابط الجيش “علي” ابن “الجنايني” الريس عبد الواحد.
ليس دفاعاً عن “الملكية” فهي حملت العديد من أشكال الفساد، ولكن كان مؤلماً أن يتم الإطاحة بملك ليأتي “الضباط الأحرار” بـ13 ملك كما قال أول رئيس للجمهورية “محمد نجيب” الذي أطاح به “عبد الناصر” وقت مرحلة في ظاهرها ما عرف بـ “أزمة الديمقراطية” وفي باطنها “الصراع على السلطة”، وأيضا عندما وصل أصحاب حركة يوليو إلى السلطة، تحدثوا عن مبادئ الحرية والديمقراطية، ولكنها كانت حكم الصوت الواحد إلى أن جاءت ضربة 1967 .
وبالطبع قام نظام “ناصر” الذي كان المهندس الدعائي له “محمد حسنين هيكل”، بالعمل على تقديم مساوئ الملكية التي لها الكثير من السلبيات، ولكن كان “التضليل” عند الحديث عن أن “نظام يوليو” هو من قدم التعليم المجاني في حين أنه كان قائماً منذ عهد الوالي محمد علي وتمحور تدريجياً ليخرج منه أبناء الفقراء والمعدمين في الأصل ومنهم “رفاعة الطهطاوي”، “طة حسين”، “عباس العقاد”، و”جمال عبد الناصر” وأصدقائه الذين كان منهم من هو مؤهلاته “صديق العمر”، والمقصود هنا المشير عبد الحكيم عامر الذي كان برتبة “رائد” في منصب وزير الحربية في سن 34 سنة بعد أقل من عام من حركة يوليو، ثم يحصل على ترقيتين استثنائيتين في عامين “لواء” ثم “مشير” ليكون من النتائج الطبيعية هزيمة يونيو المريرة.