طرابلس – (رياليست عربي): أحدثت قرارات صادرة عن الحكومة الليبية بحق بعض المؤسسات الإعلامية، منها إقفال عدة قنوات كانت تابعة للحكومة المؤقتة في شرق البلاد، وكذلك بعض المراكز الإعلامية والإذاعات، وإحالة تبعية أخرى لرئاسة الحكومة وبعض الهيئات التابعة لها.
وبحسب خبراء إعلاميين فإن واقع الصحافة والإعلام في ليبيا، يشهد تدنٍّ كبير في الأداء، كما أن مؤشر حرية الصحافة لهذا العام، يضعها في المرتبة 165 عالمياً و16 عربياً، وكل الأرقام والإحصائيات الدولية تشير إلى تراجع مخيف في حريات الصحافة وعمل المؤسسات الإعلامية.
وأوضح الخبراء في تصريحات خاصة لوكالة “رياليست” بأن ما يحدث في الوسط الإعلامي في ليبيا، لا يختلف كثيراً عما يحدث في الإعلام العربي، غير أنه في ليبيا تظل مسألة التمويل المشبوه أكثر خطورة وإحالته إلى منصة منفلتة بلا ضوابط ويغذي خطاب كراهية، وصارت أغلب القنوات والإذاعات تعبّر عن وجهة نظر الممول وتوجهه السياسي، في مقابل غياب إعلام مستقل مهني، بالإضافة إلى شبه انقراض للإعلام الرسمي أو الحكومي بسبب عدم تطوير التشريعات، وتأخر قيام الدولة.
ويرى الخبراء بأنه لا بد من التفريق بين تعددية وسائل الإعلام التي يفرضها الواقع السياسي في ليبيا، وتقاسم السلطة بين التيارات السياسية التي تمتلك مجمل وسائل الإعلام، وبين حرية الإعلام التي تُعتبر المعيار الرئيس الوصول الحر للمعلومات، غير أن ما اتبعته حكومة الوحدة الوطنية، ستكون له ارتدادات خطيرة على واقع الإعلام الليبي، خصوصاً أنه أفرغ جهات الشرق والجنوب، من وسائل إعلام وقنوات لها أكثر من 8 سنوات تعمل من هذه المناطق.
وتظل محاولة إيجاد خريطة فاعلة للإعلام الليبي، لن تتحقق إلا في وجود مناخ سياسي بثوابت وطنية، ودولة قوية، وتشريعات صادرة عن جهات رسمية مهنية، بدون ضغوط من أي نوع، حتى يتمكن المختصون من معاينة مظاهر الاختلالات التي شوّشت على سياسة الخطاب الإعلامي داخلياً، وسطّحت كثيراً من رؤاه وجعلت أدواره غائبة محلياً وعربياً وإقليمياً.
ووفق الخبراء يظل هناك خلط لدى المسؤولين الحكوميين في ليبيا بين مفهومي “الرقابة والتنظيم” ويعتقدون بأن الأمرين يؤديان إلى نفس النتيجة، والتي تعني عندهم التضييق على الحريات والحد من العمل الإعلامي، موضحين بأن هناك فرق شاسع بين الأمرين، فبينما تعتبر الرقابة خصوصاً “رقابة الدولة” معرقلة للصحفي بحسب طبيعة الحكم، غير أن التشريع مهم جداً للعمل الاعلامي، لأنه معني بالتأسيس والتطوير والمرجعية القانونية، لعمل وسائل الإعلام بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار الخبراء إلى أن أغلب محاولات تطوير التشريعات القانونية سواء من الدولة، أو من مؤسسات المجتمع المدني تفشل كنتيجة للخلط بين مفهومي الرقابة والتنظيم، باعتبارهما يكبّلان ويقيّدان العمل الصحفي، مؤكدين بأن القرار الصادر عن حكومة الوحدة الوطنية، بوقف عمل عدة مؤسسات كانت تابعة للحكومة المؤقتة، بينما ترك أغلب القنوات التي كانت تتبع حكومة الوفاق، كما أن قرارات الحكومة الحالية بإقصاء بعض الكفاءات المعروفة، وتكليف شخصية جدلية على رأس الإشراف على مؤسسات الإعلام وهو وليد اللافي، أحد الشخصيات التي قادت وسائل إعلام تبنت خطاب الإرهاب والكراهية، منذ ترأسه لقناة النبأ لمالكها عبد الحكيم بالحاج أحد قيادات تنظيم المقاتلة الليبي، والتي كانت تبث التقارير المصورة لقيادات ومجموعات إرهابية في بنغازي ودرنة قبل سيطرة الجيش عليهما.