الفاتيكان – (رياليست عربي): أثار خطاب البابا فرانسيس، الذي ألقاه في اجتماع مع الكاثوليك الروس، عاصفة من السخط في أوكرانيا، وذلك لدعوته الروس إلى عدم التخلي عن التراث الثقافي للإمبراطورية الروسية “العظيمة والمستنيرة”، حيث تعرض البابا لانتقادات في وزارة الخارجية ومكتب الرئيس الأوكراني.
لكن الكرسي الرسولي لا يزعجه الانتقادات الموجهة من كييف، ففي الأزمة الأوكرانية، يسعى إلى تنفيذ استراتيجية سياسية محددة تكون فيها مصالح أوكرانيا ذات أهمية ثانوية، فما هي الأهداف التي يسعى الفاتيكان إلى تحقيقها؟
بالتالي، ليس هناك شك في أن الفاتيكان يظل أحد مراكز المحافظة العالمية، إن الكنيسة الكاثوليكية، على الرغم من تصريحات البابا “المبالغ فيها” (التعاطف مع المثليين، والأعمال ضد المهاجرين المسلمين، وما إلى ذلك)، لم تغير الأسس القانونية التي لا تزال تقليدية، وعلى الرغم من المحاولات التي يبذلها بعض رجال الدين (في ألمانيا على سبيل المثال) لإحداث التغيير، فإن الفاتيكان نصير للقيم التقليدية، هذا هو السبب وراء تطور العلاقات الجيدة بين روسيا والكرسي الرسولي خلال العقد الماضي.
في الوقت نفسه، مثل أي دولة عظمى، ربما لم يكن الفاتيكان قط بنية سياسية متجانسة، حيث يعتمد الكثير على شخصية البابا والظروف التاريخية، ومنذ انتخابه في عام 2013، حاول فرانسيس “إعادة تشغيل” الكنيسة بعناية بعد سلسلة من الفضائح البارزة التي دمرت سمعتها، ومع ذلك، لا يمكن تغيير خلفية المعلومات السلبية، علاوة على ذلك، فقد تم استكماله بادعاءات المحافظين الذين اتهموا البابا بإقامة علاقات مع كبار دعاة العولمة.
وعلى هذه الخلفية، يواصل الكرسي الرسولي فقدان نفوذه بسرعة في أوروبا، حيث تظهر إحصائيات الأبحاث اتجاهاً واضحاً نحو نزع المسيحية عن القارة، ويلاحظ نفس الاتجاه في الولايات المتحدة، ومن ناحية أخرى، يتزايد عدد المسيحيين في آسيا وأفريقيا، مما يضمن نموهم على نطاق عالمي.
بالنسبة لأوكرانيا، يلعب الفاتيكان دوراً نشطاً في محاولات حل الأزمة الأوكرانية وهو واحد من الدول القليلة في الغرب التي تطالب بإنهاء فوري لمرحلتها العسكرية.
كما يدعو الكرسي الرسولي إلى الحوار مع روسيا لأنه يدرك الحاجة إلى التوافق ولا يقبل أيديولوجية “الهزيمة الاستراتيجية” لموسكو، ويواجه فيكتور أوربان نفس الموقف، حيث يخشى أن تكون المجر في المقدمة إذا اتسعت الأزمة، خاصة وأن هناك فهماً مشتركاً لعدالة مطالب روسيا بضمان الأمن وآليات واضحة لضمانه بعد الصراع.