موسكو – (رياليست عربي): تقرير حول رفض العديد من دول الإتحاد السوفييتي السابق دعوة أوكرانيا للمشاركة ضمن ما أطلق عليه (قمة السلام في سويسرا) لوقف الحرب (الروسية – الأوكرانية) وموقف موسكو من هذا الرفض وأسباب رفض العديد من دول الجنوب العالمي أيضاً المشاركة في ذلك المؤتمر وكذلك موقف نظام كييف من تقلص عدد المشاركين بسبب عدم مشاركة روسيا وهو الأمر الذي دفع العديد من الخبراء لكي يؤكدوا بأن هذا المؤتمر ولد ميتاً نظراً لأن المخططين له في واشنطن و لندن لا يريدون لهذه الحرب أن تتوقف ولذلك فهم لا يرغبون ببدء أي مفاوضات مباشرة بين كييف وموسكو وهو الأمر الذي سيجعل من المؤتمر مجرد مؤتمر صوري من شأنه أن يطيل أمد الحرب بدلاً من أن يوقف معاركها حالياً
انتقدت روسيا محاولات أوكرانيا دعوة حلفائها السوفييت السابقين لحضور ما أسماه نظام كييف بـــــ(قمة السلام المقبلة في سويسرا)، وأكدت موسكو أن هذه الدعوة قوبلت بالرفض من قبل جيران أوكرانيا جميعهم تقريباً، تماماً كما فعلت العديد من دول الجنوب العالمي في خطوةٍ فاجئت قادة نظام كييف وداعميهم في الدول الغربية. ولهذا السبب يرصد هذا التقرير لماذا حُكِمَ على مؤتمر سويسرا للسلام بالفشل، حتى قبل أن يبدأ، حيث يبين التقرير أن الأمريكيين والبريطانيين، هم من أفشلوا مؤتمر سويسرا، قبل أن تفشله كييف بتغيير جدول أعماله أكثر من مرة، بسبب تقلص عدد المشاركين خاصةً بعد أن أكدت دول الجوار الأوكراني عدم مشاركتها، وتأكد كذلك غياب دول الجنوب العالمي ورفضهم المشاركة في المؤتمر، لأنهم لا يريدون حضور أي مؤتمر يبحث مصير الحرب (الروسية- الأوكرانية) في ظل غياب روسيا.
- قال نائب وزير الخارجية الروسي (ميخائيل غالوزين) لوكالة الأنباء الروسية تاس إن الرئيس الأوكراني (فولوديمير زيلينسكي) وحلفائه الغربيين، قد وصلت بهم الأمور إلى درجة أنهم توسلوا إلى زعماء دول الجمهوريات السوفيتية السابقة للحضور إلى المؤتمر في سويسرا، لكن قادة دول الجوار الأوكراني، خاصةً قادة الجمهوريات السوفييتية السابقة قد رفضوا جيمعهم هذه الدعوات.
- وأكد المسؤول الروسي أن روسيا تتمتع بعلاقات ممتاز مع الجمهوريات السوفييتية السابقة جميعها، وأن الكرملين الروسي ما يزال يحرص بغيرة على حماية نفوذه في إطار رابطة الدول المستقلة، التي تضم إلى جانب روسيا،كلاً من جمهورية بيلاروس وأرمينيا وأذربيجان وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وتركمانستان، على الرغم من أن الدول الغربية تحاول تعزيز علاقاتها مع العديد من الدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة هذه.
- وفي وقتٍ لاحقٍ من مساء أمس الثلاثاء الموافق لتاريخ 4 يونيو 2024، أعلن الكرملين الروسي في بيان رسمي له، أن دول الجوار الأوكراني وغيرها من الدول التي وجهت إليها الدعوات لحضور ما يسميه نظام كييف بأنه (قمة للسلام)، قد أعلنت أنها لا تريد إضاعة الوقت في قمة ليس لها أي هدف نهائي ومحدد، فضلاً عن أن إعلانهم بأنهم لا يريدون حضور قمة تغيب عنها روسياولا تشارك فيها رغم أنها المعني الأول بأحداث ذلك المؤتمر.
- وفي الوقت نفسه، نفى الكرملين الروسي كافة المزاعم الغربية والإتهامات الموجهة له بأنه يشن حملة تضليل ضد فرنسا ورئيسها (إيمانويل ماكرون) وضدَّ دورة الألعاب الأولمبية لعام 2024 في باريس، واصفاً هذه المزاعم بأنها محض إفتراء.
- وحول هذا الموضوع: تحدث وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والذي يقوم بجولةٍ إلى عدد من دول القارة الأفريقية، حيث وصل يوم الإثنين إلى جمهورية غينيا وغادرها يوم أمس الثلاثاء متوجهاً إلى جمهورية الكونغو، ومن هناك أكد الوزير لافروف أن مؤتمر السلام المقرر عقده في وقت لاحقٍ من هذا الشهر في سويسرا فيما يتعلق بالحرب (الروسية – الأوكرانية)، ستغيب عنه موسكو، لأن هذا المؤتمر بلا أي معنى سياسي، ولأن المعنى الوحيد الذي يمكن أن يكون له هو محاولة الحفاظ على هذه الكتلة المناهضة والمعادية لروسيا والتي باتت في طور الإنهيار حالياً.
- وقد لفت الوزير سيرجي لافروف النظر بتصريح مهمٍ للغاية، أن أي مدربين عسكريين فرنسيين في أوكرانيا سيكونون (هدفاً مشروعاً) للقوات المسلحة الروسية، حيث أكد خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع وزير خارجية جمهورية الكونغو (جان كلود جاكوسو)، بأن المدربين الفرنسيين موجودون بالفعل على الأراضي الأوكرانية، وأنه وبغض النظر عن وضعهم، سواءً أكانوا عبارة عن مسؤولين عسكريين وأمنيين، أو كانوا مرتزقة مقاتلين مأجورين، فإنهم باتوا أهدافاً مشروعة لضربات القوات المسلحة الروسية التي تتابع قتالها لتنفيذ أهداف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
- وأتت هذه التصريحات لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، بعد أن أعلن القادة العسكريون في أوكرانيا، خلال الأسبوع الماضي أنهم وقعوا على أوراق تسمح للمدربين العسكريين الفرنسيين بالوصول إلى مراكز التدريب الأوكرانية، وهي المعلومات التي رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التعليق عليها، تماماً كما رفض التعليق على تصريحات الوزير سيرجي لافروف فيما يتعلق بهذا الصدد، وهو الأمر الذي بات يثير الكثير من الحساسية السياسية بين الكرملين الروسي والإليزيه الفرنسي، نظراً لأن مجريات الأمور باتت تشي بصدام عسكري روسي فرنسي فوق الأراضي الأوكرانية.
- هذا الأمر أكده المتحدث الرسمي باسم الكرملين الروسي (دميتري بيسكوف)، خاصةً عندما أعلن الأخير رسمياً، أن المدربين الذين يدربون قوات نظام كييف ليس لديهم أي نوع من الحصانة السياسية أو الأمنية، ولا يهم ما إذا كانوا فرنسيين أو غير فرنسيين، لأنهم سيصبحون هدفاً لنيران القوات الروسية.
آراء المراقبين و المحللين و الخبراء في مراكز الدراسات السياسية و الإستراتيجية الروسية والعالمية:
- يرى العديد من المراقبين والمحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مثل الخبير الروسي (فالينتين لوغينوف)، والذي كتب مقالاً مطولاً في صحيفة (إزفيستيا) الروسية، أنه وقبل أسابيع قليلة من انعقاد ما يسمى بمؤتمر السلام في سويسرا بشأن أوكرانيا يومي 15 و16 يونيو 2024، وذلك في (بيورغنشتوك) بسويسرا، وهو المؤتمر الذي روج له الجانب الأوكراني بنشاطٍ مفرطٍ، فإن كييف قد تعمدت بأن تغيير جدول الأعمال للمؤتمر بشكل كبير حيث قلصت (صيغة السلام) الخاصة بها في مباحثات المؤتمر إلى ثلاث نقاط سياسية وأمنية وعسكرية رئيسية، وهي نقاط تتعلق بالأمن الغذائي والأمن النووي والقضايا الإنسانية.
- ويؤكد الخبير الروسي (فالينتين لوغينوف) أن أحد أهم الأسباب لهذا التصرف الأوكراني، هو إحجام دول الجنوب العالمي عن حضور حدثٍ لن تتواجد فيه روسيا، وهو الأمر الذي أدى إلى دفع العديد من الدول لتتخذ مواقف مغايرة ومختلفة لما كانت تأمل به كييف، نظراً لأن موسكو بالذات غير ممثلة في ذلك المؤتمر.
- فيما يرى خبير روسي آخر هو الخبير (سيميون بويكوف)، والذي كتب أيضاً ضمن نفس المقال لصحيفة (إزفيستيا) الروسية هو الآخر، أن نظام كييف يحاول إنقاذ القمة التي فشلت بالفعل من حيث التمثيل السياسي، حتى قبل أن تبدأ، وأكبر دليل على فشلها هو تقليص جدول الأعمال فيها.
- هذا ويؤكد خبير روسي ثالث، وهو كبير الباحثين في معهد الإقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية في موسكو، الخبير العالمي (دميتري أوفيتسيروف بيلسكي) أن السبب وراء ذلك التقليص ضمن جدول أعمال ما أطلق عليه بــــــــــــــ (قمة السلام في سويسرا) هو أن القوات المسلحة الأوكرانية قد وصلت إلى شهر يونيو 2024 بنتائج سيئة للغاية على الجبهة، وفي مثل هذه الظروف، فإن كييف ببساطة غير قادرة على توجيه أي إنذار نهائي لموسكو، حتى على مستوى الخطابة السياسية.
- ويضيف الخبير الروسي (دميتري أوفيتسيروف بيلسكي) أن مشكلة ما يسمى بـــــــــ(قمة سويسرا للسلام) تتخلص بأنه لم يخطط لها من قبل الأوكرانيين، وإنما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وربما منذ البداية صُممت بهذه الطريقة السيئة من قبل واشنطن ولندن لكي تَفشل ولا تحقق أي نجاح. لأن هدفها الحقيقي قد يكون مخفياً وسرياً، وهو أبعد بكثير عن الهدف الذي أعلن عنه نظام كييف، والدليل على ذلك أن واشنطن ولندن، غير قلقتين مطلقاً من فشل هذه القمة، لأن الأمر المهم بالنسبة للأمريكيين والبريطانيين هو أن لا يكون هناك أي عملية سياسية تفاوضية لفترة طويلة، يمكن لها أن تبدأ بين كل من كييف وموسكو كأحد نتائج المؤتمر لو حضرت موسكو، وهو ما يشير بشكل واضح إلى أن الدول الغربية تتجه بشكل مقصودٍ ومتعمدٍ نحو إطالة أمد الصراع بين روسيا وأوكرانيا، ومنع إمكانية التوصل إلى أي تسوية في المستقبل القريب.
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.