باريس – (رياليست عربي): أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرة أخرى موضوع الحد من اعتماد الاتحاد الأوروبي على الولايات المتحدة وأعلن عدم رغبته في الانجرار إلى الصراع على تايوان، الأمر الذي أثار قلق الشركاء في المنطقة وأثار السخط بين السياسيين الأمريكيين، فلماذا يواصل الرئيس الفرنسي الترويج لرواية الاتحاد الأوروبي المستقل ويسعى إلى اتصالات أوثق مع بكين؟
تسببت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن على أوروبا تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة وتجنب الانجرار إلى صراع بين واشنطن وبكين حول تايوان، نقاشاً نشطاً في وسائل الإعلام وبين السياسيين، في رأيه، أصبح الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة أكثر اعتماداً على الولايات المتحدة ويجب عليه أولاً وقبل كل شيء أن يتبع مصالحه الخاصة، وليس “التكيف مع الأجندة في أجزاء أخرى من العالم”.
وقال “هل نحن أوروبيون مهتمون بتسريع حل قضية تايوان؟ لا، أسوأ شيء هو الاعتقاد بأننا نحن الأوروبيين يجب أن نتولى زمام القيادة في هذه القضية والتكيف مع الوتيرة الأمريكية أو رد الفعل الصيني المبالغ فيه”.
في رأيه، لا ينبغي لأوروبا أن تدخل في منطق المواجهة بين الكتل بل يجب أن تعزز استقلاليتها الاستراتيجية وألا تعتمد على تجاوز الدولار للحدود الإقليمية، وقد أيد هذا البيان لاحقًا وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لو مير، وأشار إلى أن بلاده وأوروبا تختاران طريق الحوار حول قضية تايوان ولا تريدان معارضة الصين فقط بسبب علاقات الحلفاء مع الولايات المتحدة.
بالنسبة لماكرون، هذه الفكرة ليست جديدة، في أواخر العام الماضي، تحدث ماكرون عن حاجة أوروبا لتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة وتطوير قدراتها الدفاعية لضمان السلام في منطقة هزها الصراع في أوكرانيا، ووفقاً له، فإن أوروبا القوية ستكون قادرة على العمل “داخل الناتو، مع الناتو، ولكن في نفس الوقت لا تعتمد على الناتو”.
وتعد فرنسا أبرز ممثل للاتحاد الأوروبي، الذي يدعو إلى عالم متعدد الأقطاب وتأسيس الاتحاد الأوروبي كواحد من الأقطاب الرئيسية في هذا العالم.
وعلى الرغم من أن التصريحات حول الاستقلال عن الولايات المتحدة تسمع بشكل أساسي من فرنسا، إلا أن هذا الموقف يؤيده قادة عدد من دول الاتحاد الأوروبي، كما يقول رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، ووفقاً له، فإن بعض القادة الأوروبيين لن يقولوا نفس الشيء الذي قاله ماكرون، لكنهم يفكرون بنفس الطريقة.
وأشار إلى أنه في العلاقات مع الولايات المتحدة “قد تكون هناك فروق دقيقة ولحظات حساسة”، لكن الاتحاد الأوروبي “لا يتبع بشكل أعمى” الولايات المتحدة في جميع القضايا.
في الوقت نفسه، لم يحظ بيان الزعيم الفرنسي بتأييد واضح في أوروبا. وتعرض لانتقادات على وجه الخصوص، من قبل وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، الذي دعا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى شركاء قيمين، وقال الوزير “إنني مقتنع بأن الأمن على الأراضي الأوروبية يتطلب التزاما قويا من جانب الولايات المتحدة في سياق حلف شمال الأطلسي وما وراءه”.
بالنتيجة، عند الضرورة، ستعتمد فرنسا على الولايات المتحدة، ومن ناحية أخرى، إذا شعرت فرنسا بالاعتماد الشديد على الولايات المتحدة، فستظهر اعتماداً معيناً على الصين لإظهار استقلالها، وتحتاج فرنسا إلى الصين كنوع من التوازن.