باريس – (رياليست عربي): أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن أمله في التوصل إلى اتفاق على إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 “في غضون الأيام المقبلة”، معتبراً أن “انقسام أوروبا” هو أحد أهداف حرب أوكرانيا، وأنه “يجب مواصلة الحوار مع روسيا”.
وأضاف ماكرون في كلمة له أمام السفراء الفرنسيين لأول مرة منذ عامين: “آمل في إتمام (إحياء) خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) في غضون الأيام القليلة المقبلة”.
يأتي ذلك بعد ساعات من إعراب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الأربعاء، عن آمله كذلك بإحياء الاتفاق النووي “في الأيام المقبلة”، بعد أن تلقى ردوداً “معقولة” من إيران والولايات المتحدة على نصه المقترح و”النهائي” في أغسطس الماضي.
كما قال منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض جون كيربي، الأربعاء، إن بلاده “تبقى متفائلة” بشأن إعادة تطبيق خطة العمل المشتركة في الاتفاق النووي مع إيران التي مازالت تطالب بـ”ضمانات أقوى” من الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق.
الحوار مع روسيا
وأشار ماكرون أمام السفراء الفرنسيين إلى أن “روسيا العضو الدائم في مجلس الأمن تنتهك حقوق وسيادة دولة أخرى (أوكرانيا) ولديها نزعه إمبريالية”، لافتاً إلى أن “جهودنا لم تنجح في التصدي لهذا الاختلال في التوازن”، واصفاً الحرب بـ”اللحظة الحاسمة في تاريخ أوروبا”.
وأكد أن الحرب “تفاقم بالفعل الانقسامات الدولية، وروسيا هي من أضرمت هذه النار والاختلالات بين الولايات المتحدة والصين، التي بقيت في معسكر الممانعة، ولكن هذا الأمر سيؤدي إلى مفاقمة الوضع وتغيير التوازن وانقسام النظام الدولي وهو ما ينبغي حله”.
ورأى الرئيس الفرنسي أن “انقسام أوروبا هو أحد أهداف حرب روسيا” على أوكرانيا، معتبراً أن “وحدة الأوروبيين أساسية” في هذا الملف، حاثاً على عدم ترك أوروبا “تنقسم”، وواصفاً ذلك بـ”التحدي اليومي”.
لكنه دعا إلى مواصلة الحوار مع روسيا من أجل “احتواء هذه الحرب ومنع عولمتها”، مؤكداً أنه “يجب أن نفترض أنه يمكننا دائماً مواصلة الحديث مع الجميع” خصوصاً “الذين لا نتفق معهم”، متسائلاً “من يريد أن تكون تركيا العضو في (الناتو) القوة الوحيدة في العالم التي تواصل الحديث مع روسيا؟”.
واعتبر ماكرون مسألة الحوار مع روسيا “أمر حتمي لتجنب تصعيد الصراع وأجل كذلك المساعدة في تحديد شروط مفاوضات السلام، وهو الأمر الذي يمكن لأوكرانيا وحدها أن تقرره”، مشدداً على أن بلاده “ستواصل دعمها لكييف اقتصادياً وعسكرياً وإنسانياً”.
وتواجه دعوات ماكرون بالحفاظ على خط الحوار مع الكرملين انتقادات شديدة إذ يعتبره البعض موقفاً ليناً مقارنة بالنظراء الأوروبيين الداعين إلى التشدد وفرض عقوبات أكثر قوة على موسكو.
وكان ماكرون قد أجرى عدة محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، آخرها اتصال هاتفي في 18 أغسطس الماضي بهدف بحث مسألة إرسال بعثة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمحطة الطاقة النووية الأوكرانية في زابوروجي والتي تحتلها روسيا منذ مارس الماضي.
الخوف من الظلام
أوضحت «فورين بوليسي» أن أسعار الطاقة في كل من ألمانيا وفرنسا وصلت إلى مستويات قياسية هذا الأسبوع، وهو انعكاس لحالة الطوارئ الكهربائية المتزايدة في القارة وفي الوقت الذي تنهار فيه الدول تحت الضغوط الاقتصادية، ما اضطر الدول الأوروبية للدعوة إلى اتخاذ تدابير يائسة لمعالجة الأزمة.
وقالت «فورين بوليسي» إنه مع تخلي أوروبا عن إمدادات الطاقة في موسكو، سارع العديد من القادة إلى تأمين صفقات وإمدادات بديلة مع دول أخرى، حيث حصلت إيطاليا على المزيد من الغاز من الجزائر، بينما اتجهت دول أخرى إلى أذربيجان والنرويج وقطر، كما أعربت ألمانيا عن أملها في إبرام صفقة جديدة للغاز الطبيعي المسال مع كندا، والتي كانت بدورها أقل تفاؤلاً إلى حد كبير، كما استثمر آخرون بشكل كبير في البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال، حيث تتسابق ألمانيا لبناء خمس محطات عائمة للغاز الطبيعي المسال، وتستعد هولندا وفنلندا وإيطاليا لمزيد من الوحدات العائمة لاستيراد الغاز.
وقال «مونتون» إن أوروبا عادة في فصل الشتاء «تستخدم الكثير مما لديها في المخازن، بينما تستورد في نفس الوقت الكثير من الغاز من مصادر أخرى»، مشيرًا إلى أن أوروبا تحتاج إلى كليهما، لكن بينما نفكر في هذا الشتاء، هناك تهديد حقيقي للغاية بعدم وجود أي غاز روسي على الإطلاق، ففي السابق كان الغاز الروسي يوفر نحو 40% من الواردات الأوروبية.
وأضاف «مونتون» أنه بدون إمدادات غاز روسيا في الشتاء، ستضطر الدول الأوروبية إلى الاعتماد على واردات الغاز الطبيعي المسال بدرجة أكبر من الموردين، مثل الولايات المتحدة، والمشكلة هي أن آسيا- وهي سوق أكبر للغاز الطبيعي المسال- تتنافس أيضًا على نفس الإمدادات، مما يعني أن الأسعار ستكون دائمًا أعلى من الغاز القديم عبر الأنابيب من الشرق، مشيرًا إلى أن هذه هي الأزمة التي تواجهها أوروبا والعالم.
من جانبه، قال جيسون بوردوف، المدير المؤسس لمركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا والمساعد الخاص السابق للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إن هناك الكثير مما يمكن للدول فعله لدعم إمداداتها.
وقال بوردوف إن القادة الأوروبيين عليهم أيضًا النظر إلى الداخل واتخاذ إجراءات واسعة النطاق لتوفير الطاقة للمساعدة في الحد من استخدام الكهرباء، مشيرًا إلى أن تعطيل محطات نووية إضافية في وسط أسوأ أزمة طاقة شهدتها أوروبا منذ وقت طويل للغاية أمر مضلل.