القاهرة – (رياليست عربي): في ظل احتفالات مصر بالذكرى الـ70 للعيد القومي للبلاد في 23 يوليو، كانت أغنية “ثوار” للمطربة “أم كلثوم” حاضرة بشكل متكرر على موجات الراديو وشاشات التلفاز، والتي تضم مقطع :” من أرضنا هل الإيمان والدين .. عيسى ومحمد ثورتين خالدين”، ولكن لماذا لم يتم ذكر اسم نبي الله موسى؟!، وهو الذي ولد وعاش على أرض مصر، في حين أن نبي الله “عيسى” ولد في بيت لحم وهرب مع أمه إلى مصر، وأيضاً النبي “محمد” فلم يزور مصر وعلاقته الوحيدة بها كانت زوجته “ماريا القبطية”.
من الواضح أن “أم كلثوم” استغلت الأحداث، للتماشي مع موجة غضب سيطرت على معظم المصريين وقادها الرئيس جمال عبد الناصر ضد “إسرائيل” و”الصهيونية” في ظل عدم الفصل بينهما وبين الديانة اليهودية وصاحب رسالتها السماوية، وغنت للأنبياء “عيسى” و”محمد” ولم تذكر النبي “موسى” إرضاءاً لغضب جارم قامت بتغذيته الدعاية والتحريض، في حين أن “موسى” ارتبط أكثر بمصر عن أنبياء “الإسلام” و”المسيحية”.
الأغنية التي قدمتها “أم كلثوم” في عام 1961، تحمل في كلماتها نوعاً من الاستغلال الديني من جهة، وعنصرية بحق دين سماوي على جانب أخر.
ولم تكن “أم كلثوم” بالمطربة صاحبة الشخصية الضعيفة في بدايتها حتى يفرض عليها شيئاً عندما ملأت الكون بصوتها طولاً وعرضاً، وكان في العادة الأغاني التي تقدمها، عبارة عن “بنات أفكار” واتفاق وتجهيز مسبق لكل نغمة أو حرف، بينها وبين فريق صناعة الأغنية المحسوب عليها، ممن كانوا يقبلون يد “الست”.
كانت المطربة “أم كلثوم” التي لم تتخلَّ أبداً في مسيرتها عن عبارة “عاش الملك .. مات الملك”، صاحبة صوت مليء بالقوة وأيضاً الشجن، ليس لإمتاع الجمهور فقط، ولكن لخدمة الأنظمة، فلم تقوم بتحييد نفسها عن السياسة وعشقت “تقديس” الحاكم سواء ملك أو رئيس جمهورية.
ولم يفرض على “أم كلثوم” الغناء بكل حب ظاهر للملك فاروق وقت حكمه، لتصدح :”اجمعي يا مصر أزهار الأماني يوم ميلاد المليك.. واهتفي من بعد تقديم التهاني شعب مصر يفتديك .. طلع السعد عليها يوم ناداها البشير قائلاً فاروق هلا” عام 1937، ثم أغنية “يا ليلة العيد آنستينا” عام 1944، التي قالت فيها مقطع “يعيش فاروق ونحييله ليالي العيد”؛ لينعم عليها بـ”نيشان الكمال” الذي لا يمنح إلا لأميرات العائلة المالكة وتحصل على لقب “صاحبة العصمة”، ولكن مع مجيء حركة يوليو 1952 والإطاحة بالملكية، توجهت أم كلثوم إلى دار الإذاعة وأشرفت بنفسها على مسح أغان قدمتها للملك فاروق، بلغ عددهم 15 عملاً.
ويجدر الاشارة إلى أن “اليهود” عاشوا في مصر منذ قرون، كان هناك تصرفات من جانب بعض طوائفهم تغضب دوائر اجتماعية ودينية في مصر، الكثير منهم كانوا يدعمون قيام “إسرائيل” على أرض فلسطين، وساهموا في ذلك عبر طرق عدة مادية ومعنوية، وقام بعضهم بأعمال تخريبية وهناك من تورط في قضايا تجسس، ولكن كان هناك قطاع عريض منهم يرفضون قيام “إسرائيل” ورفضوا الذهاب اليها متمسكين بـ”مصريتهم” على الرغم من تضررهم من أعمال عامة ممنهجة تهدد حياتهم وأملاكهم بعد يوليو 1952، ورفض كثير منهم الإجبار على الخروج من مصر وقت التضييق عليهم، ولم يكن طبيعياً في دولة قانون، أن يدفع حتى لو القليل “فاتورة” أفعال كثيرين من بني ديانتهم.