بغداد – (رياليست عربي): حددت الحكومة العراقية، يوم 18 من شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل، موعدا لإجراء انتخابات مجالس المحافظات.
وأكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، على دعم المفوضية العليا للانتخابات للقيام بمهامها وتوفير كل متطلبات العملية الانتخابية، بما يضمن انتخابات عادلة ونزيهة وشفافة.
وشرعت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، بعمليات تحديث سجل الناخبين ومنح بطاقات انتخابية جديدة، وفتح المجال أمام الكيانات والأحزاب والأشخاص للتسجيل للتنافس على مقاعد مجالس المحافظات.
ويقول السياسي العراقي والوزير الأسبق، باقر جبر صولاغ الزبيدي: إنه بعد مرور عشرين عاما على تأسيس الدولة العراقية وسنوات على قيام تجربة مجالس المحافظات و سنوات من الإخفاق والترهل الإداري وغياب الإنجاز والفساد المالي والتخلف في فهم رسالة الخدمة الوطنية سنكون على موعد مع انتخابات جديدة لمجالس المحافظات أشعر أن حال العراقيون باستصحاب سياقها الإداري والسياسي السابق سوف لن يتغير كثيرا وقد تتشكل موجات من الغضب الشعبي وسيول من التظاهرات السياسية في كافة المحافظات العراقية تعيد ما تم بذله من جهود حكومية في هذا الإطار إلى مربع الأزمة والمناكفات التي تدفع المسألة السياسية والخدمية والاجتماعية في البلاد إلى مزيد من الاحتقان والتأجيل!.
ليس أمام هذه القوى هكذا يكمل الزبيدي: “وهنا لا أقصد القوى الشيعية في الجنوب والوسط والسنية في غرب العراق والكردية في الشمال” بل كافة القوى السياسية المشاركة في هذه الصيغة الخدمية إلا التأمل في مشهد البلاد بعد عشرين عاما والتدقيق في صورة الدولة العراقية بعد حراك 2019 والأهم من ذلك في الوعي الوطني الذي شكل إرادة سياسية جديدة تجاوزت إرادات القوى الحاكمة وعكست نمطا حديثا من الإرادة سيكون له تأثير عميق في تشكيل الإدارة السياسية القادمة.
إن التأمل في هذه الحراكات والدوائر والاهتمامات ومنعطفات الوعي الوطني الذي يتشكل بسرعة هائلة بالتزامن مع سرعة طغيان سياق الإخفاق الاقتصادي والخدمي والاجتماعي الذي لم ينجز شيئا في العديد من المحافظات الجنوبية والغربية ولم يستطع أن يرفع من وتيرة النشاط العام قدر ما رفع وتيرة الاحتجاج وصعود شديد في لغة الاعتراض السياسي الذي أبان عن نفسه في تشرين ورفضه القاطع في الاستمرار بصيغة مجالس المحافظات على قاعدة كونها مجالس لخدمة القوى الفائزة… إن هذا التأمل يوجب علينا جميعا ان لا نخدع شعوبنا ونزور الحقيقة و تغرد خارج سرب اهتماماته.
إنكم تتذكرون جيدا أيام ما كنا في مجلس النواب (2010-2014) كيف استطاعت الجماهير إيقاف العمل بهذه الصيغة وعدتها واحدة من سوءات النظام السياسي وطالبت بإلغائها وما حدث أن الدولة عطلت المجالس وحلتها عن الخدمة لكنها لم تحل الصيغة نفسها وأظن أن الحراك الشيعي الذي خرج على النص باعتباره نصا دستوريا زائدا على صيغتها الرجالية باعتبارها صيغة فاسدة لن يتوقف هذه المرة عن الاحتجاج والتظاهر ومقاطعة الانتخابات إذا ما بقيت المجالس عنوانا لخدمة الحزب الفائز وجارية خادمة للتحالف المنتصر.
واستطرد، من موقع الخبرة في إدارة الشأن الأمني والمالي والسياسي والاقتصادي العام في الدولة العراقية أن لا تكررون خطأ تشكيل المجالس السابقة، لأن تكرار الخطأ سيدفع الجماهير العراقية إلى التخطيط لفعل سياسي قد يكون أكبر من الفعل السياسي الذي تفجر في تشرين عام 2019.
لا تستخفوا بمشاعر الملايين من العراقيين الذي خرجوا ضد الفساد والرشوة والمحسوبية وغياب فرص العمل ومجالس المحافظات المذبوحة على قبلة نفوذ الأحزاب السياسية و تراهنوا على اتباعكم ومحبيكم والأصوات التي يتم استغفالها بتقديم الفتات من الخدمات لها قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع لإيماني أن الرهان على الاتباع “وهم قلة في بحر النسبة الوطنية المتفرجة والبعيدة عن المشاركة” سيطعن من الناحية الدستورية و المعيارية الأخلاقية والوطنية بجوهر العملية الانتخابية ويفجر غضبا لا يمكن السيطرة عليه.
وتابع، لقد أدى العراقيون ما عليهم من احتجاج وغضب وجرحى وشهداء وسياق من الاعتراضات المستمرة على نظام الفساد السائد في البلاد وبقي عليكم إذا ما أردتم تصحيح الصورة الفاسدة وتقويم اعوجاج المسيرة المتوترة المتهالكة وبناء نموذج سياسي خدمي حقيقي يتحول الاستقرار الحالي فيه إلى استقرار ثابت هو التخلي عن منهج استحصال “الكومشن” واسترداد الأموال المصروفة على الانتخابات من تخصيصات المحافظة وتشكيل “عمق مالي” مريح جاهز لان يلعب “الدور المأمول” في انتخابات مجلس النواب القادم.
وبقدر ما سيكون هذا الطرح ملزما لنا ونحن مقبلون على الانتخابات القادمة سيكون باباً مفتوح لكل القيادات والقوى والتحالفات الوطنية على قاعدة الاجتماع من أجل ضمان الحقوق المدنية والرسالة الأخيرة التي إن لم نأخذ بأسبابها فإننا سندخل نفقا مظلما و طريقا مسدودا واشتباكا لن يسفر إلا عن اغتيال حلم الدولة التي قدم العراقيون مئات الآلاف من الأبناء وجهود تاريخية من أجله.