القاهرة – (رياليست عربي): تطورات لافتة طرأت على ملف العلاقات التركية – المصرية خلال الأيام الماضية، وعقب أسابيع قليلة من عودة الدفء بين أنقرة أوبوظبي، وبعدها إعلان السلطات في تركيا غلق التحقيقات في ملف مقتل الكاتب الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، بهدف ترطيب العلاقات مع الرياض، توجهت أسهم الدبلوماسية الهادئة تجاه العاصمة المصرية (القاهرة)، وكشف وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، عن زيارة مرتقبة أو دعوة إفطار كما أسماه لنظيره المصري سامح شكري خلال شهر رمضان الجاري.
صحيح أن الوزير التركي لم يحدد التاريخ الرسمي لهذه الزيارة وتركها مفتوحة على الاحتمالات، لكن تزامنت تصريحاته مع الكشف عن زيارة وفد أمني تركي إلى القاهرة، لترتيب الزيارة وعلى ما يبدو أن هذا الوفد سيحمل التوقيعات النهائية على الشروط التي فرضتها مصر منذ العام المنصرم 2021، حينما بدأت خطوة استكشاف النوايا، وظلت تراوح مكانها وتشهد عمليات شد وجذب للتخفيف أو البحث عن حلول وسط ترضي الطرفين.
وحسب ما تسرب من معلومات حول الأجندة التي يحملها الوفد التركي خلال زيارة مصر، تركز أهم نقاطها على سحب العناصر الأجنبية التي نقلتها أنقرة إلى ليبيا، علاوة على تبادل المعلومات حول ملف عناصر جماعة الإخوان – مصنفة إرهابية في مصر وروسيا- الهاربة إلى مدينة إسطنبول.
وكانت الفترة الماضية التي ناقشها وفدين من البلدين على المستوى الدبلوماسي فضلت القاهرة تسميتها حينها بالجلسات الاستكشافية، أصرت القاهرة خلالها على تسليم عدد من عناصر الجماعة الإرهابية وغلق منصاتها الإعلامية في الأراضي التركية، وعمدت أنقرة على تحجيم هذه الأصوات ومنعت ظهورها على شاشات الفضائيات الموالية للجماعة الإرهابية، وظلت متمسكة بموقفها الرافض لتسليمهم لكن ما بات متفق عليه هو ترحيلهم لدولة ثالثة، وخلال الأشهر الماضية غادر فعلياً عدد من هذه العناصر إلى عواصم أخرى أبرزها لندن وعدد من العواصم الغربية والآسيوية الأخرى.
ووفق مصادر دبلوماسية أن وزير الخارجية المصري كان قد جمد زيارته إلى تركيا الصيف الماضي، انتظاراً لمعرفة مدى تعبير الأتراك عن مصداقية الوعود التي اتخذوها خلال الجلسات الاستكشافية التي ترأسها مساعده حمدي لوزا، خلال جلسات عقدت في أنقرة والقاهرة بالتتابع.
ويرى مراقبون، أن الطرفين لديهما مصلحة في إحراز تقدم في ملف تطبيع العلاقات بينهما، فمصر تحاول من خلال تقاربها مع تركيا أن تضغط على حلفائها الذين تنكروا لها في مشروع مد خط نقل الغاز البحري “إيست ميد” من شرق المتوسط وحتى أوروبا، والذي تم استبعاد مصر منه، موضحاً أن التقارب مع تركيا قد يكون خطوة تكتيكية لإجبار هذا التكتل على وضع مصر ضمن حساباتهم في مشاريع الغاز.
كما تريد تركيا استخدام الورقة المصرية للضغط بقوة على جارتها اليونان للجلوس إلى طاولة التفاوض وتقديم تنازلات حقيقية، وحسم الملفات الخلافية في المتوسط وبحر إيجة، ويرى هؤلاء أن تطبيع العلاقات لن يعود بالضرر بأي شكل من الأشكال على البلدين، بقدر ما سيفتح نوافذ للحديث عن تحالفات جديدة وفرص استثمار وقوة مؤثرة لا يمكن تجاوزها أو إغفالها خصوصاً بعدما فتحت الإمارات صفحة جديدة مع الجانب التركي وظهور بوادر لاتخاذ السعودية خطوات مماثلة في الفترة المقبلة.
خاص وكالة رياليست.