أنقرة – (رياليست عربي): استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأمير محمد بن سلمان، في المجمع الرئاسي بالعاصمة “أنقرة”، بعد وصوله إلى تركيا كثالث محطة خارجية لولي العهد السعودي في إطار جولته الإقليمية التي بدأها بمصر ثم الأردن.
وتناولت المباحثات بين الجانبين حسب وسائل إعلام سعودية وتركية، ملفات سياسية واقتصادية وأمنية في جلسة مغلقة استمرت نحو ساعتين.
وتم إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي لتعزيز التعاون الاقتصادي والصناعي والمالي إثر اجتماع المجلس لأول مرة في فبراير/ شباط 2017، وتعد المملكة ضمن أكبر 8 شركاء تجاريين لتركيا.
وتستثمر 390 شركة تركية في السعودية برأسمال إجمالي 986 مليون ريال، وتنشط الشركات التركية في السعودية في قطاعات التشييد والصناعة التحويلية والتجارة والمطاعم.
ويبلغ عدد الشركات ذات رأس المال السعودي المستثمرة في تركيا حالياً 1140 شركة.
وشرع الرئيس التركي في عقد تحالفات مع الدول العربية، بعد أعوام من الجفاء السياسي نتيجة مواقفها المتخبطة تجاه دول المنطقة، وفي نهاية المطاف بحث عن عقد تفاهمات مع الإمارات ومن ثم السعودية، وبدا واضحاً أنه وافق على شروط وضعتها الرياض قبل إعادة ضبط إيقاع العلاقات بين البلدين بعد أعوام من التوتر نتيجة التصريحات التركية المعادية.
خطوات تركيا للتقارب مع العرب وتبني سياسة “صفر خلافات” جاءت بالتزامن مع التطورات الجارية على الحدود الغربية لتركيا، ووصول المشاكل الأمنية في سوريا والعراق، على الحدود الجنوبية إلى مستوياتٍ خطيرة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن اشتعال الحرب الروسية – الأوكرانية جاء كتطور آخر، علاوة على اتخاذ حلفاء الناتو في معظم الأوقات مواقف مناهضة لتركيا، لذلك وجدت أنقرة أن البديل الأمن في إنشاء تحالفات سياسة واقتصادية وأمنية مع البلدان الواقعة في مجالها الإقليمي الحيوي، وعادت للتقارب مع الدول العربية خصوصا الخليجية منها لكن بشروط وقواعد جديدة فرضها الحكام العرب، بعد تعرضهم لخديعة سابقة من النظام التركي وسلوك سياسي أشبه بخيانة التقارب وطعن الأصدقاء في الظهر.
ونجح ولي العهد السعودي في وضع الخطوط الحمراء أمام الرئيس التركي، وتعمد بحسب مراقبون التوجه إلى أنقرة بعد القاهرة وعمّان، في رسالة دبلوماسية مفادها تمسك الرياض بالحلفاء العرب ودعم مواقفهم كشرط مسبق في عقد التفاهمات الجديد مع الأتراك، خصوصاً الموقف الموحد تجاه استضافة النظام التركي لرموز جماعة الإخوان (الإرهابية) أو التدخل في شؤون الدول العربية الداخلية، وهي الأمور التي باتت مرفوضة ولم تعد مقبولة.
وقال الكاتب الإسرائيلي، تسفي برئيل، في سياق تحليله لزيارة ولي العهد السعودية إلى تركيا، إنه في الأربع سنوات الأخيرة من حكم أردوغان، غرقت تركيا في إحدى الأزمات الاقتصادية الشديدة التي عرفتها منذ أن صعوده إلى السلطة عام 2003 وهو اليوم المسؤول الأول عن التضخم البالغ 73 % وعن انهيار قيمة الليرة التركية، وعن إغلاق آلاف المشاريع وتفشي البطالة وأزمة السكن.
قبل عام من الانتخابات الرئاسية وبعد عقدين من الحكم الاحتكاري له و لحزبه -العدالة والتنمية-، يبحث أردوغان عن أطواق نجاة اقتصادية بالتحديد في الدول العربية، فأعاد تأسيس علاقاته مع الإمارات التي تعهدت باستثمار حوالي 10 مليارات دولار في بلادها، كما أنه يجري محادثات وثيقة مع مصر بهدف التقارب مع نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، ويطور علاقاته مع إسرائيل بهدف إعادتها إلى مستوياتها ما قبل القطيعة، ويسعى لتسوية الأمور المعقدة مع إدارة بايدن. ثمة أهمية كبيرة لترميم العلاقات بين أردوغان وبن سلمان تتجاوز الإطار الثنائي. يكمن فيها إمكانية كامنة لتأسيس شبكة علاقات إقليمية مستقلة لا تعتمد على مبدأ مع أمريكا أو ضد أميركا، بل على مصالح إقليمية قوية يمكنها أن تملي سياسة خارجية على أميركا.