بوجومبورا – (رياليست عربي). في حي بوتيريري الفقير بالعاصمة البوروندية، تتذكر أميسيا أليكو (40 عاماً) آخر مرة أكلت فيها مع أطفالها الأربعة لحوماً أو أسماكاً: «أكلنا السمك في عام 2019»، تقول بصوت خافت. «كان ذلك يوماً جيداً». اليوم، وجبتهم الوحيدة حساء بسيط من الخضروات الورقية، بينما تبحث عائلات مجاورة في القمامة عن بقايا طعام.
على مدى عقدين، أبقت الحروب الأهلية والانقلابات والمجازر العرقية والفساد المستشري بوروندي في أدنى مراتب الفقر العالمي. ويبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أقل من 200 دولار سنوياً، ما يجعلها أفقر دولة في العالم وفقاً للبنك الدولي.
الرئيس إيفاريست نداييشيميي، القائد المتمرد السابق الذي تولى السلطة عام 2020، يؤكد أن البلاد بدأت «مرحلة تحول». وقال في مقابلة مع فايننشال تايمز من قصره في بوجومبورا: «من يقول إن بوروندي أفقر دولة في العالم لا يعرف بوروندي اليوم. هذه البلاد خرجت من فقر عظيم وهي تتجه نحو النهوض».
وعد نداييشيميي بإصلاحات لتعزيز الحكم الرشيد ومكافحة الفساد وجذب الاستثمارات الأجنبية بعد سنوات من العزلة في عهد سلفه بيير نكورونزيزا، الذي أدت سياسته الاستبدادية إلى فرض عقوبات أميركية وأوروبية. ومنذ تحسن العلاقات، استأنف صندوق النقد الدولي تمويله المحدود، كما تعهد المانحون بتقديم استثمارات بقيمة 4 مليارات دولار — أي أكثر من الناتج المحلي السنوي للبلاد — تشمل مشاريع في الطاقة والبنية التحتية بدعم من البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية وشركة «أنزانا إليكتريك غروب».
لكن الشكوك لا تزال قائمة. فمنتقدو الحكومة يرون أن الحملة ضد الفساد شكلية. واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الحزب الحاكم بممارسة الترهيب خلال الانتخابات الأخيرة التي فاز فيها بجميع مقاعد البرلمان. وقال الخبير الاقتصادي أندريه نيكويغيز: «جزء كبير من موارد البلاد يذهب إلى جيوب المسؤولين الكبار».
وتواجه بوروندي أزمة اقتصادية خانقة، إذ تعاني نقصاً حاداً في الوقود وشحاً في العملات الأجنبية، بينما يقترب معدل التضخم من 40%. ويتداول الفرنك البوروندي في السوق الموازية بأقل من نصف قيمته الرسمية، ما يخلق «تشوهات خطيرة» بحسب صندوق النقد الدولي.
ورغم حديث نداييشيميي عن «توحيد أسعار الصرف وبناء اقتصاد حديث»، فإن معظم البورونديين لا يلمسون أي تحسن: 63% من السكان يعيشون بأقل من 2.15 دولار يومياً، ونصف الأطفال يعانون من سوء التغذية، وأقل من نصفهم يكملون المرحلة الابتدائية.
أما زعيم المعارضة أغاثون رواسا، الخاسر في انتخابات 2020، فيرفض رواية الرئيس قائلاً: «بوروندي ليست الجنة التي يحاول أن يصورها. الوضع كارثي — لا سكر، لا وقود، ولا مياه شرب».
ومع ذلك، يبقى نداييشيميي متمسكاً بتفاؤله: «أنا مقتنع بأن العالم سيرى قريباً في بوروندي معجزة».






