الرباط – (رياليست عربي): تستعد المغرب على المستوى الإعلامي والشعبي، لمهمة جلد الجارة الجزائر ممثلة في قيادتها وبعض أفراد شعبها، في حملات انطلقت بالفعل تتعلق بملف “التطبيع مع إسرائيل” و”محاباة اليهود”، وهي أمور دائماً ما يوجه من خلالها “الجزائر” على المستوى الشعبي وفي أحيان كثيرة على المستوى الرسمي، سهام الانتقاد والسخرية والمناكفة بشكل متصاعد، حول العلاقات بين الرباط وتل أبيب، وتمسك المغرب بأواصر علاقات مع إسرائيل تتعلق بالدرجة الأولى بيهود المغرب الذين هاجر جزءاً كبيراً منهم إلى إسرائيل.
وفي الفترة الحالية، وجد المغاربة” ضالتهم في رد جزءاً من الانتقادات المستمرة من جانب الجزائر لاسيما “الشعبية” إلى المغرب على مستوى يستهدف العاهل المغربي محمد السادس وهو رئيس لجنة القدس، الأمر الذي يرفضه كثيراً الجزائريين بسبب علاقات المغرب وإسرائيل التي تتطور بشكل متصاعد رسمياً لاسيما في الأعوام الأخيرة.
“الضالة” التي يجلد بيها “مغاربة” في الوقت الحالي لـ”جزائريين”، ترتبط بزيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، حيث يرافقه ضمن الوفد، حاخام فرنسا هايم كورسيا الذي سيزور الجزائر للمرة الأولى منذ استقلال هذا البلد في 1962، فهو جزائري الأصل، وعائلته تنحدر من مدينتي “وهران” و”تلمسان”، لتكون “المناكفة” المصاحب لها نوعاً من “السخرية” من جانب “مغاربة” لجيرانهم في الجزائر الذين دائماً ما كانوا يوصمون المغرب بنعوت بسبب علاقات علنية وغير ذلك مع إسرائيل واليهود، ليكون الموعد مع استقبال الجزائر لأحد أكبر قيادات اليهود في العالم والحاخام الأكبر في فرنسا.
ولد حاييم كورسيا في 23 سبتمبر/ أيلول 1963 لمدينة ليون، هو الحاخام الأكبر لفرنسا، انتخب من قبل المركزي ويعمل كـ”قسيس” يهودي في الجيش الفرنسي، وكان أيضاً قبل ذلك، رئيساً لمدرسة حاخامية، تم انتخابه في يونيو/ حزيران 2014 وبدأ فترة 7 سنوات كزعيم للجالية اليهودية في فرنسا.
ويعتبر مرافقة ” حاييم” للرئيس الفرنسي خلال زيارته للجزائر، هو نوعاً من “رد الجميل” لليهود في فرنسا، بعد أن كان لهم فضلاً كبيراً في ترجيح كفته في الانتخابات الرئاسية الصعبة التي كانت في أبريل/ نيسان الماضي، وذلك عندما دعت الرابطة المركزية اليهودية في فرنسا إلى التصويت لصالح “ماكرون” في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وذلك لإقصاء السياسية اليمينية والمرشحة الرئاسية “مارين لوبان” حيث وجهت الرابطة المركزية لليهود في فرنسا، اليهود الفرنسيين إلى انتخاب “ماكرون” بسبب ما رددوه باعتزام “لوبان” على حظر “الذبح الشعائري” لليهود في فرنسا، لافتين إلى أن “لوبان” ستعرض الحرية الدينية للخطر من خلال اعتزامها حظر ذبح الحيوانات وفقا للشعائر الدينية في حين أن “ماكرون” أكد اعتزامه حماية الذبح الشعائري، وقد ساند الحاخام الأكبر لليهود “حاييم كورسيا” “ماكرون” بدعوة اليهود إلى التصويت لصالح “ماكرون” ولكنه ساق في ذلك الإطار حجة وهي “من أجل ضمان المبادئ الجمهورية والقيم الأساسية” في فرنسا، الأمر الذي كان له أثراً كبيراً في فوز “ماكرون” بمقعده في قصر الإليزيه.
وتأتي الزيارة في أعقاب فترة حملت في طياتها كثيراً من الرمزية لاسيما بعد إحياء الذكرى السنوية الـ60 لتوقيع اتفاقيات إيفيان في مارس/ آذار 1962 التي وضعت حداً لحرب استمرت 7 سنوات بين الثوار الجزائريين والجيش الفرنسي، مما نتج عنه استقلال الجزائر في 5 يوليو/ تموز 1962 بعد استعمار فرنسي دام 132 عاماً.