باريس – (رياليست عربي). أعلن رئيس الوزراء الفرنسي سيرج لوكورنو، الثلاثاء، تعليق إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل الذي أطلقه الرئيس إيمانويل ماكرون، في خطوة تهدف إلى كسب دعم البرلمان لموازنة عام 2026 وتجنّب انهيار الحكومة.
وفي انعطافة سياسية مفاجئة، قال لوكورنو إن خطة رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً — وهي الركيزة الأساسية لإصلاح ماكرون لعام 2023 — ستُعلَّق حتى عام 2027، موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. واعتبر أن القرار يهدف إلى الحفاظ على عجز الميزانية دون 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف لوكورنو في أول خطاب له أمام الجمعية الوطنية منذ إعادة تعيينه الأسبوع الماضي:
«هل الحكومة مستعدة لفتح نقاش جديد حول إصلاح التقاعد؟ الجواب نعم».
كما تعهّد بفرض ضرائب جديدة على الشركات الكبرى وباعتماد آلية تشريعية أكثر شفافية، مؤكداً أنه لن يستخدم المادة 49.3 المثيرة للجدل التي تتيح تمرير القوانين دون تصويت برلماني مباشر.
تنازل مكلف لكسب الوقت
استقال لوكورنو الأسبوع الماضي وسط أزمة سياسية متصاعدة، قبل أن يعيده ماكرون إلى منصبه بعد أيام قليلة. لكنه يواجه الآن جمعية وطنية منقسمة وصوتين لحجب الثقة مقررين يوم الخميس.
ويُتوقّع أن يكلّف التنازل الذي قدمه للحزب الاشتراكي نحو 400 مليون يورو في 2026 و1.8 مليار يورو في 2027، إلا أنه يمنحه هامشاً زمنياً قصيراً للبقاء السياسي.
وسجلت السندات الفرنسية ارتفاعاً فور الإعلان، إذ تراجع العائد على السندات لأجل عشر سنوات إلى 3.39%، وهو أدنى مستوى له منذ شهرين.
وقال النائب الاشتراكي بوريس فالّو إن هذا القرار يمثل «خطوة أولى نحو الإلغاء الكامل للإصلاح»، داعياً إلى زيادة الضرائب على الشركات الكبرى.
خطة مالية بـ30 مليار يورو
ولموازنة الخسائر، كشف لوكورنو عن خطة مالية بقيمة 30 مليار يورو تجمع بين خفض النفقات وفرض ضرائب انتقائية، تشمل تحصيل 6.5 مليار يورو إضافية من كبار الشركات وأصحاب الدخل العالي عبر:
- ضريبة بقيمة 1 مليار يورو على نحو 10 آلاف شركة قابضة؛
- 1.5 مليار يورو ضرائب إضافية على أعلى 20 ألف دخلاً في فرنسا؛
- تمديد مؤقت للضرائب المرتفعة على الشركات التي تتجاوز عائداتها مليار يورو، ما سيولّد نحو 4 مليارات يورو.
وقال لوكورنو:
«ستكون هناك تخفيضات ضريبية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وارتفاعات محددة تستهدف الشركات الكبرى — في إطار توزيع عادل للجهد المالي».
انتقادات من اليمين وتحذيرات من هشاشة سياسية
أثار تعليق الإصلاح غضب المحافظين، إذ وصف زعيم حزب الجمهوريين برونو ريتايو القرار بأنه «غير مفهوم»، متهماً الحكومة بأنها «تجعل الشعب الفرنسي يدفع ثمناً باهظاً لتفادي سقوطها».
ويرى محللون سياسيون أن تنازلات لوكورنو التكتيكية قد تتيح تمرير موازنة 2026 وتخفيف حدة الأزمة مؤقتاً، لكنها في الوقت نفسه تكشف هشاشة التوازن السياسي في فرنسا.
وقال فرانشيسكو بيسولي، خبير العملات في بنك «ING»:
«لم نصل بعد إلى مرحلة يمكن فيها استبعاد المخاطر السياسية الفرنسية من الحسابات الاقتصادية، لكن يبدو الآن أن لوكورنو سيتمكن من تمرير الموازنة عبر البرلمان».






