طرابلس – (رياليست عربي): شهدت ليبيا عقداً دموياَ منذ سقوط نظام العقيد الليبي، معمر القذافي، إبان ما تسمى ثورة فبراير، التي تزامنت مع اندلاع ثورات الربيع العربي الملونة في دول الشرق الأوسط، وأدت لانهيار أنظمة عربية الواحدة تلو الأخرى، شملت تونس ومصر وليبيا وامتدت إلى اليمن لاحقاً، ووصلت رياحها إلى سوريا لكنها لم تحقق أهدافها هناك.
وكانت ليبيا صاحبة المشهد الأكثر دموية في هذه الثورات، بعدما تناقلت وسائل الإعلام الدولية صوراً ومقاطع مصورة تظهر اغتيال القذافي على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، الذي سهل المهمة من خلال غطاء جوي وفره حلف الأطلسي” الناتو” بذريعة نشر الديمقراطية، وتكشفت الوجوه الحقيقية بعد ذلك بفتح مخازن أسلحة طرابلس لتسقط في يد ميلشيات إرهابية، كما فتحت حدود الدولة من جميع الاتجاهات لتسهيل وصول مرتزقة وعناصر متطرفة سيطرت على مفاصل الدولة الليبية وحولتها إلى جحيم.
اليوم ومع قرب انتخابات الرئاسة الليبية المزمع عقدها في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، حال تكللت الجهود الدولية الرامية لإتمامها بالنجاح، وبالرغم من ظهور العديد من الأسماء كمرشحين محتملين للرئاسة، فإنه يظل الجنرال خليفة حفتر، وسيف الإسلام القذافي، أبرز الأسماء التي تصدرت المشهد السياسي خلال الأسابيع الماضية، وعززت فرضية خوض سيف الإسلام السباق، ما أعلنه عنه حول وجود اسمه في الصفحة رقم 16 من كشوفات الناخبين التي أصدرها مركز تابع لمفوضية الانتخابات في مدينة سبها.
على ما يبدو أنه مع قرب أو احتمالية انعقاد هذه الانتخابات، دخلت إسرائيل بكامل طاقتها السياسية على خط صناعة رئيس ليبيا الجديد، وتم الكشف عن تولي مستشار إعلامي إسرائيلي وصفته التقارير العبرية بـ”الكبير” مهمة توجيه المشورة والتوجيه لحفتر وسيف الإسلام، في حملتهما الانتخابية للترشح لانتخابات الرئاسة الليبية.
الكشف عن مهمة المستشار الإعلامي الإسرائيلي، جاء بعد ساعات قليلة من تسريبات حول زيارة سرية قام بها صدام حفتر، نجل الجنرال الليبي إلى تل أبيب، لنقل رسالة من والده يطلب فيها مساعدة عسكرية سياسية إسرائيلية، مقابل إقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين مستقبلاً، من خلال الانضمام إلى اتفاقات التطبيع المعروفة بـ”أبراهام” التي وقعت بين بين الإمارات والبحرين وإسرائيل والمغرب في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وتؤدي الإمارات دور الوسيط بين الرئيس الليبي المحتمل وإسرائيل في إيصال رسائل الطمأنة حول الالتزام بالدخول من “بوابة أبراهام” ونقل وسيط إماراتي لتل أبيب تأكيدات من حفتر وسيف الإسلام، بأن كلا المرشحين يؤيدان إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لكن ليست بالطريقة السريعة بهدف تمهيد الشارع لتقبل الأمر نظراً للعداء التاريخي بين الشعوب العربية وإسرائيل، وليبيا لم تشهد أي تقارب مع تل أبيب خلال العقود الماضية الأمر الذي يحتاج إلى عملية تمهيد للرأي العام.
وأصبحت هذه الاتفاقية المعروفة بـ “أبراهام” تثير التساؤلات في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً أنه مع تراجع الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن عن دعمها اقتصاديّاً وسياسيّاً، عاد مجدداً الحديث عنها بقوة لدرجة التشكيك بأنها تحولت إلى بوابة مباركة الزعماء بالمنطقة.
خاص وكالة رياليست.