موسكو – (رياليست عربي): يستمر الهجوم المضاد للقوات المسلحة الأوكرانية منذ شهرين ونصف الشهر، لكن النتائج حتى الآن محدودة للغاية، على هذه الخلفية، يتحدث الغرب بشكل متزايد عن هدنة محتملة في منطقة الصراع، ويتلخص أحد الخيارات التي تتم مناقشتها في حقيقة أن أوكرانيا ستتخلى عن الأراضي التي أصبحت جزءاً من روسيا، وفي المقابل سينضم الباقي إلى الناتو.
الإشارات الغربية
منذ بداية أغسطس، ظهرت المزيد من الإشارات على أن الغرب يشعر بخيبة أمل من الوضع في الجبهة ويسعى إلى حل الصراع مؤقتاً على الأقل، وكان أبرز ما في هذا المعنى هو تصريح رئيس مكتب الأمين العام لحلف الناتو ستيان جنسن، الذي قال إن أوكرانيا قد تضطر إلى التنازل عن جزء من أراضيها لروسيا، في مقابل أن تتمكن بقية البلاد من الانضمام إلى تحالف شمال الأطلسي.
كما أدلى الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ببيان صاخب، ووفقاً له، فإن غالبية سكان القرم يشعرون بالانتماء إلى روسيا، لذا فإن رغبة أوكرانيا في إعادة شبه الجزيرة وهمية، الدبلوماسية هي الوسيلة الوحيدة لإيجاد حل مقبول، بدون حل وسط، لن ينجح شيء، ونخاطر في أن ينحرف كل شيء في أي لحظة، وقال إن برميل البارود هذا يمكن أن يكون له عواقب وخيمة.
كما كانت نتائج المشاورات التي عُقدت يومي 5 و6 أغسطس في مدينة جدة السعودية مثيرة للاهتمام، وأشار المراقبون إلى أن ممثلي كييف تصرفوا بضبط النفس إلى حد ما، ولم يطالبوا بانسحاب القوات الروسية والعودة إلى حدود عام 1991، وفقًا لمعلومات من الداخل، اختار الوفد الأوكراني هذا السلوك بناءً على إصرار مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان.
كما تنشر الصحافة الغربية الكثير من المنشورات حول هدنة محتملة، وهكذا، أشارت صحيفة دي فيلت الألمانية إلى أن الهجوم المضاد الأوكراني استمر أكثر من 60 يوماً، لكنه لم يحقق نجاحاً ملحوظاً بعد، بينما تكبدت القوات المسلحة الأوكرانية خسائر فادحة، في ظل هذه الظروف، يُزعم أن أوكرانيا ستضطر إلى الدخول في مفاوضات مع روسيا، مما قد يؤدي إلى ظهور حدود مؤقتة جديدة بين البلدين، يقول المقال إن مثل هذا السيناريو سيكون صعباً بالنسبة لأوكرانيا: سيكون اهتمام المستثمرين في الدولة المدمرة منخفضاً، ولن تتمكن كييف من استعادة البلاد بمفردها.
في أوكرانيا، يحاولون وقف الحديث عن الهدنة، حيث من السهل فهم دوافع القيادة الأوكرانية، وستكون الهدنة بمثابة انهيار لسياسة كييف الخارجية التي اعتمدت على “استعادة وحدة أراضيها” والوصول إلى حدود عام 1991، بالإضافة إلى ذلك، في حالة التوصل إلى هدنة، يجب رفع الأحكام العرفية، مما يعني إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، بالفعل، تم تسجيل انخفاض في تصنيفات حزب زيلينسكي وخادم الشعب، بعد انتهاء الأعمال العسكرية، قد تنخفض المؤشرات أكثر، لأن مشاكل البلاد لن تذهب إلى أي مكان، وسيكون من الصعب عزوها إلى الأعمال الروسية، نتيجة لذلك، قد تفقد القيادة الحالية للبلاد قوتها.
بشكل عام، إن المتخصصين والمسؤولين المتقاعدين يتحدثون عن هدنة محتملة في الغرب، لكن القادة الحاليين ما زالوا يتجنبون مثل هذا الخطاب، الآن هناك سيناريوهين محتملين: الأول هو أن الغرب وأوكرانيا سيقلدان الحوار، وسيظل نظام كييف معادياً لروسيا، وفي بعض اللحظات المناسبة لواشنطن وبروكسل، ستبدأ الأعمال العسكرية مرة أخرى، والثاني، سيتم إجراء مفاوضات حول المزايا، وسيبدأ البحث الحقيقي عن حل وسط، لكن وفق المؤشرات، السيناريو الأول هو الأرجح.
الوضع صعب للجيش الأوكراني في منطقة سفاتوفو وكريمينايا وكوبيانسك، إذا أصبح هذا التهديد أكثر واقعية، فقد يحاول الغرب بالفعل بدء المفاوضات، سيتم استخدام فترة الراحة الناتجة لبناء الإمكانات الصناعية وإعداد أوكرانيا لحرب جديدة، تم استخدام هذه الحيلة عدة مرات من قبل، على سبيل المثال، في 2014-2015، كانت أوكرانيا على وشك الهزيمة، لكن اتفاقيات مينسك أنقذتها، على الأرجح، في الغرب يتوقعون تكرار هذه الحيلة.