القاهرة – (رياليست عربي): الحدث جلل والوضع كارثي، ربما يكون الوصف السابق محاولة لوصف الأوضاع في سوريا عقب مأساة الزلزال الذي نقلته طبقات الأرض من الجارة تركيا، هذه المرة لم يكن زحف الدمار من أنقرة على دمشق بقرار صناع السياسية هناك، لكنه قدر الله الذي فرضته طبيعة الجوار.
المشهد المقعد في سوريا التي اجتمعت عليها مأساة السياسية وغضب الطبيعة، دفع دول الجوار العربي لتناسي خلافات الماضي والاتصالات التي كانت في الخفاء خلعت رداء السرية وخرجت للعلن بدون تقديراً لهول الحدث بعدما شاهدنا على شاشات الفضائيات ضحايا تحت الأنقاض وقفت العقوبات المفروضة على الدولة حجرة عثرة فى طريق انقاذهم.
الجارة التركية التي تتمتع بميزانيات اقتصادية ضخمة وتتوفر لديها الإمكانات نالت من المساعدات أضعاف ما حصلت عليه سوريا ضحية السياسية والزلزال، صحيح أن الساعات الماضية ألقى الزلزال المدمر حجرة في مياه العلاقات العربية السورية الراكدة، وأعلنت الرئاسة المصرية عن اتصال أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره بشار الأسد، وانهالت اتصالات أخرى من الجزائر وسلطنة عمان وغيرها من الدول العربية والشرق أوسطية، لكن اللافت في الأمر أن الدولة الخليجية الوحيدة التي حرصت على مد يد العون للشعب السوري كانت الإمارات.
في المقابل اندفعت دول خليجية أخرى لإجراء الاتصالات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فيما امتنعت عن تعزية الدولة السورية، فهل الأزمة في سوريا العربية باتت رهينة بشخص بشار الأسد، ووصلت الخصومة السياسية لحد القطيعة وقت الكارثة.
بالرغم من مرارة الامتناع عن الاتصال والتعزية، واعتبر الاتصال بين السيسي والأسد تحولاً كبيراً في العلاقات المصرية السورية وربما العربية، ويرجح أن يفتح المدّ التضامني مع دمشق الباب لاتصالات أوسع ومحادثات تمهد لعودة لشغل مقعدها في الجامعة العربية، وسط دفاع عربي قادته دولة الإمارات التي كانت سباقة في استئناف العلاقات مع النظام السوري وإعادة فتح مقار بعثاتها الدبلوماسية في العاصمة السورية استنادا منطق الواقعية السياسية وضرورة عدم ترك سوريا فريسة لتغلغل مشاريع أجنبية غريبة عن المنطقة.
كما أن إعلان تركيا نيته تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، من شأنه أن يعجل بمصالحة مصرية سورية ضمن حسابات المصالح والنفوذ وضمن جهود القاهرة لكبح التمدد التركي والإيراني في الشرق الأوسط وإعادة ممارسة دورها الفاعل في الملفات المعقدة.
الاتصال ربما يكون الأول المعلن لكن وفق دوائر سياسية التنسيق بين القاهرة ودمشق خصوصاً عقب انفتاح أبو ظبي على النظام السوري لم ينقطع، واعترف به الأسد نفسه بعد عزل الرئيس الأسبق المحسوب على جماعة الإخوان (الإرهابية)، محمد مرسي، حينما كشف عن عدم انقطاع الاتصالات على المستوى الأمني بين البلدين وقت حكمه رغم عداء جماعته الصريح للدولة السورية وتسهيل سفر عناصر إرهابية لمحاربة الجيش العربي السوري فى مناطق الصراع، وبات من غير المستبعد بعد الاتصال الذي جاء بحجم زلزال بالغ الشدة على مقياس ريختر السياسي، أن نشهد طائرة السيسي تهبط فى مطار دمشق أو طائرة الأسد تهبط في مطار القاهرة.